فى ذلك النصف يوم السعيد الذى أقضيه خارج أسوار المستشفى رأيتها..مجموعة من الكتابات الكالح لونها على إحدى حوائط سور من تلك الأسوار التى تحيط بمساحات من الأراضى فى قلب العاصمة لا نعرف لها فائدة أو استغلالا.ً الحائط اعترته بعض وساخات أضاعت ملامح الحروف والألوان، أو ربما الحائط امتص ألوانه على عجل لأنه لا يستطيع أن يجهر بهذا الكذب الصراح. الكتابات بدت وكأنها تعود إلى أشهر قليلة مضت لأن أبرز ما فيها وأكبره حروفاً كان تلك العبارة "مبروك محمد مرسى رئيساً للفقراء".
حينها قرأت العبارة أدركت أن الحائط أكثر نبلاً من وصدقاً ممن كتب عليه إذ استحى مما كتب على صفحته.
عندى مشكلة كبيرة مع من يربطون بشكل حصرى بين رئاسة مرسى ودين الإسلام فتسمع بين الحين والآخر هراءاً من أن مصر أخيراً قد دخلت إلى الإسلام أو أن الإسلام قد وصل إلى الحكم بوصول مرسى أو ما إلى ذلك من الهراء والكذب، لكن عندى مشكلة أكبر مع من كذب كذبة كتلك التى أخجلت الحائط هل وصل الاستخفاف بعقول هذا الشعب إلى تلك الدرجة؟؟؟
رئيساً للفقراء!!!!
أى فقراء يقصدهم هذا الكاذب؟!..
أهم قوم غير هؤلاء الذين تمتلئ بهم حياتنا؟؟؟
أفقراء مرسى الذين ترأسهم غير هؤلاء الذين يعبثون فى صناديق القمامة بحثاً عن فضلات طعامنا؟
أم أن فقراءه لا تدخل فى زمرتهم تلك السيدة التى صرخت يوم جاءت إلى استقبال الحوادث "آدى اللى خدناه من مرسى" لأن أمها تحتاج إلى سرير رعاية مركزة وطبعا هو حلم وردى أن تجد سرير رعاية شاغر فى مستشفى حكومى.
قد نتحمل كذب الرئيس وشيعته حين يتحدث عن شىء لا نلمسه حتى لو كنا متيقنين من كذبه.
لكن حين يتحدث الرئيس أو أحد ممن يدافعون عنه بالريموت كونترول فى الحق والباطل عن شىء تلمسه يومياً فلا تسمع إلا كذباً يجب حينها أن تكون لنا وقفة
لأنك تشعر حينها أن شيئاً لم يتغير.. الحال كما كان.. مجموعة من العقليات المتصلبة الجامدة تتقيأ بعض التصريحات فى وجوهنا وعلى أسماعنا يوماً تلو الآخر فقط لأنهم يتصورون أننا نتمتع بنفس مستوى ذكائهم وأن شعارات كاذبة سوف تتطلى علينا.
حدثنى يا رئيس الفقراء عن معاناتهم مع رغيف الخبز الذى وعدت بالقضاء على مشكلته فى أول مائة يوم من عهدك الميمون.. حدثنى يا سيدى عن معاناتهم اليومية فى مرور قلت كذبا أنك حللت أكثر من نصف مشكلته .. حدثنى يا من نسبت نفسك للفقراء عن صحتهم، عن استجابتك لإضراب الأطباء الذى يطالب بصحة أفضل للمصريين عن طريق زيادة ميزانية الصحة أو على الأقل توزيعها بعدالة لكنك يا سيدى لا تستجيب إلا لمن يحمل السلاح.. لأنك تفكر تماما كمن سبقك وتظن أن رفع مرتبات الجيش والشرطة قد يملك غضب الناس أو يوطد دعائم كرسيك.
حدثنى سيادتك عن تعليم الفقراء ... عن أمنهم... عن عشوائياتهم
حدثنى عن مشروعاتك الاستثمارية (المنتجة) العملاقة التى ((زاد)) خيرها وفاض حدثنى عن كيفية تعاملك مع رجال أعمال مبارك ممن مصوا دم فقراء هذا الشعب.
حدثنى عن اسعار الخضروالفاكهة يا سيادة الرئيس.
حدثنى عن عدد المرات التى يتذوق فيها الفقير طعم اللحم شهرياً فى أيامك السعيدة؟
حدثنى عن عدد الفقراء الذين قد تنقلب حياتهم رأساً على عقب بتكاليف تأمين صلاة جمعة واحدة لسيادتك.
حدثنى يا فخامة الرئيس عن أسعار الغاز الكهرباء البنزين.
حدثنى عن أسعار الناس يا سيادة الرئيس.
الناس الذين يسجنون ظلما فى بلاد شقيقة فلا يجدون منك وليا ولا نصيرا لأن ثمنهم دفع كمساعدات ومنح وفرص عمل وخلافه.
والناس الذين تقتلهم فى بلادنا كل يوم يد الإهمال والبيروقراطية وغياب المسئولية، حدثنى عن سعر طفل واحد من اطفال أسيوط
أهو فعلاً أربعة ألاف جنيه؟!!
أهذا هو ثمن الفقير فى بلادنا يا سيادة الرئيس؟
إذا كان هذا هو حال الفقراء وأنت منتسب إليهم.. فكيف يكون حالهم إذا لو أنهم منسيون؟.
سيدى الرئيس .. الفقراء كما هم.. يسبونك فى وسائل المواصلات وعلى عربات الفول وفى طوابير الخبز وفى أروقة المصالح الحكومية وفى قلب العشوائيات وفى مراكب الهجرة غير الشرعية كما كانوا يسبون سلفك وأكثر.
ودعنى أخبرك شيئاً.. طبيب المسكنات طبيب فاشل سواء أكانت مسكناته عضوية أو نفسية.
فمن يتجاهل آلام المريض الحقيقية ويعمد إلى إسكات شكوى المريض بمجموعة من الأدوية القاتلة للألم أو وعود متكررة بالشفاء والتحسن دون مواجهة حقيقية لطبيعة المرض وسببه هو إنسان غير أمين وطبيب ينتحر مهنياً.
أحذرك أن تكون هذا الطبيب وأنت تداوى جراح أمتك يا سيادة الرئيس وإلا لفظتك كما لفظت من قبلك غير مأ سوف على كليكما. عاشت مصر وتحيا الثورة
إعتذار
أعتذر وبشدة عن عدم انتظامى فى كتابة هذا المقال ولكنى أقسم على أن هذا خارج عن إرادتى إذا أمر بفترة من أصعب الفترات فى حياة أى طبيب فى مستشفى جامعى وهى بداية فترة النيابة، والتى لا أرى فيها أهلى إلا مرة واحدة كل أسبوع أو مرتين على الأكثر ولا أحظى فيها بوجبة غذائية إلا مرة كل أربعة أيام أو خمسة، ويعلم الله كم افتقد كتابة هذا المقال وكم افتقد قرائى إلا أن للضرورة أحكام