من سنوات وقف كاتبنا الكبير توفيق الحكيم يمسك المقشة وراح يكنس جانبا صغيرا من الشارع ووقف الخلق يتفرجون على ذلك. ولم تتكرر هذه الحادثة. فقد ظن الناس أن توفيق الحكيم سوف يكنس شوارع مصر. ولم يفعل ولا كان من المعقول أن يفعل. وانتهى الأمر على صور للحكيم وهو يكنس! وبس! وجاء شباب ثورة يناير يكنسون الشوارع ويلونون الأرصفة والكباري, وكان رد الفعل عند الناس الإعجاب والتصفيق لهم.. ويبدو أن الناس ظنت أن الشباب سوف يكنسون مصر. والناس يتفرجون.. وإذا كان لهم فاقتراحات بمقشات من نوع آخر أو ألوان مختلفة. وبس! مع أن المعني أن يفعل الشباب من كل لون ومذهب بتنظيف أو الدعوة إلى تنظيف الشوارع والسلالم والبيوت، وبمنتهي الصراحة: مصر أقذر البلاد العربية، وكلنا يعرف ذلك، ولا داعي لأن أذكر البلاد الغربية والأمريكية، بعض الناس يقول لك: عددنا كبير ولكن الصين أكبر منا 20 مرة.. أسأل الذين زاروا الصين كيف رأوها وكيف رأوا سنغافورة الصينية أيضاً وعددها أصغر من مصر 20 مرة، إن شوارعها تلمع.. والغرامة للورقة التي يلقيها أحد في الشارع وغرامة أكبر لبقايا السجائر وغرامة أكبر للبان الشيكلس. فليس العدد وإنما هي الثقافة، التي تجعلنا نؤمن بنظافة اليد والشارع, واقرأ كيف يدربون أطفالهم الصغار على فهم علامات المرور واحترامها! أذكر أنني رأيت طفلة صغيرة أرادت أن تلقي بورقة في صندوق الزبالة فلم تتمكن من ذلك لأن ذراعها قصيرة, وحاولت ووقفت أمها إلى جوارها تنتظر محاولاتها. ولم تساعدها. وإنما تركتها تحاول وتحاول حتى نجحت فقبلتها. ومر أحد السخفاء فقال للأم: بنتك سوف تكون كناسة في المستقبل.. هاها! بل هو الذي لا يحترم المحاولة ولا يحترم النظافة والنظام والتربية وهو الذي لن يفلح في شيء ولا في أن يكون زبالا! نقلاً عن صحيفة الأهرام المصرية