كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا في قضية اتهام الرئيس الأسبق محمد مرسي و 10 متهمين آخرين، بتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية تتعلق بالأمن القومي المصري إلى دولة قطر أن "مرسي" في أعقاب توليه رئاسة الجمهورية، أصدر تعليمات وتوجيهات لمعاونيه من أعضاء التنظيم الدولي لجماعة الإخوان بنسخ واختلاس المستندات الصادرة من الوزارات وأجهزة الدولة السيادية، المتعلقة بالأمن القومي والقوات المسلحة المصرية وعتادها العسكري وتسليحها وأسرار الدفاع بقصد تسريبها لدول أجنبية بعينها، على رأسها دولة قطر, وجهات وأجهزة مخابرات دولية بناء على تعليمات من قيادة تنظيم الإخوان. وأظهرت تحقيقات النيابة التي أجريت برئاسة المستشار الدكتور تامر فرجاني المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، أن المتهمين أحمد عبد العاطي مدير مكتب رئيس الجمهورية الأسبق، وأمين الصيرفي السكرتير الشخصي لمرسي، توليا تنفيذ تلك التوجيهات في سرية تامة مستغلين أنهما من كبار موظفي مؤسسة الرئاسة على نحو يترتب عليه عدم خضوعهما لأعمال التفتيش الدقيقة التي تجري منعا لحدوث أي اختراق أمني أو تسريب لأوراق من داخل الرئاسة. وتبين من التحقيقات التي أشرف عليها المستشار عماد الشعراوي رئيس نيابة أمن الدولة العليا أن الرئيس الأسبق محمد مرسي أعطى مدير مكتبه أحمد عبد العاطي صلاحيات غير قانونية وتخالف الأعراف المعمول بها بمؤسسة الرئاسة، بجعله هو المنوط بتلقي التقارير الواردة إلى مؤسسة الرئاسة من أجهزة الدولة السيادية, مثل المخابرات العامة والمخابرات الحربية ووزارات الدفاع والداخلية والخارجية والرقابة الإدارية, وعرضها على رئيس الجمهورية. وأكدت التحقيقات – من واقع اعترافات المتهمين المحبوسين, وشهادة الشهود وتحريات هيئة الأمن القومي, وفحص الوثائق المضبوطة بحوزة المتهم محمد عادل كيلاني قبل تهريبها إلى دولة قطر أن جماعة الإخوان قامت بتعيين العديد من عناصر التنظيم الدولي للجماعة وكوادره داخل مؤسسة الرئاسة حيث قاموا بإفشاء العديد من المعلومات عبر وسائل العلانية وتسريب أخرى لبعض الجهات والدول الأجنبية والتنظيمات الإرهابية وحركة حماس الفلسطينية، وأن الوثائق والمستندات المضبوطة تتسم بدرجة من السرية العالية وتتضمن تقارير فائقة الأهمية عن القوات المسلحة وأعدادها وتسليحها وأماكن تمركزها وخططها لحماية أمن البلاد، وهي الوثائق التي كان يفترض برئيس الجمهورية أن يكون هم المطلع الوحيد على محتوياتها داخل مؤسسة الرئاسة. وجاء من ضمن الشهود الذين استمعت لهم النيابة حلال التحقيقات, السفير محمد فتحى رفاعة الطهطاوي الرئيس السابق لديوان رئاسة الجمهورية، والذي قال إنه بحكم وظيفته كان يختص بتلقي كافة المستندات الواردة لرئاسة الجمهورية من الوزارات المختلفة، تمهيدا لعرضها على رئيس الجمهورية.. غير أنه وخلال فترة عمله برئاسة الجمهورية لم تعرض عليه المستندات والتقارير الواردة لرئاسة الجمهورية من وزارات الدفاع والداخلية والخارجية وأجهزة المخابرات العامة والحربية والأمن الوطنى وهيئة الرقابة الادارية نظرا لورودها بصورة مباشرة إلى المتهم الثانى (أحمد عبد العاطي) بصفته مدير مكتب رئيس الجمهورية. وأكد الطهطاوي في أقواله أن ذلك التصرف بتمكين عبد العاطي من تلقي المستندات الواردة إلى الرئاسة يشكل مخالفة للقوانين والأعراف المعمول بها بمؤسسة رئاسة الجمهورية من ذي قبل، مشيرا إلى