أول لقاء كان بالصوت والصورة على برنامج "سكايب" وحاليا بحبها ساعات عبر جهاز"بلاكبيري"..هكذا اعترف "محمود مسعد " مرشد سياحى شاب بالحب الالكترونى . وتابع "لم أعرف خطيبتى من قبل إلا فى حفل بالنادى وطلبت من صديقة لنا ترتيب الاتصال بها ثم انتظرت شهرين قبل أن توافق على التعارف المباشر ، وحاليا أفكر جديا فى الزواج منها بعد قصة حب سريعة عن بعد "! . فيبدو أن التكنولوجيا غيرت شكل الحب فى عصر الانترنت و"الواتساب " ، وأن مقولة " نظرة، فابتسامة، فسلام فكلام، فموعد، فلقاء " المعبرة عن الشوق والترقب بين المحبين تحولت الى لقاء فموبايلات ورنات، وبينى وبينك "ايميلات وما تنساش البوستات" بل إن هدايا الأعياد قد تقتصر على زهور وقلوب الكترونية أو الاشتراك فى لعبة الفلانتين أوتبادل رسائل العشق والغرام الجاهزة أما أوقات الخصام والهجر، فيسبقها "بوست " :" هاعملك ديليت أو بلوك على حسابى الالكترونى وموبايلى " بدلا من "رجع جواباتى" !. والتساؤل الذى يطرحه موقع أخبار مصر :هل خصمت شبكات وبرامج التواصل الاجتماعي كثيراً من رصيد الدفء والرومانسية بين العشاق والأزواج أم أضافت إليها سحرا عصريا ؟.
مجرد شقاوة الكترونية أحمد حسين مهندس يرفض هذا اللون من الحب ويعتبره شقاوة قائلا :تعرفت على 20 فتاة من خلال تقنية "هوزهير" ، لكن في كل الأحوال نعيش قصة حب قصيرة لتبدأ اخرى بخبرة جديدة ولا أشعر بمتعة لافتقاد صدق المشاعر وجمالها واقتصارها على الدردشة وتبادل بطاقات الكترونية جاهزة صممت خصيصا لمناسبة عيد الحب، ابعد ماتكون عن المشاعر الحقيقية، لأنها معلبة جاهزة للاستهلاك من خلال "أيقونات " مثل : "لايك" و"كومنت" و"ريتويت" و"شير ". وأكد أحمد عدم اقتناعه بنجاح علاقة تبدأ في عالم افتراضي ومع اشخاص ربما لا نعرف حتى اسماءهم الحقيقية أوأعمارهم او بيئتهم وظروفهم الاجتماعية. ويكمل " أي فتاة توافق على مقابلتي وتدخل في علاقة معي في هذه الطريقة، ستقابل غيري بالطريقة نفسها بعد زواجنا ، وبالتالى حتى لو أحببتها لن أتزوجها ، فالحب من غير أمل أسمى معانى الغرام". صدمات وانتهاكات أما "ع، خ " موظفة علاقات عامة ، فحذرت عن تجربة شخصية من خطورة هذا اللون من الحب قائلة "معظم العلاقات انتهت بصدمة أو فضيحة بعد الحب وتبادل الصور والرسائل ،فقد يستغل بعض المرضى وسائل الاتصال الحديثة فى التباهى بايقاع أكبر عدد من الفتيات ونشر خصوصياتهن على الملأ علاوة على حدوث حالات انتقام الكتروني بين أحبة لم تكتب لقصص حبهم النجاح ، قد تصل الى التشهير بطرف من قبل الاخر. وتابعت بابتسامة ساخرة " الشات يعشق قبل العين أحياناً " ..فكم صورة طلعت مزيفة واحيانا تكون الحكاية كلها مقلب من زميل راجل متقمص شخصية زميلة وتتحول القصة الى فضيحة وتمس بنتا لاذنب لها . فالتكنولوجيا الحديثة ألغت خصوصية العلاقة بين طرفين، كما أنها جعلت كل عاشق يقتحم خصوصية الآخر في كل الاوقات ، وهذاماجعل لميس معيدة باحدى الكليات النظرية بجامعة القاهرة تفسخ خطوبتها لأن غيرة خطيبها تطورت من رفض حديثها مع الزملاء والتحكم فى ملابسها وأوقات خروجها الى التلصص على صفحتها الخاصة على الفيسبوك وتويتر والرد على موبايلها دون استئذان لمجرد الشك !. رسائل .. جاهزة وقال كريم عزيز –طالب فى تجارة عين شمس – إن التقنيات