تثبت كل يوم جماعة الإخوان أنها جماعة تعمل لمصالحها ومصالح أفرادها لا من أجل الوطن. كانت صراعاتها التاريخية مع السلطة، أى سلطة، من أجل الإبقاء على الجماعة وأفرادها وليست صراعات سياسية من أجل الوطن وتقدّمه وانتقاله إلى مصاف الدول المتقدمة.
بات واضحًا أن الجماعة أصبحت عجوزا.. وشخصياتها عاجزة وفاشلة.
بات واضحًا أن الجماعة إقصائية.. ولا تثق إلا بأعضائها حتى ولو كانوا فاشلين.
بات واضحًا أن الجماعة تسعى إلى التمكين والسيطرة على الوطن لكى يتحول البلد إلى عزبة خاصة للإخوان بعد أن كانت عزبة لمبارك وحزبه الوطنى الفاسد.
بات واضحًا أنها جماعة لا علاقة لها بالديمقراطية، وإن استغلّت الديمقراطية «ظاهريًّا» وتعبويًّا من أجل اقتناص السلطة.
بات واضحًا أنها جماعة ضد الحريات.. وداعية إلى تقييدها.
بات واضحًا أنها تسير على نهج النظام السابق فى إدارة الأمور.. واستخدام سياسة «الترقيع» بدلًا من اعتماد التغيير الذى طالبت به الثورة.
لقد كشفتهم السلطة التى جلسوا على مقاعدها وأظهرت فشلهم وعجزهم وقصور رؤيتهم وضعف شخوصهم وضآلة تفكيرهم.
فالأمور تسير من سيئ إلى أسوأ على أيديهم فى شؤون البلاد كافة، ويقدمون تجربة سيئة فى إدارة الحكم والحفاظ على الوطن ومصالحه.
حتى دستور البلاد الذى كان يبنى الشعب عليه طموحاته فى نقلة نوعية لبناء مجتمع ديمقراطى تشارك فيه كل القوى الوطنية فى وضعه من أجل رفعة هذا الوطن.. يريدونه على مقاسهم ومَن يتحالف معهم.
لم يعتدّوا باعتراضات القوى الوطنية على مسوّدات دستورهم المتعددة، التى ظهرت فجأة.. ولا أحد يعرف مَن واضعها ومَن كتبها ومَن صاغها.
لم يعتدّوا بأمل هذا الشعب فى الديمقراطية والعدالة والحرية، وهى مطالب الثورة.. التى سطوا عليها.
لم يعتدوا بانسحاب قوى مؤثّرة من جمعية «الغريانى-الإخوان» لكتابة الدستور مثل الكنيسة التى وجدت ما يحدث انحرافًا عن التوافق الوطنى.
لم يعتدّوا بانسحاب قوى سياسية وطنية كان لبعضها دور بارز فى الثورة.
يريدون انتصار سياسة «الترقيع» التى كان يسير عليها النظام السابق.
لا يعرفون الفرق بين الاستقالة والانسحاب.. فالانسحاب يعنى انتهاء «التأسيسية».. ولا يمكن أن يكون بديل الانسحاب هو إدخال شخصيات أخرى من الاحتياطى الذى ينتمى أيضًا إلى جماعة الإخوان وحلفائهم.
لقد فضحتهم تلك الانسحابات المتتالية وأصبحت «التأسيسية» المطعون عليها دستوريًّا من الأساس محل شك.. ولم تعد تمثل كل القوى وأطياف المجتمع المصرى.
لكنهم ما زالوا يصرون على الاستمرار ولا يعترفون بفشلهم، ولا يحترمون القوى السياسية ولا الشعب الذى قام بالثورة من أجل دستور جديد يضعه على أعتاب الدولة الوطنية لا كيان العزبة الخاصة.
لقد أتوا بشخصيات ما أنزل الله بهم من سلطان، عملوا مع الأنظمة كافة، وتاجروا فى كل شىء وكانوا يتعاملون مندوبى إعلانات أو مندوبين لأمن الدولة، ليكونوا بديلًا عن ممثلى القوى الوطنية فى «التأسيسية» لوضع دستور على مقاسهم.
يعملون على تجنيد شخصيات من أجل مصالح شخصية ومنحهم مناصب ومزايا، للموافقة على دستورهم وترقيعاتهم كما كان يفعل النظام السابق المستبد الفاسد.
.. يا أيها الذين فى «التأسيسية».. اختشوا على دمّكم!