اعتراف الولاياتالمتحدة بفشلها فى تأمين تجميد الاستيطان الإسرائيلي ، وتزامنه مع دعم و اعتراف دول أمريكا اللاتينية المتنامي بالدولة الفلسطينية - مع او بدون اتفاق سلام - ، وضعا عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين فى مازق شديد. فمع بداية هذا الشهر ، قال دبلوماسي أميركي رفيع المستوى أن إدارة أوباما ، التي كانت قد وضعت على كاهلها مسالة تامين تجميد الاستيطان كاساس للتوصل لتسوية سلمية ، اعلنت انسحابها من محاولة تامين وقف ثان للاستيطان من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ، حيث يعارض شركائه فى الائتلاف اليميني بقوة مثل هذا التدبير. اعتراف الأرجنتين الذى تلاه اعتراف مماثل من البرازيل بدولة "حرة ومستقلة" لفلسطين ، اعتُبر بمثابة نصرا رمزيا لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خاصة فى وقت بدا فيه ان محادثات السلام تنهار. فى الوقت الذى وعدت فيه أوروجواي باعتراف مماثل في أوائل العام المقبل ، من المتوقع أيضا ان تحذوا كل من شيلي وباراجواي وبيرو حذوها. و في حين يعد دعم دول أميركا اللاتينية ، دفعة قوية لمعنويات الفلسطينيين ، فان بعض المحللين يرون ان رسائل الاعتراف الأخيرة من الأرجنتين والبرازيل هي من أعراض الفراغ فى عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية والتي تحتاج لتدخل من جانب الولاياتالمتحدة . و على واشنطن واشنطن ، كما يقولون ، اعادة تأكيد نفسها من خلال إصدار خطة من شأنها دفع الجانبين للعودة الى محادثات السلام الثنائية. فتقول« جيرشون باسكن Gershon Baskin، المدير المشارك للمركز إلاسرائيلى الفلسطينى للأبحاث والمعلومات في القدس "ان الفلسطينيين ماضين قدما في تاسيس الدولة ، وجزء مهم من العالم يتعاون معهم ، و إذا كان الافتراض أن الإسرائيليين سوف يعارضون الاحادية ، فان هناك خطر لانهيار السلام ، وهو الامر الذي يدعو إلى سرعة التدخل الامريكى باى شكل أو آخر. فلا تستطيع الولاياتالمتحدة ان تسمح هذه العملية بلخروج عن نطاق السيطرة". الفلسطينيون يشككون في نفوذ الولاياتالمتحدة الآن لقد كانت إدارة أوباما غير قادرة على اقناع الطرفين بالعودة الى المفاوضات منذ ان انهت اسرائيل وقفا للاستيطان مدته عشرة اشهر في أواخر سبتمبر الماضى ، مما دفع الفلسطينيين الى وقف المحادثات. و قد كانت محادثات الولاياتالمتحدة وإسرائيل بشأن تمديد وقف الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر جديدة ، قد وصلت لطريق مسدود قبل عدة اسابيع وان ظل الجانبين يتفاوضون بشأن مجموعة من الحوافز بما في ذلك 3 بلايين دولار من المعدات العسكرية لمساعدة رئيس الوزراء نتنياهو فى اقناع ائتلافه. وقد كان إعلان واشنطن الرسمي فى 6 ديسمبر بانه لن يكون هناك وقفا جديدا للاستيطان ، جعل الفلسطينيين يرون انه يجب دراسة خياراتهم. . واضعين فى اعتبارهم اولا ... وكما يرى ياسر عبد ربه أحد كبار مساعدي الرئيس عباس ، هل يمكن للولايات المتحدة ان تحقق نتائج مجدية للسلطة الفلسطينية؟. عبد ربه صرح لمحطة إذاعة صوت فلسطين قائلا "اننا سوف نقيم ما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستكون قادرة... لتحقيق النجاح في جهودها المقبلة ، و حيث انها فشلت فى ضمان وقف اسرائيل أنشطتها الاستيطانية من أجل إجراء مفاوضات جادة ، فكيف يمكن أن تكون قادرة على جعل اسرائيل تقبل حلا عادلا ، وهذا هو السؤال الكبير الآن." إعلان من جانب واحد للدولة؟ وفي الوقت نفسه يفكر الفلسطينيين ، في إعلان الدولة من جانب واحد ، وربما عن طريق طلب قرارات من الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن. وتعتبر القرارات الصادرة عن كل بلد على حدة ، على الرغم كونها رمزية ، الا انها تمثل خطوة في هذا الاتجاه. و مع انتظار رسالة اعتراف من أوروجواي العام المقبل ، يأمل الفلسطينيون في نيل الاعتراف من بلدان اخرى بامريكا الجنوبية بما في ذلك شيلي ، وباراجواي ، وبيرو. ويقول مسؤول فلسطينى ، طلب عدم نشر اسمه نظرا لطبيعة المفاوضات الحساسة ، "إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 هو في جوهره بوليصة تأمين ، لان علينا كفلسطينيين حماية حدود الدولة الفلسطينية " . بينما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية بي جي كراولي أن اعتراف الأرجنتين بدولة فلسطين له "نتائج عكسية" فمن خلال المفاوضات فقط يمكن للجانبين حل المشاكل. . يات هذا فيما انتقدت اسرائيل هذه الخطوة كذلك. اى خطة سلام امريكية يمكنها تثبيط اى عمل من جانب واحد و يرى المؤيدون ان اى خطة سلام الأمريكية ، يمكنها سحب كلا الجانبين بعيدا عن أي تحركات من جانب واحد والتي يمكن أن تقوض جهود إدارة أوباما للتوصل لاتفاق سلام اسرائيلي فلسطيني. و كتب « سكوت لاسنسكي Scott Lasensky، من المعهد الامريكى للسلام الذى يموله الكونجرس ، مقال في صحيفة انترناشونال هيرالد تريبيون يدعم فيها خطة السلام ، قائلا " أفضل طريقة للولايات المتحدة لتفادي خطوة فلسطينية من جانب واحد - ليس بتحذيرهم ، كما فعلت واشنطن - ولكن بدلا من ذلك التقدم قدما بخطة السلام الخاصة بها ، فخطة امريكية للسلام ستتيح وقف الجدال و التركيز على شروط السلام". ومن أجل إحياء المحادثات الحالية ، يعتقد بعض المحللين انه على الولاياتالمتحدة أن تنظر بعين الاعتبار لتجميع "المبادئ'' فيما يتعلق بالاسس الرئيسية لاتفاق السلام - وهى الحدود والقدس واللاجئين الفلسطينيين ، والترتيبات الأمنية. فمن شأن هذه المبادئ ان تمثلل حلا وسطا بين مواقف الجانبين في المفاوضات. ويتوقع كثير من المراقبين أن مبادئ الولاياتالمتحدة ستكون مشابهة لمجموعة المبادى الاساسية التي أعلنت في يناير 2001 في نهاية فترة الرئيس السابق بيل كلينتون. بينما يرى آخرون إن خطة أمريكية جديدة ينبغي أن تشتمل على ما تم احرازه من تقدم في عام 2008 عندما كانت إدارة الرئيس السابق جورج بوش ترأس المحادثات بين عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود اولمرت. ويقول« خليل شقاقي احد ابرز خبراء الراى العام الفلسطينى "انه لا معنى لمفاوضات جديدة تبدأ من الصفر ، فالفلسطينيين لن يقبلوا المواقف الإسرائيلية الجديدة التي تختلف عن تلك التي قدمت في المفاوضات السابقة وسيكون ضربا من العبث أن تفعل ذلك وبهذه الطريقة ينبغي أن يكون دور الولاياتالمتحدة هو الحفاظ على سجل التقدم فى المفاوضات و البدء فى تحريكها للامام"