الحديثة مثلما قللت الزيارات بين الأهل والأصدقاء فرغت الحب من سحر وقيمة التواصل الانسانى العاطفى ، فالموبايل يتيح لى الاتصال بمن أحبها ولكن المكالمة لاتعادل روح اللقاء بما فيه من الابتسامة والود المتبادل. ويرى أن العلاقات العاطفية كانت أعمق قبل هذه الشبكات بينما الآن حيث أصبحت أكثر اللقاءات معتمدة على الرسائل أو الصور متعجبا من الأيام التي كان فيها الشاعر العاشق يمضي سنين عمره في نظم قصيدة تعبر عن مشاعره تجاه من يحب مثل أشعار عنتر فى غزل عبلة ، واصفا حديث الحب هذه الايام بالجاهز المطبوخ مسبقا مثلما صارت أغانى الغرام والآهات والابتسامات موضة قديمة ومملة . بينما حلت رحاب علي – سكرتيرة – مشكلة جفاف الحب الالكترونى بتخصيص وقت للتواصل الاجتماعي واخر للقاءات العائلية حيث إنّ لغتي الجسد والعيون مهمتان وتجعلان وصول المعلومة أسرع وأكثر وضوحاً وتأثيراً وتعزز العلاقة بين المتحدث والمستمع، فرغم أهمية الشبكات الاجتماعيّة لكنّها لا تلغي دور التواصل المباشر بل يجب ألا تطغى عليه، بل ترى أنها ازدادت قربا من خطيبها عبر كثرة التواصل عبر هذه الشبكات معهم. وتخشى رحاب أن تجعل سهولة الاتصال واللقاءات السريعة الحب سهلا ورخيصا وما يأتى سريعا يذهب سريعا،فزمان كان المحب يتعب كثيرا ليرى محبوبته أويسمع صوتها أما الآن بنظرة إلى «سكايب» يرى الشاب حبيبته بالصوت والصورة أو يراسلها من خلال رسالة فى أقل من ثانية تصلها على "الواتس آب" أو "اللاين" أو"فايبر" ، بينما كان روميو ينتظر حبيبته جولييت تحت "البلكونة" لتحن عليه !. نفقات حب "الموبايل" ورغم أن برامج الموبايل والانترنت أتاحت الاتصال فى اى وقت إلا أن الفواتير تثقل جيوب العشاق والمحبين، فقد اشتكى جميل زكى مدرس انه يدفع مبالغ كبيرة شهريا نفقات موبايل وانترنت حتى يظل على تواصل مع من يحب لأن حبيبته فى محافظة اخرى ولا يمكنه رؤيتها على الكورنيش من حين لاخر بل ان الهدايا التى تطلبها غالية جدا لأنها مدمنة تسوق عب الانترنت !. ومن هنا يلجا البعض الى ال«ميسد كول»، والفايبر والواتساب كى يقول لحبيبه طوال اليوم «وحشتنى»، بخلاف مكالمات منتصف الليل التى قد تطول إلى الصباح، والتى سهلتها عروض شركات التليفون المحمول بإتاحة ساعات مجانية للكلام، خاصة أثناء الليل . حب ديجيتال بلا طعم وعن ايجابيات وسلبيات الحب فى عصر التكنولوجيا ، قالت د.سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس للموقع إن الحب فى عصر الانترنت والسموات المفتوحة اختلف كثيرا عن عصر الجوابات والبلكونات ولكنه افتقد الدفء وسخونة المشاعر والاشواق الحارة وأتاح فرصا اوسع واكثر تنوعا للتواصل الالكترونى واللقاءات عن بعد دون قيود أوتكاليف . وأوضحت ان التكنولوجيا يسرت العلاقات العاطفية ولكن لابد ان يسبق التعارف والحب الالكترونى تواصل عن قرب تفاديا للخداع والنصب او التلصص على الخصوصبات . وأضافت أن الحب الديجيتال بلا طعم ولا روح ولا معنى بخلاف الحب الرومانسى ايام زمان عندما كان الحبيب يحضن المخدة ويتخيل ملامح المحبوبة وكذلك كانت الفتاة كل حلمها ان ترى العر يس وتجلس معه فى حضور الاهل وتنتظره تحت الشباك فكان الخيال يضفى جمالا وسحرا للحب . وأكدت د.خضر أن الحقائق فى عصر الحب الالكترونى أصبحت مجسمة بالصوت والصورة وبالتالى لم يعد هناك عذر لمن يتعر ض للخداع ولا مكان للمغفلين ..