لم تبخل التقنيات الحديثة على القطاع الصحي كثيراً، فمعظم التطورات التي شهدتها البشرية في عالم الطب تزامنت مع تطوير الخبراء لأنظمة تقنية معقدة تلبي احتياجاته، وهو ما انعكس إيجاباً على أداء الأطباء والباحثين والمرضى معاً. لكن آخر تقليعات التقنية التي تحاول جاهدة فرض نفسها على القطاع الصحي هي البطاقات الذكية التي تحاول دخول جيوب المرضى وملفات الأطباء بدلاً من البطاقات البلاستيكية الصماء، والتي أثارت أسئلة كبيرة حول مستوى الأمان والسرية فيها، ومدى قدرة قراصنة المعلومات وتجار السوق السوداء الجدد من انتهاك خصوصية المرضى وبيع قواعد البيانات التي تخص شعوباً كاملة. وفي الوقت الذي يقلل فيه خبراء التقنية من المشكلات الأمنية المحيطة بتطبيق نظام البطاقات الصحية على المستوى الوطني، لقناعتهم بأن طرق حماية البيانات الحديثة متطورة وقادرة على منع التسلل إليها، يرى بعض العاملين في القطاع الحكومي أن طرح هذه البطاقات الذكية وبرغم الفوائد التي ستجنيها الحكومات مالياً وصحياً ستفتح أبواباً كثيرة من المشكلات. وذكر أحد المسؤولين في وزارة الصحة أنه بالرغم من وجود توجه إلى استخدام بطاقات الصحة الذكية إلا أنه من المبكر الحديث عن النتائج النهائية لهذه التقنية الوليدة في الدولة، مشدداً على أن كافة السجلات المدونة فيها ستكون محمية بالقانون الاتحادي للدولة ولن يسمح لأي جهة أخرى باستخدامها لأي أغراض أخرى. ولعل ما حدث في بعض الدول المتقدمة من حالات سطو على بيانات نقابات المرضى والأطباء وحتى وزارات الصحة يثير حفيظة بعض الناشطين في مجال حقوق الملكية الفكرية. فهناك قلق كبير من نجاح قراصنة المعلومات في الاستيلاء على قواعد البيانات وبيعها لشركات التأمين أو الأدوية أو المنتجات الاستهلاكية أو حتى لجهات أمنية خارجية لتستفيد منها في أبحاثها وخططها التسويقية. بل إن هذه البيانات ستثير شهية بعض الأجهزة العسكرية في أميركا مثلاً والتي تبحث عن الجنود الخارقين كما نشاهده في أفلام هوليوود، لأنها ستتمكن من فرز الأفراد الأكثر مناعة وقوة بكبسة زر واحدة على نتائج تحليل الدي أن أيه. فما قصة البطاقات الصحية الذكية تلك وهل فعلاً ستشكل علامة فارقة في المستقبل الطبي أم أنها مجرد بطاقة بلاستيكية لن تقدم أو تؤخر! بطاقات بسعة 10 غيغا بت وأكد رعد العسكري رئيس شركة غلوبال انتورميشن تكنولوجي أن الهاجس الذي يشغل الجميع هو كيفية حماية الكم الهائل من المعلومات الحساسة التي تتعلق بخصوصية ملايين البشر، وهو ما يثير قلق الحكومات التي ترغب أحياناً كثيرة في احتكار مثل هذه المعلومات لنفسها لتستفيد منه بطريقتها. وقال إن البطاقة الذكية هي عبارة عن قرص (سي دي/دي في دي) طولها 5. 8 سم وعرضها 6 سم وسمكها 2. 