وُضعت السفارات الأمريكية حول العالم في حالة تأهب قصوى اليوم الثلاثاء وسط مخاوف من رد الفعل العنيفة ازاء نتائج تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي الذى طال انتظاره حول طرق الاستجواب الوحشي الذي قامت به وكالة المخابرات المركزية CIA مع المشتبه بهم من تنظيم القاعدة بعد هجمات عام 2001. وتأتي الاجراءات المشددة فى السفارات الامريكية على الرغم من ان المتحدث باسم البيت الابيض "جوش ارنست Josh Earnest " قال للصحفيين " ان اللجنه لن تنشر التقرير يوم الثلاثاء " ولكنه شدد على ان "خطوات حكيمة قد اتخذت لتعزيز الأمن في مرافق الولاياتالمتحدة والبعثات الدبلوماسية في الخارج خشية نشر التقرير الذى يقد يثير موجة من الغضب " . وقد نشر مجلس النواب الأمريكي الثلاثاء ملخصا لتقريره حول أساليب الاستجواب القسرية التي استخدمتها وكالة الاستخبارات المركزية "CIA" عقب هجمات 11 سبتمبر وفترة رئاسة "جورج بوش" ، وذكرت شبكة "سي ان ان" الامريكية أن التقرير المكون من نحو 6000 صفحة وكشفت عن 500 صفحة كملخص أفادت أن أساليب استجواب الCIA كانت غير فعالة ولم يتم استخلاص معلومات استخباراتية تساعد بالحفاظ على الأرواح وأن برامج الاستجواب كانت أعنف مما بينته الوكالة للبيت الأبيض ووزارة العدل والشارع الأمريكي. كما ألقى ملخص التقرير الضوء على أن 119 محتجزا خضعوا لبرامج استجواب الCIA 26 منهم كان احتجازهم خاطئا، وأن الوكالة أدارت هذه البرامج بشكل ضعيف بما في ذلك من ضياع معلومات المحتجزين واخذ معلومات غير صحيحة أدت إلى ضياع الوقت والجهد. واصفا عمليات الاستجواب بأنها "وحشية" كما أنها ضللت الأمريكيين بشأن مدى فعالية "الاستجواب المعدّل"، بحسب ما ذكرت شبكة "بي بي سي" البريطانية. ووأضاف ان المشتبه بهم تعرضوا إلى الإيهام بالغرق، وأوضاع مجهدة وأساليب قاسية أخرى، في سلسلة من الاستجوابات جرت في سجون سرية تابعة لوكالة المخابرات المركزية أو بالقاعدة العسكرية الأمريكية في خليج جوانتانامو بكوبا.. وقالت وسائل الاعلام الامريكية ان التقرير من المتوقع أيضا ان يتكشف أن CIA قد ضللت البيت الأبيض حول طبيعة الاستجوابات و الاساليب المستخدمة بها. وأكد مسؤولون في البيت الأبيض انه من المتوقع نشر التقرير دون تحديد موعد له، على الرغم من تحذيرات وزير الخارجية "جون كيري" أواخر الأسبوع الماضي من مغبة وأثار نشر التقرير على المصالح الامريكية حول العالم. وعلى الرغم من السرية المفروضة حول التقرير الا انه من المتوقع أن يحمل التقرير اتهام صريح للبرنامج السري الذي ادير تحت إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش والخاص باستجواب العشرات من المعتقلين بتهمة الإرهاب. والتقرير اُعد من قبل لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي برئاسة السيناتور ديان فينشتاين، والتي شهدت جدل واسع لعدة أشهر مع الإدارة الامريكية من اجل التوصل لصيغة منقحة لنشر التقرير. واخيرا تم التصويت في ابريل الماضي داخل لجنة مجلس الشيوخ بأغلبية ساحقة لاطلاق سراح نحو 500 صفحة، كملخص للتقرير ومعه 20 وثيقة سرية يتناول تغطية معاملة نحو 100 من الإرهابيين المشتبه بهم والذين اعتقلوا من قبل عملاء الولاياتالمتحدة بين عامي 2001 و2009، بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001. ولم ينشر مجلس الشيوخ التقرير الكامل الواقع في أكثر من 6000 صفحة، والذي يحتوي على عدد ضخم من الأدلة ومازال مصنفا باعتباره سريا وبدلا من هذا نشر المجلس ملخصا للتقرير جاء في 480 صفحة ، وبحسب "بي بي سي" فإن النشر قد تأخر بسبب خلافات في واشنطن بشأن ما ينبغي نشره. ومن جهتها ردت وكالة الاستخبارات المركزية CIA بأن هذا التقرير تشوبه العديد من الأخطاء وأن برامج الاستجواب المتبعة أثبتت جدوتها. ويصر المدافعون عن أساليب وكالة الاستخبارات المركزية، بانها كانت ضرورية لحفظ أرواح الأمريكيين من خلال المساعدة على كشف شبكة تنظيم القاعدة، في حين يقول المنتقدون، ان اساليب الوكالة تتناقض وتتعارض مع القيم الأمريكية وتتسبب في المواقف المعادية للولايات المتحدة. أعلن الرئيس الامريكي السابق "جورج بوش" إنه سيتم إصدار تقرير مضاد بعد صدور تقرير الCIA حول أساليب الاستجواب القسرية، بحسب لقاء أجراء مع "سي ان ان" الامريكية الثلاثاء. وأضاف "بوش" قائلا:"لم أرى التقرير ولكن ما فهمته هو أنه سيكون مهما جدا وسيكون هناك تقرير آخر مضاد صادر عن وكالة الاستخبارات.. وما أريد قوله هو أننا محظوظون لامتلاكنا رجالا ونساء يعملون بجد في الCIA ويقوموا بخدمتنا.. هؤلاء أشخاص وطنيون". يذكر أن الرئيس الامريكي الحالي "باراك اوباما" جمد العمل ببرنامج CIA للاستجواب عندما وصل إلى السلطة في عام 2009حيث قال إن من وجهة نظره بشأن الأساليب المستخدمة في استجواب السجناء من تنظيم القاعدة تصل إلى حد التعذيب. وفي ظل رئاسة "جورج بوش" نفذت السي اي ايه عملية كانت معروفة داخليا باسم "التسليم والاحتجاز والاستجواب" وخلال هذه العملية، احتُجز نحو 100 إرهابي مشتبه بهم في "مواقع سوداء" خارج أراضي الولاياتالمتحدة واستُجوب هؤلاء بأساليب منها الإيحاء بالغرق والصفع والإذلال والتعريض للبرد والحرمان من النوم.