تصوير: محمد اللو لم يكن يحلم منذ تخرج من حقوق الأسكندرية، بأن يأتي يوم يرشح نفسه فيه ليكون رئيسا لمصر، أصبح استاذاً للقانون الدولي والعلوم السياسية، وبالرغم من دخوله مجال السياسة الخارجية كسفير وكمساعد لوزير الخارجية، إلا أنه رفض أن ينفذ سياسة لا يرضى عنها، وتوجيهات تتعارض مع قناعته الشخصية ،فاستقال من العمل الدبلوماسي، وكأنه يعد نفسه ليكون رئيسا لمصر، فما هي القصة الكاملة لترشح السفير الدكتور عبد الله الأشعل لرئاسة مصر، يرويها في الحوار التالي مع موقع أخبار مصر، فإليكم التفاصيل: لماذا ترشحت لمنصب رئيس الجمهورية؟ -الفكرة بالنسبة لي ليست جديدة، وإنما هي فكرة قديمة جاءت في يناير 2010 عندما اشتد الحديث عن التوريث وبدآ الناس يتساءلون من البديل، عندها فقط فكرت في ترشيح نفسي متحديا للنظام والمادة 76، وعندما سافر حسني مبارك إلى ألمانيا في مارس 2010 ، سألوه ، هل تنوي تعديل المادة 76؟ فأجاب متهكماً:"ولم نعدلها ، فليتوجه الجميع ويترشح في الأحزاب، بدلا من جلوسهم على المقاهي"، فذهبت أبحث عن تلك الأحزاب ، فلم أجد في مصر إلا دكاكين تسمي نفسها معارضة، وذلك من سخرية القدر، لأنها من صنع النظام الذي إستطاع أن يفرز لنا عددا من الشخصيات العبثية، وأخص بذلك صفوت الشريف، حيث استخدم الحياة الحزبية لإفساد الحياة السياسية وإفساد طبقة كاملة من المواطنين. كيف ترى الأحزاب و الحياة الحزبية في مصر؟ -مصر ليس فيها أحزاب ولا حياة حزبية، ولم تعرف يوماً معنى الحزب السياسي طوال تاريخها، حتى في العصر الليبرالي ، العصر الملكي، كانت كلها أحزاب ورقية، وكان الباشوات وقتها هم أصحاب ورؤساء الأحزاب وكان الفلاحون الأميون الذين يعملون عندهم يتبعونهم،ويؤيدونهم حتى قيل في وقتها" لو أن الوفد رشح حجرا لانتخبناه"، وهذا يدل على أنه ليس لدينا أحزاب برامج، والسؤال الآن هو كيف يمكن أن ننشئ أحزابا سياسية حقيقية، تصبح مدارس للتنشئة السياسية، فيجب أن يعرف الناس ما هو الدور السياسي الذي يجب أن يقوم به الحزب وما هو معنى الحزب، وما هي وظيفته؟، والأحزاب نوعان؛ أحزاب برامج، وأحزاب أشخاص، حتى الآن ستكون أحزاب أشخاص، لأن الحزب الوطني المنحل ،على سبيل المثال، كان حزباً له برنامج ولكنه كان زائفا وكاذبا، ففقد المصداقية، والناس في هذه المرحلة كفرت بكل شيء، ولهذا أقول أن المناخ السياسي الآن أشبه بالتربة الزراعية، التي تحتاج إلى فحت وتقليب وتطهير وتشميس ثم إنتقاء البذرة الصالحة القوية والسماد المناسب مع مراعاة الزرع بالري وخلافه، حتى نحصل على النتائج المرجوة ونجني محصولاً وفيراً طيباً، فاليوم نحن نزرع لأول مرة في مصر من الناحية السياسية، لأول مرة ينتخب المصريون حاكمهم، ففي العصر الفرعوني مثلا كان الحاكم إلاهاً. كيف كانت الفترة التي عملت فيها بالخارجية كسفير ثم كمساعد لوزير الخارجية؟ -أنا عملت كسفير لمرة واحدة فقط، في بوروندي، وكانت هذه ضمن سياسة النظام للعقاب وتحجيم الكفاءات، فهل من المعقول أن يذهب واحد معه خمس شهادات دكتوراة إلى بوروندي، فيما يصبح آخر يحمل ليسانس سفيرا في واشنطن، ومن المضحك أنه كان هناك تقرير رسمي عني من الخارجية يقولون فيه عني " أنه يعاني من الإفراط العلمي والأكاديمي"، وكتبت هذا من اسباب إستقالتي، كيف أن دولة تقول في دستورها أنها تشجع العلم والعلماء، ثم يحاربونني لتعدد نشاطاتي العلمية ويصفوني في هذا التقرير الرسمي الصادر وقتما كان عمرو موسى وزيرا للخارجية، بهذا الوصف وكأنه إتهام، كيف ذلك!؟ وأنا بذلك لا أتكلم عن أشخاص، لأن عمرو موسى كان وزير للنظام ينفذ التعليمات، وكان هذا من اسباب إختياره، لهذه الفترة، ثم خلفه أحمد ماهر الذي لم أكن في وفاق معه، فحدث الصدام واستقلت في 2003، ومع ذلك طوال عملي كسفير كنت أعمل بما يتوافق مع قناعاتي وشخصيتي سواء كان يتفق مع السياسة والتوجه العام للدولة أم لا، ودفعت ثمن ذلك، الحجب الكامل عن أجهزة ووسائل الإعلام الرسمية، وتضييق النطاق في كل مجالاتي وأنشطتي وتحركاتي. ما هي ملامح برنامجك الانتخابي الذي سيختارك الناس على أساسه؟ -بداية، ما أسهل أن يضع الإنسان برنامجا إنتخابيا عظيما، وهناك أماكن وجهات معروفة تستطيع أن تضع لك أفضل برنامج إنتخابي، أولم يكن برنامج حسني مبارك ممتازا، ولكن ماذا أنجز منه، وماذا حدث في نهاية الأمر، فأنا ضد هذا الكلام، فهناك معايير كثيرة يمكن من خلالها الحكم على الإنسان، منها؛ تاريخه وشخصيته وتكوينه العلمي والثقافي والمهني، فمن كان وزيرا في النظام السابق، فهذا نقيصة فيه وليس شرفا له. والسفير عبد الله الأشعل، ألم يكن يوما ينتمي لهذا النظام السابق؟ -لا، فهناك فرق بين مساعد الوزير أو السفير، الذي يعتبر جزءاً من التركيب الإداري للدولة، وبين الوزير،الذي هو صاحب قرار ويمثل كيان الدولة، وأذكر واقعة مثبتة في سجلات وزارة الخارجية، جاءتني التأشيرة فيها تطلب عدم إثارة ذلك الموضوع، والقصة هي أنه عندما كنت اعمل في القنصلية المصرية بإحدى الدول العربية، حدث أن سحبت السلطات في تلك الدولة جوازات السفر من بعض الأطباء المصريين عند دخولهم، وطالبتهم بالتنازل عن جنسيتهم المصرية، ولماذا، لأنهم كانوا يحملون جوازات سفر ألمانية لأنهم كانوا يعملون هناك لسنوات عديدة، وهي التي دخلوا بها، فلما علمت بالأمر أرسلت للوزارة أطلب التدخل لأن مصر بلد حرة وليست محتلة ولا يحق لأحد سحب جواز سفر أحد أبنائها في أي مكان ولا يطالبه بالتنازل عن جنسيته، فما كان من الوزارة إلاأن أرسلت لي التأشيرة التي ذكرتها، وهي تطلب مني عدم التدخل وعدم إثارة الأمر.، لهذا لم أكن يوما أنتمي لهذا النظام. نعود لبرنامجك الانتخابي وأهم ملامحه؟ -يحمل برنامجي عنوان "مشروع الإحياء القومى لمصر" وهو يعد رؤية للنهوض بمصر بعد سوء الأوضاع خلال فترة النظام السابق،ويشمل البرنامج عدة خطوات للنهوض بمصر أولها إعادة القيم المصرية من خلال الرجوع إلى ما تنادى به الأديان السماوية مثل "التكافل والعدل والتراحم"،كما اهتم في البرنامج بتنمية موارد القطاع الزراعى باعتباره أكبر المشاكل التى تواجهها مصر من خلال الاكتفاء الذاتى بتلك الموارد الغذائية بإعادة النظر فى المشاريع القومية مثل "توشكى وترعه السلام"، فى ظل توافر الموارد الأساسية مثل "المياه" والتى اقترحت عمل وزارة لها خاصة ب "النيل" تقوم على الاهتمام بمصادر المياه وترشيدها وتعظيم تلك الموارد.، وسأعمل على عودة قيمة الجنيه المصرى إلى ما كان عليه فى ستينيات القرن الماضى بهدف حل أزمة ارتفاع الأسعار التى يعانى منها الشعب المصرى، بالإضافة إلى أني وضعت مدة زمنية لا تتجاوز الأربع سنوات، وهى المدة الأولى للرئاسة، لحل أزمة البطالة، وشمل البرنامج طرح اقتراح على المصريين فى الخارج بإنشاء بنك أو صندوق مالى لهم داخل مصر ليستثمروا من خلاله أموالهم داخليا فى إعادة النهوض بالاقتصاد المصرى. كما أكدت على ضرورة مراجعة كل الاتفاقيات فى ضوء المصلحة المصرية وخاصة تلك الاتفاقية لتصدير الغاز المصري لإسرائيل، وهناك معالجة لقضايا أطفال الشوارع والعنوسة ومشاكل التعليم والصحة ، وملفات كثيرة، وأعود وأقول أن الكلام ووضع البرامج شيء سهل، ولكن المهم هو الالتزام وتحقيق البرامج. دكتور عبد الله، الا تتفق معي في ان كل المرشحين تكاد محاور برامجهم تتطابق، فكيف يستطيع المواطن أن يفرق بين الصادق وغير الصادق، كيف ستتعامل أنت مع هذه الملفات؟ - الأمر بسيط جدا، بالنظر والبحث عن أصل وجذور المشكلة ومعالجتها، لأنهلا يكفي وضع العناوين لحل المشكلات، فمثلا مشكلة أطفال الشوارع التي تعتبر دخيلة على المجتمع المصري تعود أسبابها إلى التفكك الأسري والتفسخ الأخلاقي والفقر المتقع والأمية المتفشية والبطالة المتزايدة، فإذا عالجنا الأسباب وقضينا عليها فقد حللنا المشكلة بشكل غير مباشر، وهذا ينسحب على كل المشاكل والقضايا. الحكومة، ما هو السبيل الأمثل لتكوين الحكومة في مصر؟ -الانتخاب والاختيار العادل، وأتصور لتحقيق ذلك أن يتم الإعلان عن تشكيل الحكومة، وأن من يجد في نفسه الصلاحية لشغل هذا المنصب في مختلف الوزارات فليتقدم بسيرته الذاتية وإنجازاته وتاريخه في هذا المجال، ثم يتم إختيار اصلح العناصر لتولي هذا المنصب، وتتم هذه الخطوات بشكل علني وشفاف حتى يطمئن الناس لولاء من يتم إختياره، وأرى أن يتم مثل ذلك في المحافظين ومختلف المناصب القيادية، حيث يتقدم من أبناء المحافظة من يرغبون ، ويصلحون، ثم يقوم أهل هذه المحافظة باختيار من يرونه مناسبا، وبذلك يظل ولاؤه لأبناء المحافظة، فيحافظ على مصالحهم ويعمل على خدمتهم.