1 ملم، وتتراوح سعتها التخزينية ما بين 45 ميغا بت و1000 ميغابت، ويمكن إضافة البيانات الرقمية إليها سواء أكانت صفحات إنترنت أم عروضاً متعددة الوسائط أم صور أشعة أم كشوفات وتحاليل أم غير ذلك. وفي حال عدم توفرها بالصيغة الرقمية يمكن تسليمها إلى الشركة على شكل وثائق ورقية لتقوم بإدخالها إلى البطاقة وفق طلب العميل، ويمكن إضافة لمسات شخصية على البطاقة الذكية تماماً مثل بطاقات الزيارة، ويمكن إضافة البيانات السرية والأرقام والشفرات إلى بطاقة التعريف الرقمية تلك. وقال: يتكون نظام (ماجي كير سيستم) الذي طورته شركتنا من أجزاء الكترونية تعتمد على تقنيات بصرية تخزن معلومات ضخمة يمكن قراءتها من أي جهاز كمبيوتر، ولن يمكن لأحد قراءتها إلا من خلال المرور عبر 5 مراحل تعريف أولها بصمة العين والإصبع وكلمات المرور. مضيفاً ان أهم ما يميز هذا النظام هو الأمان والسعر المنافس ومرونة استخراج البيانات في الظروف الطارئة، بحيث يمكن لسيارة الإسعاف فور وصولها التعرف على تاريخ المريض. وإذا كان المريض في غيبوبة فإن الطبيب المخول من طرفك أو أحد أفراد العائلة سيتعرف على المعلومات الأساسية إلى أن يتم الاتصال في بلدك الأصلي. كما أن هذا النظام لا يحتاج إلى الربط مع قاعدة بيانات مركزية للتعرف على المعلومات الخاصة، كما أن كلفة البطاقة الذكية لا يتجاوز 10 دولارات. مشيراً إلى أن هناك عقداً حصرياً مع الحكومة الباكستانية قيد التنفيذ، بالإضافة إلى سويسرا و19 مستشفى خاصاً في ألمانيا، وهناك عقد مع وحدات الطيران في الاتحاد الأوروبي. وقد بلغت قيمة الاستثمار في هذا المشروع خلال سنتين من الأبحاث والتطوير 25 مليون درهم من مجموعة عسكري. وقال إن هناك شركة كبيرة أخرى أنتجت نظام بطاقات صحية ممغنطة إلا أنها تعاني من بعض المشكلات الفنية إضافة إلى ضيق سعة البطاقة، فالشريط الممغنط عرضة للتلف بسبب الأشعة والحرارة. موضحاً أن البطاقة الحيوية بما تحويه من بيانات ستكون مرتبطة بموقع الكتروني يمكن الدخول إليه من أي جهاز كمبيوتر ليتمكن المريض من تسجيل بعض الملاحظات الطبية المتعلقة بآثار جانبية عند تناوله دواءً معيناً. كما يمكن لحامل البطاقة تخزين مختلف البيانات الشخصية من رقم وصورة جواز السفر وكذلك رخصة القيادة وملفات صحية خاصة بالحيوانات المدللة وكل ما يحتاجه من معلومات. وأضاف: لقد بدأت بتطوير هذا المشروع قبل خمس سنوات من مدينة دبي للانترنت، ونعتز بأن تكون مدينة دبي هي الحاضنة الأولى لهذا الاختراع، والمنصة الأولى لإطلاقه رسمياً. مؤكداً أن هذا النظام الذي سيتم توزيعه يحتاج إلى قاعدة بيانات متشعبة يستقيها من مصادر أهمها وزارات الصحة ومركز البيانات الوطني وشركات التأمين ونقابات الأطباء والصيادلة، ففي حال تم صرف دواء لمرضى الضغط وتسجيله على البطاقة ستقوم البطاقة بمراجعة كل الأسماء التجارية للدواء ومقارنتها بسجل الحساسية لتلك الأدوية، وفي حال كان المريض لديه حساسية فستنبه الطبيب إلى ذلك. وستسمح البطاقة بتوفير الوقت وإنقاذ حياة المريض بفضل توفير كافة البيانات عنه.