نقلا عن / اخبار الخليج فى 11/10/2007 «جادت« علينا الحكومة الاسرائيلية «بكرم« تصادف مع (يوم الغفران) و(رمضان الكريم) باطلاق سراح (87) أسيرا فلسطينيا، مع مواصلة قوات الاحتلال الاسرائيلي ممارساتها الفاشية ضد الشعب الفلسطيني. في شهر اغسطس فقط، بلغ عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا (52) مواطنا بينهم (16) قضوا نحبهم في عمليات اغتيال في تناقض صارخ مع القانون الدولي، في حين استشهد (12) طفلا فلسطينيا دون سن الثامنة عشرة من عمرهم وسيدتان، فيما جرح (192) فلسطينيا وبلغ عدد المعتقلين (458) بينهم (37) طفلا، وذلك بناء على تقرير (أعلم انه علمي ودقيق) صادر عن دائرة شئون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية حول «الانتهاكات الاسرائيلية لشهر أغسطس 2007«. كما ارتكبت قوات الاحتلال (1227) انتهاكا بحق الشعب الفلسطيني خلال الفترة من (12) الى (18) سبتمبر .2007 وقد تمثلت هذه الانتهاكات في اعمال اطلاق النار، وقصف الاحياء السكنية، والاقتحامات المتكررة للمدن والبلدات الفلسطينية، واقامة الحواجز العسكرية على الطرق المؤدية إليها، ومصادرة الاراضي وغير ذلك من مقارفات. وذلك يكون عدد الانتهاكات الاسرائيلية، منذ بداية عام 2007، قد بلغ (42392) انتهاكا، منها (2136) عملية اطلاق نار سقط خلالها (266) شهيدا وأصيب (1265) مواطنا، وأقامت قوات الاحتلال (4030) حاجزا متنقلا، وتم اعتقال 3998 مواطنا جديدا، كما قامت قوات الاحتلال بأعمال التجريف واقتلاع الاشجار، وكذلك لم يسلم المواطنون الفلسطينيون من اعتداءات المستعمرين - المستوطنين حيث قام هؤلاء وحدهم بتنفيذ (221) اعتداء. قبل أيام قليلة، طالب مقرر الاممالمتحدة الخاص بحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية جون دوغادر الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالانسحاب من اللجنة الرباعية المعنية بتسوية قضية فلسطين في حال فشله في اقناع الاطراف الاخرى في اللجنة (الولاياتالمتحدةالامريكية وروسيا والاتحاد الاوروبي) بضرورة ادانة اعمال العنف والانتهاكات الانسانية التي ترتكبها اسرائيل ضد ابناء الشعب الفلسطيني. كما ان دوغارد اعتبر جملة ما تقوم به اسرائيل من ممارسات عنف ضد ابناء الشعب الفلسطيني أنها انتهاك صارخ للقانون الانساني الدولي، وقانون حقوق الانسان، وأيضا للإجماع المعتمد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث قضى بقبولها الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية (2004) الذي اعتبر بناء الجدار العازل في الضفة الغربية «انتهاكا« للقانون الدولي. وطالب دوغارد بضرورة قيام الجمعية العامة بدعوة محكمة العدل الدولية مجددا إلى التقدم إلى الأممالمتحدة برأي استشاري آخر جديد حول العواقب القانونية الناجمة عما اعتبره احتلالا طويل الأمد للأراضي الفلسطينية، سواء على صعيد حياة الشعب الفلسطيني أو على القوى المحتلة نفسها أو أطراف ثالثة من دون أن يحددها بالاسم. أيعقل أن الغرب (حامي حقوق الإنسان والديمقراطية والقانون الدولي) لا يملك الجرأة على فرض أسلوب شفاف ونزيه وعادل في التعامل مع القضية الفلسطينية؟ أيعقل أن الغرب لا يجرؤ على ممارسة ضغوط على الدولة العبرية لاجبارها على الالتزام الكامل واحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي؟ أيعقل أن الغرب لا يملك الوسيلة التي تجبر الدولة العبرية على التراجع الفوري عن قرارها الأخير الذي يعتبر قطاع غزة كيانا معاديا؟ أيعقل أن يفلس الغرب إزاء الطلب إلى إسرائيل تحمل مسئولياتها القانونية والأخلاقية والوفاء بالتزاماتها جراء توقيعها اتفاقية جنيف الرابعة، ومن ضمنها العمل على إلزام إسرائيل باحترام الاتفاقية وتطبيقها في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وذلك بموجب المادة الأولى من الاتفاقية، والعمل على توفير الحماية الفورية للمدنيين الفلسطينيين من العدوان الإسرائيلي المتواصل ضدهم؟ وكي لا نسترسل في هذه الصيحة الاحتجاجية الاستغرابية التي حقا قد لا يكون لها لزوم في ضوء ما نعرفه عن طبيعة وتاريخ إسرائيل، نسجل بدهية أخرى قوامها أن الدولة الصهيونية تواصل ارتكاب الانتهاكات الخطرة والجسيمة لحقوق الإنسان التي تتنافى مع أحكام وقواعد القانون الدولي الإنساني والشرعية الدولية لحقوق الإنسان.. فالإغلاق مستمر والحصار مشدد والتطهير العرقي سياسة متمسك بها. وفي سياق ما ورد أعلاه، تقول رئيسة كتلة حزب «ميريتس« النائبة زهافا جالثون: إن «مؤتمر السلام في نوفمبر المقبل في واشنطون يأتي لخدمة أهداف خاصة للزعيمين الفاشلين بوش وأولمرت اللذين يبحثان عن كسب للوقت«. وأضافت أن ما جرى ويجري من اتصالات مع السلطة الفلسطينية لا يخرج عما سمته «دائرة الثرثرة والأقوال«، واستخلصت: انهم «يتظاهرون بالنشاط من أجل السلام لكنني لا أرى سلاما«. وبذلك، يتضح لنا سبب رفض إسرائيل الدخول في مفاوضات جادة وحقيقية مع الجانب الفلسطيني ترمي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وتحترم مبادئ القانون الإنساني الدولي في تعاملاتها مع الشعب الفلسطيني. فعلى الرغم من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية التي أضرت، بشكل كبير، بمصداقية الموقف الإسرائيلي بل شككت في جديته ونزاهته وسمعته (حيث هي «عالية« لدى معظم دول الغرب فقط) فإن إسرائيل مستمرة في عدوانها. وفي هذا النطاق، فإن ما حدث ويحدث على امتداد الأرض الفلسطينيةالمحتلة عام 1967 لخير مثال على عدوانية الدولة الصهيونية التي ترفض التحول إلى كيان طبيعي في المنطقة العربية. والحال كذلك، نلحظ الكتابات الاسرائيلية المتنامية التي تتساءل عن تمسكنا بالامل الذي سيعم علينا جراء «مؤتمر« الخريف، فيما يعلن أولمرت نفسه ان «اللقاء« لا يخرج عن كونه مجرد اجتماع. إذاً، الى متى يمضي البعض في تصديق اسرائيل عندما تطلق بالونات الاختبار حول السلام؟ وهل حكومة أولمرت قادرة اصلا على صنع السلام «العادل والشامل« المستند الى قرارات الشرعية الدولية وصيغة «الارض مقابل السلام«؟ وعليه، يبدو لنا ان كل ما يصدر عن المسئولين الاسرائيليين من رغبة في صنع السلام انما هو - على الارجح - كلام في الهواء لا لون له ولا طعم ولا رائحة ولا حتى معنى. في الختام، نسجل قولا بليغا نطق به يوسي ساريد في حديث له مع مجلة «كل العرب« الصادرة في اسرائيل في 22 يونيو 2007 حين قال: «ستظل اسرائيل مستمرة في بيع أوهام السلام للعرب، وسيظل الفلسطينيون يستمتعون دائما بالوقوع في الفخ الاسرائيلي«. بالفعل، فإن اسرائيل دولة لا تترك مناسبة الا وتطرح فيها عروضها للسلام، أما سلامها الذي تنشده فهو ذلك الذي يقوم على اساس الامر الواقع، مع الاحتفاظ بجزء من الاراضي، ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين الى اراضيهم وممتلكاتهم، ورفض الانسحاب الكامل من الاراضي العربية المحتلة. انها سياسة اطلاق شعارات ولقاءات وقمم السلام، في الوقت الذي لا يتوقف فيه جيش الاحتلال عن بناء «حقائق الامر الواقع«الاستيطاني - الاستعماري على الارض. تلك الحقائق التي - ان هي استمرت - فإنها تلغي امكانية تحقيق أي تسوية سياسية تملك القدرة على الديمومة.