تخبط فى «المالية».. و«الشرقية للدخان» لم يصلها رسميا قرار زيادة الضرائب على السجائر أو تجميدها مصلحة الضرائب دعت الصحفيين لمؤتمر يشرح الزيادة ثم ألغته وزارة المالية بعد قرار الرئاسة بتجميد الضرائب
لا أحد يعرف شيئا فى مصلحة الضرائب نفسها عن قرار محمد مرسى بالتراجع أو بالأحرى تأجيل فرض ضرائب إضافية على عدد من السلع والخدمات، فقرار زيادة الضرائب الذى صدر فى الساعات الأولى من صباح أول من أمس، كان قد نشر فى الجريدة الرسمية دون إعلان رسمى من قبل مؤسسة الرئاسة.
مقرب من ممدوح عمر رئيس مصلحة الضرائب طلب عدم ذكر اسمه، اعترف بأن عمر لم يعلم بقرار التراجع إلا عبر وسائل الإعلام ولم يصله أى إخطار رسمى من مؤسسة الرئاسة أو من أى جهة بما فيها وزارة المالية بالتراجع عن القرارات الاقتصادية التى صدرت كلها بتاريخ يرجع إلى الخميس الماضى السادس من ديسمبر الحالى، بعد يوم واحد من الأحداث الدامية أمام قصر الاتحادية.
وفى السياق ذاته أصدر وزير المالية تعليمات شفوية حظر فيها على قيادات مصلحة الضرائب الحديث إلى وسائل الإعلام.
وظل الغموض سيد الموقف فى مصلحة الضرائب حول ما إن كان قرار التراجع يشمل كل الإجراءات الاقتصادية التى أعلن عنها فى الجريدة الرسمية من عدمه، من قبيل القرار بقانون رقم 101 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، والقرار بالقانون رقم 103 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008، والقرار بالقانون رقم 104 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111لسنة 1980.
مصلحة الضرائب كانت قد دعت الصحفيين بعد ساعات قلائل من الإعلان عن القرارات أول من أمس، لحضور مؤتمر صحفى فى مقر المصلحة فى مدينة نصر، قبل أن تستبق وزارة المالية الأمر، وتعلن من جانبها عن استضافة المؤتمر فى مقر الوزارة الرئيسى فى شارع امتداد رمسيس، وبعدها أبلغت وزارة المالية الصحفيين بتأجيل المؤتمر بدعوى أن رئاسة مجلس الوزراء قررت من جانبها إعلان تفاصيل القرارات فى مؤتمر صحفى تعتزم تنظيمه هى بدلا من وزارة المالية، كون هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء يرغب فى الإعلان بنفسه عن التفاصيل، حسبما قال مسؤولون فى وزارة المالية.
وبعدها بساعات قلائل أعلنت رئاسة الجمهورية عن وقف سريان القرارات ولكن بصياغة تنطوى فقط على الإشارة إلى رفع الضرائب على السلع والخدمات عبر التعديلات على قانون ضرائب المبيعات دون الإشارة إلى بقية القرارات، وهو ما يتسق مع توجه عام يوحى باستبعاد مصلحة الضرائب إلى حد ما، من قبيل الإصرار على إصدار تعديلات على قانون الضرائب على المبيعات، رغم إلحاح مصلحة الضرائب المصرية لإلغائه مقابل فرض قانون جديد للقيمة المضافة، وفقا لتصريحات سابقة لممدوح عمر رئيس المصلحة ل«الدستور الأصلي»، بخلاف تصريحات أخرى نشرتها «الدستور الأصلي» أمس، لمصدر رفيع فى المصلحة، طلب عدم ذكر اسمه.
اللافت أيضا أن وزارة المالية نفسها التى لم يتسلم مستشارها القانونى محمد الدكرورى، وهو المستشار القانونى السابق للرئيس المخلوع حسنى مبارك، أى إخطار رسمى يفيد التراجع عن قرار فرض الضرائب الجديدة، حتى مثول الجريدة للطبع، وبالتالى لا تعلم الوزارة حتى الآن نطاق التراجع عن القرارات، وما إن كانت تشمل أى قرارات أخرى بخلاف قرارات ضرائب المبيعات، حسبما قال الدكرورى ل«الدستور الأصلي».
نفس الأمر حيال شركة الشرقية للدخان وهى أكثر الأطراف تأثرا بضرائب المبيعات على السجائر بصورة خاصة، كونها تحتكرها بحكم القانون، إذ نفى أسامة سعد الدين المدير المالى للشركة فى تصريحاته ل«الدستور الأصلي» أن تكون وزارة المالية قد أبلغتهم بالقرارات أو بالتراجع عنها مسبقا. على الرغم من أن قرار التراجع ينطوى، وفقا للبيان الرسمى الصادر عن رئاسة الجمهورية، على وقف السريان فقط، لا الإلغاء، مما يعنى فعليا تأجيل التطبيق، ومن ثم احتمال اتجاه التجار لمحاولة إخفاء المخزون لحالى من السجائر فى انتظار ارتفاع الأسعار، ومن ثم تحقيق مزيد من الأرباح وفقا لأحداث شبيهة، وهو ما رفض سعد الدين التعليق عليه.
وكان صالح أبو اليزيد رئيس الإدارة المالية فى الشركة القابضة للصناعات الكيماوية التى تتبعها الشركة الشرقية للدخان، قد شدد فى تصريحات نشرت على موقع «الدستور الأصلي»، مساء أول من أمس، على أن شركته لم تبلغ مسبقا من قبل أى طرف بالقرارات.. على أن كل تلك الأطراف لم تكن وحدها البعيدة عن إصدار القرارات ولا تأجيلها، فكذلك كان البنك المركزى نفسه.
إذ كشف مصدر مسؤول بوزارة المالية، طلب عدم نشر اسمه، أن اجتماعا سابقا بين قيادات الوزارة مع فاروق العقدة محافظ البنك المركزى قبل أيام شهد خلافا حادا بين وزير المالية ومحافظ البنك حول بند رفع الدعم جزئيا عن بعض أنواع الطاقة وكليا عن البعض الآخر للطاقة داخل خطة برنامج السياسات المالية والنقدية للحكومة الفترة القادمة، وكذلك البنود المتعلقة بفرض زيادات على ضرائب المبيعات، حيث طالب العقدة الحكومة الحالية بتأجيل تطبيق خطة إعادة هيكلة الدعم المقدم للمواد البترولية المتوقع تطبيقه خلال أبريل القادم.
العقدة، حسب مصدر وزارة المالية، أرجع طلبه هذا إلى عدم قدرته على مواجهة ارتفاع معدل التضخم الناتجة عن تلك الإجراءات، إذ توقع أن يرفع أسعار السلع الأساسية بنسبة تقارب 100%، وهو ما سيرفع معدل التضخم بأكثر من 5% دفعة واحدة. وينذر ذلك بفشل مجلس متابعة التضخم المزمع إنشاؤه وفقا للبرنامج نفسه، بالإضافة إلى أن المعدلات التى ترتفع بها الأسعار سوف تفوق النسبة المتفق عليها مع صندوق النقد.
ووفقا للمصدر، فإن وزير المالية قال فى المقابل إنه سيسعى خلال الفترة الحالية للتوصل مع الحكومة على تفعيل الدور الرقابى للحد من ارتفاع الأسعار عقب قرار إعادة هيكلة الدعم، على أن يستمر البنك المركزى فى تطوير إطار السياسة النقدية وسعر الصرف لتحقيق معدلات تضخم منخفضة فى الأجل المتوسط.