اخبار مصر – تحرير وترجمة: خالد مجد الدين تتطلع تركيا إلى تحقيق أول تجربة عالمية في مجال نقل المياه لمسافات بعيدة تحت مياه البحر المتوسط، ، والمشروع الذي أطلق عليه الرئيس التركى "رجب طيب اردوغان" اسم "باريزسو " او "مياه السلام" ، هو مشروع طموح لخط أنابيب يربط خزانات المياه في تركيا بجمهورية شمال قبرص التركية ، ليجلب مياه الشرب بحلول نهاية العام الى شمال الجزيرة الواقعة بالبحر المتوسط و تعانى من نقص المياه.. مؤسسة شؤون المياه التركية اكدت انتهاء نحو 55% من خطوط الأنابيب التي ستنقل المياه من تركيا إلى جمهورية قبرص التركية، حيث سيتم ضخ المياه من سد "ألا كوبرو"، الذي سيقام على نهر "أنامور" في ولاية "مرسين" جنوبتركيا، و يمتد خط الانابيب نحو 66 ميلا (106 كيلو متر) بينها 22 كيلومتراً من خطوط النقل براً، فيما يصل طول الأنابيب التي تمتد تحت البحر المتوسط إلى نحو80 كيلومتراً. و قد تم انجاز نصف العمل فى المشروع بما فى ذلك السدود فى كلا من تركيا و شمال قبرص في وقت سابق هذا الشهر مرورا بنقطة بمنتصف الطريق عبر وصلة خط ألانابيب التى تمر تحت البحر، وسيمكن خط الانابيب من توفير المياه العذبة للقبارصة الأتراك لاغراض الشرب والتنمية الزراعية قبل نهاية السنة ، و لقد تم اعداد المشروع لتلبية احتياجات الشرب والري في الجمهورية التركية ليكفى الاحتياجات حتى عام 2040 على الأقل . اطول خط نقل مياه تحت سطح البحر و خط نقل المياه لقبرص ، بتداعياته السياسية، يمثل ما يقول الخبراء انه انجاز فذ بالهندسة ، ويقول مسؤولون أتراك ان نجاح المشروع قد يمكنهم من تكرار النموذج لتصدير المياه إلى أسواق أخرى في المنطقة. و على الرغم من ان بلدان أخرى، بما في ذلك الصين واسبانيا، قد بنوا شبكات عملاقة لنقل المياه العذبة إلى المناطق التي تحتاج إليها، الا ان مشروع قبرص يتميز بعقبة فريدة و هى العائق المائى المتمثل فى مياه البحر المتوسط فى المسافة بين تركيا و شمال قبرص و التى تمتد لنحو 50 ميل ( 80 كم) فى خط أنابيب تحت الماء ، وخلافا لأنابيب النفط والغاز التي ترتكز عادة على قاع المحيط، فإن "باريز سو" سوف يتم تعليق انابيب البولي اثيلين عالية الكثافة فيه على عمق نحو 800 قدما تحت سطح الأرض. و قد اثارت جماعات حماية البيئة بعض المخاوف بشأن "الروابط " الطويلة التى ستمسك خط الأنابيب و تثبته فى العمق المطلوب على الجانبين ، و اثاروا تسائلات بشان امكانية صمود المشروع أمام موجات المد والزلازل وحركة المرور البحرية في البحر الأبيض المتوسط. ولكن مؤيدو المشروع يرون ان الأنابيب ستحمل الماء، وليس النفط أو الغاز،لذا فان أي أضرار بيئية ستكون محدودة. وعند الانتهاء من المشروع، الذى يتكلف اكثر من 500 مليون دولار ، من المتوقع ضخ نحو 19.8 بليون جالون من المياه سنويا ، مما سيعطى القطاع التركي فى الجزيرة نفوذا اقتصاديا وسياسيا كبيرا في مواجهة الأغلبية من المجتمع القبرصي اليوناني الذى يهيمن على بقية الجزيرة المتوسطية المقسمة منذ أربعة عقود . " مياه السلام " ورقة للتفاوض العديد من المسؤولين الاتراك ، بمن فيهم الرئيس رجب طيب أردوغان، الذى زار الجزيرة هذا الشهر، يأملون ان يؤدى توفير مصدر للمياه يمكن الاعتماد عليه فى تحفيز الاقتصاد المحلي وإعطاء دفعة جديدة لمحادثات المصالحة بين الطائفتين . وقال أردوغان للزعماء القبارصة الاتراك ، ويمكن استخدام المياه من قبل كلا من المجتمعات اليونانية والتركية" ولكن فقط حينما يقبل [القبارصة اليونانيون] يد السلام التى نمدها اليهم " . و تعول الحكومة التركية كثرا على نجاح هذا المشروع فى دعم جهود المصالحة و توحيد شطرى الجزيرة المقسمة ، فالماء ، يعد مصدر قلق دائم للجزيرة، حيث يقول "فيسيل ايهان"، مدير المركز الدولي لأبحاث السلام في الشرق الأوسط ، وهو احد مراكز الفكر فى انقرة."يعد الماء مثل النفط والغاز في المنطقة بالنسبة لجزيرة قبرص ". وتعتمد الجزيرة على تكثيف الجهود لتحلية المياه والمحافظة عليها في السنوات الأخيرة لتعويض الشح المائى الذى تواجهه ، و قد ذكرت وكالة الانباء القبرصية في أغسطس أن خزانات الجزيرة اصبحت تعمل فقط بنحو 37 في المئة فقط من قدرتها التخزينية انخفاضا من 73 في المئة في العام السابق. و تشعر قبرصالجنوبية بالقلق حيال المشروع و ترى انه مهما بدا إيجابياً فإنه ذلك ليس صحيحاً على الصعيد السياسي ،و تقول ان المشروع يخل بدستور قبرص وبالقوانين البحرية وبالسيادة وحق التملك. و ترى الشمروع بانه وسيلة تركية لتعزيز ارتباطها بشمال قبرص وسيؤثر سلباً على الدخل القومي فى الوقت الذى لن يفيد كل الجزيرة حيث يكفى فقط لسد حاجة القبارصة الأتراك فقط من المياه . ومع ذلك، لا يزال المشروع محفوفا بمخاطر سياسية خاصة و ان الجزيرة قاومت الجهود السابقة في لم شمل شمالها و جنوبها ضمن اى تسوية سياسية.. و كانت تركيا قد أرسلت قواتها إلى الجزء الشمالي من الجزيرة عندما اندلعت الاشتباكات العرقية في عام 1974، ولا تزال الدولة الوحيدة التي تعترف رسميا بالجمهورية التركية و تدعمها سياسيا و دفاعيا . و لقد كان الاستفتاء الذى دعمته الأممالمتحدة للمصالحة السياسية في عام 2004، أفضل فرصة حتى الآن لاتمام التسوية، لكنه فشل بعد أن صوتت غالبية الطائفة القبرصية اليونانية برفض الوحدة .