أن التقارير المتعلقة بالقوات المسلحة المصرية وكيفية استغلالها الاستغلال الأمثل لمواجهة خطط التطوير الإسرائيلية والموازنة العامة للمخابرات العامة، كانت تعرض على المتهم الأول (مرسي) شخصيا إبان رئاسته للبلاد، وهي تقارير تتمتع بأقصى درجات السرية، لافتا إلى أن التصرف بشأنها يكون إما بإعدامها عقب الاطلاع عليها أو حفظها بمعرفة رئيس الجمهورية ومدير مكتبه. وأضاف الطهطاوي المستندات المشار إليها، لا يمكن استرجاعها من الحفظ إلا بمكاتبة رسمية من رئيس الجمهورية أو مدير مكتبه وأن كافة العاملين بمؤسسة الرئاسة يخضعون لعمليات تفتيش دقيقة في تحركاتهم من وإلى مقرات عملهم، ويستثنى من ذلك كبار العاملين كرئيس الديوان ونائبه وقائد الحرس الجمهورى, والمتهم الثاني (أحمد عبد العاطي) بصفته مدير مكتب الرئيس الأسبق والمتهم الثالث (أمين الصيرفي) بصفته ضمن طاقم السكرتارية الخاصة برئيس الجمهورية. وتبين من تقرير هيئة الأمن القومي بفحص المضبوطات بحوزة المتهمين, أن جهاز الكمبيوتر المحمول ووحدات التخزين المضبوطة مع المتهم الرابع أحمد علي عبده عفيفي، تحتوي على صور ونسخ ضوئية طبق الأصل لتقارير ومستندات وخطابات سرية مرسلة من الجهات الحكومية والأمنية والسيادية بالدولة (المخابرات العامة، القوات المسلحة، قطاع الأمن الوطنى، هيئة الرقابة الإدارية وإدارة المخابرات الحربية وجهات أخرى بالدولة) إلى محمد مرسي بصفته رئيس الجمهورية آنذاك وبعض العاملين بمؤسسة الرئاسة. وثبت من الفحص أن تلك المستندات يحظر تداولها أو الإطلاع عليها لغير المختصين، وتحفظ بأماكن سرية مؤمنة لتعلقها جميعا بأمن ومصالح البلاد, وأن ما تحويه من معلومات من شأنها الإضرار بالأمن القومي المصري حال تسريبها أو إطلاع غير المختصين عليها فضلا عن تأثيرها السلبي على موقف مصر السياسي والاقتصادي والعلاقات الدبلوماسية مع العديد من الدول الأجنبية, وكذا ما يرتبه ذلك من إضرار بأمن الجهات والهيئات السيادية والأمنية المصرية، كما أن محتوى تلك المستندات من معلومات هو سر من أسرار الدفاع عن البلاد. وكشفت التحقيقات أن من بين الوثائق المهربة التي عثر عليها بحوزة المتهمين, ما صدر عن المخابرات العامة من مذكرات وتقارير موجهة لرئيس الجمهورية الأسبق محمد مرسي، لاعتماد الموازنة العامة للمخابرات العامة عن الفترة من 2013/ 2014، والأحداث الداخلية والخارجية في 5 ديسمبر 2012 (في أعقاب الإعلان الدستوري المكمل) وأخرى صادرة أيضا عن المخابرات العامة المصرية وموجهة إلى أحمد عبد العاطي بصفته مدير مكتب رئيس الجمهورية، بشأن ردود الفعل الدولية والحقوقية حول الإعلان الدستوري الجديد، وبشأن موقف مصر من المصالحة الفلسطينية، وطلب السيناتور الامريكى رونال لى ويدين زيادة الجهود المصرية لمنع تسليح حركة حماس وهدم الأنفاق والسيطرة على الحدود، وطلب السفارة الصومالية زيادة عدد المنح الدراسية للطلبة الصوماليين، وكذا تقرير حول ندوة عقدت بالخرطوم عن الأثر الإيجابي لسد النهضة الأثيوبي على مصر والسودان، ومذكرة عن تطورات الموقف الخارجي، وأخرى عن ردود الأفعال الأوروبية إزاء الأوضاع السياسية بمصر، واجتماعات جبهة الإنقاذ الوطني وطلب من الدكتور محمد البرادعي بإبلاغ مؤسسة الرئاسة عن إجراءات الخروج من أزمة الإعلان الدستوري، وتقرير بشأن أهم الأحداث الخارجية والداخلية, وتقرير يتضمن إيجابيات وسلبيات زيارة خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إلى مصر.