الراتب أم النفس ، خياران يقف الموظف الفلسطيني في قطاع غزة بينهما حائرا ، فبعد قرار اعفاء الموظفين العسكريين والمدنيين من الدوام الذي اتخذته حكومة الطوارئ التي عينها الرئيس محمود عباس ، وردة الفعل من حكومة هنية التي تسيطر بالفعل على الارض وتصر على ان تسير الامور في الدوائر الحكومية كالمعتاد ، ووسط التهديد والوعيد من الجانبين اما بوقف الراتب او بالحبس او التنكيل يعيش الموظف الفلسطيني في موقف حرج حقيقي. «يسموننا المتعاونين مع حماس وكأننا نتعاون مع إسرائيل او الاعداء « كلمات خرجت من فم محمد ناصر الموظف في وزارة الداخلية بحرقة فهو وعدد من زملائه رفضوا الانصياع لأوامر حكومة الطوارئ بالبقاء في منازلهم لأنهم يروا في ذلك تعطيل لمصالح الناس وتحويلا لبلد بأكمله إلى مجموعة من المتعطلين عن العمل. يقول ناصر ل»المدينة» : « ما يحدث الآن في غزة هو اغرب من الخيال الحكومة التي من المفترض ان تكافئ الموظفين الذين يداومون ويخدمون الناس تعاقبهم على ذلك وتكافئ من يبقون في منازلهم دون عمل بصرف رواتبهم». ويضيف ناصر انه الآن يواجه مشكلة عويصة لأنه بعد أكثر من عام عانى منها من عدم صرف الرواتب بانتظام معرض لأن يحرم من أي دفعات لأنه يصنف من قبل حكومة الطوارئ كمتعاون مع حماس دون ان يكون له اي ذنب في ذلك». ممدوح صالح أحد كوادر الشرطة الفلسطينية يعيش هو الآخر حالة من الحيرة فهو يتلاقى يوميا اتصالات من قيادة الشرطة الجديدة في غزة تطلب منه الدوام وفي بعض الاحيان يتم تهديده بأنه إذا لم يلتزم ستتخذ ضده اجراءات عقابية وفي ذات الوقت هو يدرك تماما ان اي استجابة منه لهذه الطلبات تعني ان يكتب فيه تقرير بأنه يساند انقلاب حماس وبالتالي يحرم من اي راتب ممكن ان تلقاه. وفي ذات السياق تفاجأ أكثر من 11 ألف موظف كانوا قد عينوا بنظام العقود في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الحكومتين السابقتين لكي يسدوا شواغر معينة في السلطة الفلسطينية بقرار حكومة الطوارئ بفسخ جميع هذه العقود وهو ما قوبل بحالة من السخط من هؤلاء الموظفين الذين عانوا لسنوات طويلة من البطالة ورضوا في النهاية بعقود مؤقتة لعلها تسد رمقهم. الدكتور مصطفى البرغوثي النائب في المجلس التشريعي وصف في حديث مع المدينة ما يقوم به الطرفان من استغلال قضية الراتب في تصفية الحسابات بينهما بأنه امر مأساوي لا يدفع ثمنه إلا المواطنون الفلسطينيون البسطاء مضيفا أن السلطة عانت لسنوات من سياسة التوظيف على اساس التمييز السياسي والإجراءات الأخيرة لا ترسخ هذا المنهج فقط بل تساعد على توسيع الشرخ الموجود في المجتمع الفلسطيني. واعتبر البرغوثي ان قرارات حكومة الطوارئ كانت متسرعة و حادة و اتت كرد فعل على ما حدث في غزة مؤكدا أن الاشخاص الذين حرموا من الرواتب او فصلوا من العمل لهم حقوق نقابية وعماليه لابد ان تحترم وإلا فإن كل االإجراءات تكون غير قانونية و منافية لحقوق الانسان المكفولة لهؤلاء الاشخاص.