نقلا عن جريدة الاخبار17/9/07 الخبر يثير الذهول والفزع.. والحدث غير مسبوق فقد كشفت صحيفة 'ميليتاري تايمز' الامريكية العسكرية ان قاذفة قنابل من طراز 'بي 52' تابعة للسلاح الجوي الامريكي 'يطلق عليها القلاع الطائرة' قد حلقت علي امتداد الولاياتالمتحدةالامريكية لمسافة حوالي 1500 ميل وهي تحمل ستة صواريخ كروز مزودة برؤوس نووية وطاقة كل رأس من هذه الرؤوس النووية 150 كيلو طن اي اقوي بمقدار عشر مرات من القنبلة الذرية التي محت من الوجود مدينة هيروشيما اليابانية في الايام الاخيرة للحرب العالمية الثانية. وهذه الاسلحة النووية التي كانت تحملها الطائرة تكفي في حالة وقوع خلل بسيط لقتل عدد يتراوح بين خمسة وستة ملايين انسان، اي ما يتجاوز اي عمل بمفرده من الفظائع التي ارتكبت في تاريخ هذا الكوكب. مصدر الخبر ضباط في السلاح الجوي الأمريكي. ورغم فداحة الخبر وخطورتة الاستثنائية، حرصت الصحافة الامريكية علي ان تفرض تعتيما علي أي تفاصيل تتعلق به، وبكل الوسائل الممكنة. شرت صحيفة 'نيورك تايمز' الامريكية الكبري الخبر في ذيل صفحتها السادسة عشرة، اما صحيفة 'واشنطن بوست' واسعة التأثير والانتشار، فقد نشرته في صفحتها العاشرة.. وبعد ذلك، لزمت الصحف الامريكية الصمت التام ازاء هذه الواقعة المخيفة، ولم تحاول اي صحيفة او شبكة اذاعية او تليفزيونية متابعة الموضوع ولم تبذل اي محاولة للحصول علي المزيد من المعلومات من ضباط السلاح الجوي. انها الرقابة الذاتية التي تحرم الشعب الامريكي من حقه في الحصول علي المعلومات.. والموقع الوحيد الذي اغرقه سيل من التعليقات حول الخبر هو صفحة 'منتدي القراء' علي الموقع الاليكتروني علي شبكة الانترنت 'الذي نشر الخبر' وهو منبر للصحف الاسبوعية ينشره 'اتحاد شركات جانيت' لاسلحة الجيش الامريكي، والذي تعد صحيفة 'ميليتاري تايمز' من بين ما يبثه من مطبوعات.. وكان التعليق الوحيد لقيادة السلاح الجوي الامريكي هو ان ما حدث كان مجرد 'خطأ فردي'!. ومع ذلك يقول متحدث باسم البنتاجون ان الحادث فرض اجراء مكالمة تليفونية طارئة من جانب رئيس اركان السلاح الجوي الجنرال مايكل موسلي مع وزير الدفاع روبرت جيتس، وانه بلغ من اهمية الموضوع انه تم اطلاع الرئيس بوش علي الحادث!! وقال البنتاجون انه تقرر اعفاء قائد مجموعة الزخيرة في احدي القواعد من مسئولياته وانه تم منع العديد من رجال السلاح الجوي من التعامل مع الاسلحة النووية، وقيل ايضا ان هناك تحقيقات جارية حول الحادث.. انها اول مرة تقلع فيها طائرة امريكية محملة باسلحة نووية منذ حوالي اربعين سنة.. وقد اقلعت الطائرة من قاعده مينوت الجوية في داكوتا الشمالية الي قاعدة باركزديل الجوية في لويزيانا يوم 30 اغسطس الماضي بعد تركيب ستة صواريخ كروز متطورة مزودة برؤوس نووية تحت اجنحتها.. والحادث ينطوي علي دلالة تنذر بالسوء، وقد يكون مقدمة لاعمال عدوانية مشئومة. كانت القاذفات الامريكية تحلق في الجو في الستينيات، كجزء من سياسة حافة الحرب النووية مع الاتحاد السوفيتي، ولكن هذا التحليق توقف في عام 1968 بعد سلسلة من الحوادث التي كان لطائرات بي 52، والمزودة بالاسلحة النووية، دور فيها وبعد ذلك كانت القاذفات المحملة بالاسلحة النووية تظل في حالة تأهب عند الاطراف الاخيرة للممرات الجوية لضمان الاقلاع السريع، وفي عام 1991 توقف ذلك كله. وفي مارس الماضي، ذكر السلاح الجوي الامريكي ان صواريخ كروز المتطورة اصبحت تخضع لقواعد، وفقا لاتفاقية تخفيض الاسلحة النووية الموقعة مع موسكو في عام 2002 وانه سيتم نقل الاسلحة بين قاعدتي مينوت وباركزديل. غير ان نقل الاسلحة من قاعدة الي اخري يتم عادة في حاويات مجهزة داخل طائرات شحن من طراز 'سي17' و'سي130' ولا يتم تركيبها في اجنحة قازفات قنابل مقاتلة. شخص ما يجب ان يصدر الامر بوضع الصواريخ النووية في اجنحة الطائرة. والسؤال هو ما اذا كان هذا الشخص قائدا عسكريا محليا في السلاح الجوي سواء فعل ذلك بطريق الخطأ او عن عمد ام ان الامر صادر من جهة عليا؟ السيناريو الاول 'صدور الامر من قائد محلي ' يستدعي علي الفور الكوميديا السوداء التي قدمها السينمائي 'ستانلي كوبريك' في فيلم 'دكتور ستر ينجلاف' وفكرة الفيلم تدور حول قائد متهوس للسلاح الجوي يدعي الجنرال جاك ريبر يصدر، من تلقاء نفسه،. الامر بتوجيه الضربة النووية الاولي للاتحاد السوفيتي، رغم انه لم يقع اي استفزاز من جانب السوفيت، ويشعر الرئيس الامريكي بالصدمة عندما يكتشف ان اي خلل في انظمة الامن يمكن ان يؤدي بطريق الخطأ الي حرب نووية دون اوامر مباشرة منه. وبالنظر الي ادعاء البنتاجون بأن الحادث وقع من قبيل الخطأ، فان الرحلة من مينوت الي باركزديل تبين ان انظمة الامان والسلامة الحالية لا تمنع قائدا صغيرا من ان يتخذ قرارا منفردا بنشر اسلحة نووية سواء بطريقة متعمدة او بطريقة غير مقصودة. ويصف خبراء الاسلحة النووية هذا الحدث التراجيدي بانه يستعصي علي التفسير. يقول هانز كريستنسين، كبير الباحثين حول الاسلحة النووية الامريكية في اتحاد العلماء الامريكيين: الواقعة غريبة الي حد يصعب تصديقه.. فالكثير من المواقع يمكن ان يلحق بها خلل وظيفي، وكذلك الفحوص والمراجعات، وربما يكون اكثر ما يبعث علي القلق بشأن هذا الحادث بالتحديد هو ان مجرد فرد واحد يملك سلطة في موقع ما لنقل هذه الاسلحة الي اي مكان.. لمجرد انه قرر ذلك. وهناك اعتبار تكتيكي يجعل من حادث قاعدة مينوت الجوية اكثر خطورة وترويعا، وهو ان السلاح الجوي والبحرية الامريكية يقومان باستخدام مزدوج لصواريخ كروز، بمعني انهما يستبدلان الرؤوس النووية، برؤوس حربية تقليدية وقد جري اطلاق صواريخ كروز التقليدية بكثافة في حروب وغزوات امريكا الاخيرة. فاذا كان في الامكان وقوع مثل هذا الخطأ في رحلة بين قاعدتين جويتين امريكيتين، فانه من الممكن ايضا ان يقع مثل هذا الخطأ اثناء الحرب، اي ان توجه القاذفة، 'بي52' ضربة بسلاح نووي، لهدف 'معاد' بينما كانت تقصد استخدام رؤوس حربية عادية تقليدية!!. السيناريو الثاني، ان تكون رحلة 'بي52' بين القاعدتين بموافقة جهة عليا، الامر الذي يمثل تهديدا اكثر خطورة فالسلاح الذي تم تركيبه في اجنحة القاذفة المحلقة من قاعدة مينوت مخصص للاستخدام ضد اهداف صعبة، مثل التحصينات تحت الارض. وهناك تهديدات امريكية متزايدة ضد ايران.. وثمة تقارير سابقة تتحدث عن استخدام اسلحة نووية تكتيكية ضد منشآت نووية ايرانية وبالتالي، فإن هناك احتمالا حقيقيا بان تكون الرحلة الي قاعدة باركزديل جزءا من الاستعدادات السرية لضربة نووية لايران. واذا كانت تلك هي حقيقة الامر، فان الزعم بان ما حدث هو مجرد 'خطأ' وقع فيه الضابط المسئول عن الذخائر وبضعة رجال من السلاح الجوي في داكوتا الشمالية يصبح مجرد غطاء لاخفاء حقيقة ان واشنطن تستعد لعمل اجرامي ذي ابعاد عالمية عن طريق التفكير في اصدار الاوامر لاستخدام اسلحة نووية مرة اخري بعد مذبحة مدينتي هيروشيما وناجازاكي قبل اكثر من ستين سنة.. حتي 'ادوار ميركي' عضو مجلس النواب الامريكي وعضو لجنة الامن الداخلي بالمجلس ، يقول ان ما حدث لا يمكن تبريره او التسامح معه علي الاطلاق، وخاصة ان السلاح الجوي عجز عن اقتفاء اثر هذه الاسلحة النووية.. ولو لفترة زمنية قصيرة، وهذا امر لم يحدث من قبل، وكان من المستحيل ان يحدث خلال عشرات السنين الماضية. ويقول ايك سكيلتون رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الامريكي، ان الحادث 'مزعج الي اقصي حد ومع ذلك، فان اللجنة التي يرأسها سكيلتون لم تجتمع لمناقشة الموضوع!! الادارة الامريكية تتفاخر دائما بانها تحتفظ بكل الخيارات 'علي المائدة' بما في ذلك استخدام الاسلحة النووية في حربها ضد 'الارهاب' او ضد الدول 'الشاردة والمنبوذة'، كما تحتفظ بحقها في توجيه ضربة اولي نووية اجهاضية ضد دول غير نووية، ولذلك يوجد في ترسانة واشنطن ما يقدر ب 9900 رأس نووي، وتم نشر نصف هذا العدد ليكون جاهزا للاستخدام.. وهذه الرؤوس موضوعة في اقصي درجات التأهب بحيث يمكن اطلاقها خلال عشر دقائق من صدور الاوامر بذلك. ويبدو ان متابعة ما لا ينشر في الصحف الامريكية اكثر اهمية مما تنشره هذه الصحف '!!' لمعرفة اخبار المحرقة النووية تحت التجهيز!!. ومع ذلك نتمني ان تكون استنتاجاتنا في غير محلها!.