فهناك مراهقون يستغلون هذه التكنولوجيا فى التسلية باسم الحب وربما يتطور الامر الى تجاوزات وفضائح . وترى أن الحب لم يختف لكنه اتخذ صورا مختلفة ولم يعد ملتهبا مشيرة الى ارتفاع نسب الطلاق بمصر لأن الطموحات والتطلعات طغت على مشاعر الحب وتراجعت سمات التضحية والصبر والقناعة . ايضا بالنسبة للأزواج قد لا يحتفلان بهذه المناسبة لأن كل منهما مشغول بعالمه الخاص على الفيسبوك والواتساب حيث توغلت تلك الوسائل والوسائط في حياتنا وأصبحت مثل الإدمان الذي يصعب الإقلاع عنه وإن كان التوازن في الاستخدام يسمح بالاستفادة من التكنولوجيا والمحافظة على صلة الأرحام و التواصل مع العائلة داخل البيت ونوهت ان هذا التعلق قد يكون كذلك سببا في اثارة شك وريبة الاخرين من اهل وازواج واصدقاء وزملاء عمل . لكن معظم المتزوجين من الرجال لا يحتفلون بعيد الحب مع زوجاتهم؛ بسبب الانشغال في توفير احتياجات الحياة والظروف المعيشية، ما يسبب أزمة لزوجاتهم، ومن هذا المنطلق قررت المتزوجات الاحتفال بعيد الحب سويا عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، آراء كثير من السيدات في أكثر من جروب عبر الفيس بوك يتفقن على الاحتفال معا بعيد الحب. رومانسية عصرية بينما ترى د.عبير سكرخبير التنمية البشرية أن الرومانسية موجودة بصورة عصرية ولكنها توارت خلف ضغوط الحياة والاحداث فالحب أمان .. فكيف يحب من لايشعر بالامان ولايمكنه حماية حبيبه . وقالت د.عبير سكر إن لون الدم غطى على المشاعر الرومانسية وأخمد كثيرا من المشاعر ولكن يمكننا ان نجعل مناسبة عيد الحب فرصة لتجديد المشاعر الحلوة سواء وجها لوجه أو عبر البرامج الالكترونية الذكية كالواتساب ولامانع ان تبادر المرأة المحبة والزوجة لتستعيد اللحظات الحلوة ولو يوم واحد ، فنحن نحتاج الى قليل من المشاعر قبل ان تتجمد مشاعرنا الانسانية ونتحول الى آلات متحركة . ولفتت خبيرة التنمية البشرية الى امكانية احياء مشاعر الرومانسية من خلال برامج الاعلام والافلام العاطفية العصرية لموازنة موجة الجفاف والعنف . وأوضحت أنّ الروابط العاطفية لها خصوصية من حيث تبادل المشاعر والأحاسيس وعمق التفاهم والتقارب والتشاور الجاد وتبادل الأفكار وترجيح الآراء وكل ذلك يصعب تحقيقه عن بُعد، فالتواصل وجهاً لوجه والخطاب المباشر هو الأساس في العلاقات بين الناس ولن تحل الشبكات محله،. فلابد أن يحرص الكل على حسن الاستخدام والتوظيف لهذه الشبكات بما ينفع المجتمع. دعوة لحب مصر وعلى الصعيد الوطنى، أكدت أننا يمكن أن نفعل شيئا فى حب مصر للوطن ولمن ضحوا من أجله من الشهداء بتكريم أسرهم ومتابعة شئونهم والتطوع لتأمين منشآت البلد وحل مشكلاته . واتفقت معها د.سامية خضر داعية الى استثمار مواقع الانترنت والتواصل الاجتماعى فى تنظيم حملات تطوعية فى حب مصر للنظافة والتجميل ومحاربة العشوائيات ودعوة العقول المهاجرة الى خدمة بلدها خاصة فى هذه الظروف التى تنهض فيها البلاد رغم تحديات وعراقيل كثيرة . وفى عيد "الفلانتين" نتمنى عودة مشاعر الحب الصادقة سواء بطريقة كلاسيكية رومانسية أو بلغة الموبايل والانترنت لأنه أساس نجاح أى علاقة بشرية والأهم أن يتحول حب الوطن الى طاقة حماس وبناء فى كل مكان .