تسبب الاعلان الدستوري الجديد في أزمة أرى أنها الأسوأ منذ قيام ثورة 25 يناير، فهل هناك ما هو أسوأ من انقسام البلد إلى نصفين لا توجد نقطة التقاء بينهما، نصفين يرى كل منهما نفسه الثوري وأن الاخر هو الخائن والفلول والعميل، إنها المعادلة الصفرية. والمرعب بالنسبة لي حقا هو تصوير المشهد بوصفه حرب بين دولة الاسلام ودولة بني علمان مما قد يدفع البعض إلى استحلال دم الاخر خاصة بعد هجوم مجموعة من المتظاهرين على مقرات الاخوان وحرق بعضها. أرجو وأتمنى من الله ألا يقودنا هذا الإعلان الدستورى إلى فتنة كبرى. دعوني أنطلق من تغريدات السيدة المحترمة د/هبة رؤوف عزت لأنها كانت أكثر ما عبر عن موقفي من الإعلان "الضغط الشعبي لتقييد يد الرئيس ضروري.وما زال تطهير الداخلية مسكوتا عنه. لكن هناك توجه ضد السلمية واستدعاء البعض بقوة للدم ليغذي ثورة غضب" الشباب له طموحاته لكن قياداتهم لها حساباتها.. الانصاف غائب والمزايدة بين الجميع سائدة والثقة شبه معدومة. التهييج أسهل الحلول.والمطلوب ضوابط" الإعلان يسعى لتأمين نظام جديد وتحقيق مطالب ثورية.المشكلة في تركز السلطة.الخوف من الاستبداد مشروع.الحل في دستور عبقري لكن التأسيسية تعجز عنه" إن التخوف إذن مشروع والاعتراض مشروع والاختلاف مع الاعلان كله او بعض منه مشروع. وبعيدا عن النوايا خلف الإعلان الدستوري والغرض منه وتبرير ما حمله من ديكتاتورية وتحصين للشورى ولجمعية الدستور تكمن المشكلة الحقيقية قي الشكل والأسلوب بالنسبة لي أكثر من كونها في المضمون. لست هنا بصدد مناقشة الإعلان من الناحية السياسية والدستورية، فأنا لا أتمتع بالخبرة الكافية لذاك علاوة على أن تلك الجوانب قد قتلت بحثا على شاشات التلفاز، سأتناول الأمر كمواطن أفزعه المشهد وتبعاته.
يؤكد الإخوان ومؤيدو القرار أن الإعلان جاء على هذا النحو ردءا لمؤامرة تحاك على الرئيس متمثلة في حل التأسيسية ومجلس الشورى وقبول الطعن على الانتخابات الرئاسية وعودة العسكر والفلول. إنها بالفعل مؤامرة خطيرة، ولكن هل كان من المفترض أن تظل مؤامرة مثل تلك في الخفاء؟ لماذا لم يخرج الرئيس في خطاب على الشعب معلنا عن حاجته لسلطات استثنائية موضحا الأسباب ويجري استفتاء عليها؟ لماذا لم يشرك باقي القوى السياسية في الأمر، ولو من باب "أن يأمن شرهم"؟ أين الرؤية؟ ما الذي كان يتوقعه الرئيس بعد إعلان مثل ذلك في ظل إقصاء للجميع فيم عدا شباب الاخوان الذين ذهبوا لتأييده قبل صدوره رسميا؟ يؤكد السياسي الإخواني عصام العريان على قناة الجزيرة أن الرئيس حاول التوافق وإشراك الجميع والقوى السياسية في القرار إلا أنهم هم من رفض؟ كيف يمكن تصيق ذلك يا سيد عصام إذا كان هناك من بين مستشاري الرئيس أنفسهم قد علموا عن الإعلان الدستوري من شاشات التلفاز؟ لقد قام الرئيس بإقصاء الجميع وكان عليه التواصل والحوار ووضع كافة الأطراف في الصورة، فالإقصاء وغياب الشفافية هي السقطة الأولى للرئيس في هذا الموقف. فلتتخيلوا معي اتخاذ رئيس شركة ما لقرارات تقلب كيانها رأسا على عقب دون أن يعلم العاملين معه بها وبأسباب اتخاذه لها ومدى جدواها ونفعها، ماذا سيكون رد الفعل حينها؟ غياب التواصل والشفافية قادرين على تقويض أعتى المؤسسات فمابالكم بمؤسسة خربة بالفعل؟
أما السقطة الثانية فتمثلت في خطابه أمام الاتحادية. لقد ألقى الرئيس خطابه الثوري الأول في ميدان التحرير أيقونة الثورة، فاتحا صدره أمام الجميع قاطعا على نفسه وعد بأن يكون رئيسا لكل المصريين حتى من صنفوا الفلول وحتى من انتخبوا شفيق. أما خطاب الاتحادية فلم يعكس إلا بصورة واحدة، بصرف النظر عن مضمونه، وهي أن الدكتور محمد مرسي ينحاز لجماعته الإخوان! كان ينبغي عليه على الأقل إذا أراد مخاطبة الشعب أن يفعل ذلك من مكتبهي ميادين أو تجمعات. كان على الرئيس لم شمل المصريين وتحقيق التحالف بين كافة الاطراف لا تمزيقها على هذا النحو، فالجميع شركاء هذا الوطن وينبغي أن يكون لهم مكان فيه حتى لو فلول!
السقطة الثالثة، نفس الطريقة المباركية في التعامل مع المتظاهرين تجاهل مطالبهم ووصفهم بالقلة أو أن بعضهم ممول من الخارج وقمع الشرطة الوحشي لهم ليس بالسيناريو المناسب للتعامل مع الأمر على الإطلاق. لقد وصلنا إلى أكثر المشاهد هزلية واختلط الحابل بالنابل فلول وثوار ومعارضين في مشهد واحد، لقد وجد المخربين فرصة جديدة للظهور غلى السطح محتمين في ذرائع ثورية. لقد وجد أصحاب المصالح الخاصة فرصتهم في هذا المشهد المضطرب متاجرين بدماء الشهداء كما يفعل الجميع، كيف لم يتمكن رئيس الدولة من رؤية عواقب هذا الإعلان، كيف لم يفكر في السيناريوهات المحتملة وسبل التعامل معها؟
في مصلحة من كل هذا الصمت الرهيب، صمت الرئيس الراع الأول للبلاد والمسؤل الأول عن أمنه وصمت رؤساء الاحزاب والملهمين والمحركين للشباب متمثلين في البرادعي وحمدين وغيرهم، ما هو موقفكم من هذا التخريب والعنف ماذا ينتظر كل من يراقب المشهد في صمت، مزيد من الدماء؟ لتذهب كافة الاحزاب إلى الجحيم – كفاكم مراقبة في صمت فمن يدفع الثمن هو الوطن وشباب ليس بالنسبة لكم جميعا سوى آداه لتحقيق مصالحكم الحزبية والسياسية لتخرجوا عن صمتكم جميعا حقنا للدماء، لابد من الحوار ومن الوصول لوفاق كفانا الله شر الفتن.على رئيس كل المصريين أن يأمر الشرطة برفع أيديها الباطشة عن الشباب وعليه أن ينسى انتمائه الحزبي في الوقت الراهن وعلى رؤساء الأحزاب الكف عن البحث عن مكاسب حزبية على حساب دماء شباب هذا الوطن، على كل من أحضر العفريت أن يصرفه، وإلا من نسلم جميعا من شره.