أسامة بن لادن، هذا الرجل الذي ولد بالرياض لأم سورية وأب من حضرموت، كان في حياته حديث الرأي العام الدولي، ولم تزل اخباره تتصدر وكالات الأنباء رغم مقتله على يد القوات الأمريكية الخاصة في باكستان، والتي مازالت تفاصيلها غامضة، فكيف يرى رجال الدين- على إختلاف توجهاتهم- هذا الحدث، وكيف يفسر المحللون كافة التداعيات في امريكا ومن القاعدة!؟ يقول الشيخ الدكتور يوسف البدري، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إننا نعيش اليوم دنيا القطب الواحد وهو أمريكا، التي ليس هناك من يردعها أو يتصدى لها، وما حدث في العراق وأفغانستان وغيرها أوضح دليل، وأخيرا ما حدث مع أسامة بن لادن من تمثيل بجثته بإلقائها في البحر دون أن يراه أحد، زاعمين أنهم عرضوا جثمانه على بعض الدول الإسلامية، ولكنهم رفضوا تسلمه، وهذا كذب وافتراء، لأنه لم يحدث، وأقول للأمريكان أن التمثيل بجثمان بن لادن لن يضره، وأن قبره سواء كان في قاع البحر أو في قمم الجبال، فهو مجرد قبر ولن يضر صاحبه، ونتذكر قول أسماء بنت أبي بكر لإبنها عبد الله بن الزبير عندما قال لها يا أمي أخشى إن مت أن يمثلوا بي، فقالت له جملتها المشهورة، يا بني، وهل يضر سلخ الشاة بعد ذبحها!؟ وأنا أقول أن أسامة بن لادن شهيد، يسري عليه ما يسري على الشهيد، فهو حي عند ربه يرزق، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الشهيد لا يشعر بالضربة إلا كما يشعر أحدكم بمس العود"، ولهذا أقول أن إقامة صلاة الغائب عليه واجبة، وأنا صليت بعد صلاة الجمعة بعد ما خطبت في الناس صلاة الغائب بالمصلين في المسجد الذي كنت فيه، وإن كان هناك خلاف في صلاة الغائب فالبعض يراها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم عندما صلى على النجاشي عندما مات في الحبشة والنبي في المدينة، ولكن الأرجح أنها عامة للمسلمين، لذا فأقول أن من صلى على أسامة بن لادن صلاة الغائب فهو على حق إن شاء الله. أما عن ردود أفعال القاعدة فيجب أن تقتصر على العسكريين الأمريكيين فقط الذين يجب أن يؤخذ منهم القصاص، سواء في أمريكا أو في العراق أو في أفغانستان أو في أي أرض يستعمرون أهلها، أما ضرب وترويع المدنيين في أمريكا أو قتل السائحين في أي مكان فهو حرام ولا يجوز،لأن هؤلاء يدخلون في إطار أهل الذمة والعهد الذين لا يجب قتلهم وقد قال الله تعالى في سورة التوبة" وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه"(6)، أما الشيخ الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر السابق فأكد أسامة بن لادن مسلم ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وعلى ذلك فإن إلقاء جثمان الميت المسلم في البحر يعد جريمة وتمثيلا لا يصح ولا يجوز، لأن حرمة جسد الميت كحرمة جسد الحي،ولأن المسلم عندما يموت يجب تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ثم دفنه، أما ما فعلته أمريكا فهو جريمة منكرة،وعملية إنتقام من الجثة تحمل معنى التشفي والتمثيل، فأمريكا التي ترتدي ثوب الحرية ما كان ينبغي أن تفعل ذلك، فالذي يطالب الآخرين بتطبيق الحرية يجب أن يلتزم هو بتطبيقها وإعطائها للآخرين. ويتفق الشيخ عاشور مع البدري حول صلاة الغائب فيقول أن أما ما قام به جماعات من المسلمين في بعض المساجد من إقامة صلاة الغائب علي بن لادن،بعد صلاة الجمعة الماضية، فهو جائز ولا خلاف فيه لأنه كما قلت إنسان مسلم مات ولم يصلي عليه أحد، لذا تجوز عليه صلاة الغائب بغض النظر عن ماهيته وإنتماءاته وأفكاره ومنهجه وأفعاله، لأن هذا كله يحاسبه الله عليها وليس نحن.