كشف باحثون أمريكيون أن نظرية النسبية الشهيرة للعالم "ألبرت أينشتاين" لها تطبيقات عملية داخل حياة البشر. ونجح العلماء باستخدام ساعات نووية بالغة الدقة في رصد تأثيرات النسبية في الحياة اليومية للبشر، حيث قاسوا أن الإنسان الذي يجلس فوق مقعد متحرك بارتفاع 30 سنتمترا يتقدم في السن أسرع من نظيره الذي يجلس على الأرض. غير أن هذا التقدم المشار إليه لا يعدو 25 نانو ثانية (واحد من مليار من الثانية) على مدى حياة تمتد 79 عاما، حسبما أشار جيمس شين وين شو أستاذ الفيزياء الأمريكي في معهد بولدر الأمريكي القومي بولاية كولورادو في مجلة "ساينس" الأمريكية الخميس. وحسب نظرية النسبية ل"أينشتاين" فإن عقارب الساعة تتباطأ كلما تحركت بسرعة أكبر وكلما تأثرت أكثر بقوة الجاذبية. ويمكن رصد هذه الظاهرة المعروفة باتساع الوقت في وجود سرعة عالية جدا قريبة من سرعة الضوء يمكن من خلالها ملاحظة اختلافات في قوة الجاذبية، حيث لا يمكن على سبيل المثال أن تعمل أقمار تحديد الموقع العالمي "جي بي اس" الصناعية للأنظمة الملاحية بشكل صحيح بدون تصحيحه حسب مبادئ نظرية النسبية، وذلك لأن تأثير قوة جاذبية الأرض على هذا القمر الصناعي الذي يحلق على بعد عدة مئات من الكيلومترات فوق الأرض أقل بعض الشيء منها على سطح الأرض. وبالطبع فإن نظرية النسبية سارية فيما يتعلق أيضا بالأشياء اليومية مثل سير السيارات وصعود السلم غير أنه كان يتم حسابها حتى الآن بشكل نظري، حيث أن الفروق النسبية أقل من أن ترصدها أجهزة القياس الطبيعية. غير أن البروفيسور شو وزملاءه استخدموا هذه المرة عددا من أفضل ساعات العالم النووية، والتي تخطئ ثانية فقط كل 3.5 مليار سنة، وبذلك فهي أدق نحو 100 مرة من الساعات النووية المعيارية في الوقت الحالي. وتعمل هذه الساعات بالغة الدقة من خلال مراقبة تذبذبات نواة مشحونة، وهي في هذه الحالة أيون الألومنيوم الذي يضاء بالليزر. وعادة ما تكون هذه الأيونات في حالة هدوء تقريبا. وقام العلماء خلال إحدى التجارب بجعل أيون إحدى الساعات يطير بسرعة 30 كيلومترا في مدار، فوجدوا أن هذه الساعة أصبحت أبطأ من الساعة الأخرى ذات الأيون الهادئ، أي أن الوقت يمر أبطأ بالنسبة للأيون الدائر. ويعرف هذا التأثير أيضا بمفارقة التوأمين، والتي مؤداها أنه إذا طار أحد التوأمين بصاروخ سريع عبر الفضاء فإنه يكون لدى عودته إلى الأرض أصغر سنا من أخيه الذي ظل على الأرض. وفي تجربة أخرى، قام الفيزيائيون برفع الإيون في واحدة من الساعتين الدقيقتين بنحو ثلث متر وكانت النتيجة أن كانت هذه الساعة أسرع، لأن قوة الجاذبية على ارتفاع 30 سنتمترا من الأرض أقل منها على سطح الأرض. ويعتزم الباحثون معرفة ما يمكن أن يسببه فارق ارتفاع بمقدار واحد سنتمتر فقط.
