قال الدكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب، فى اجتماع لجنة دستور الإخوان: «نحن ماضون فى طريقنا ونود من إخواننا المنسحبين أن يلحقوا بنا، لأنهم منتخبون». .. والدكتور الكتاتنى هو رئيس لجنة الدستور.. والذى انتخب رئيسًا دون أن يترشح أحد أمامه.. فقد كان كل شىء مجهزًا وليس هناك من يجرؤ على ترشيح نفسه أمام من استدعته جماعته -جماعة الإخوان- للمشاركة فى لجنة الدستور.
.. والدكتور الكتاتنى يعلنها واضحة.. إنهم ماضون فى الطريق.
.. ولا يهمه هنا أمر المنسحبين من الشخصيات العامة أو ممثلى قوى الأحزاب التى رأت بعينيها العوار فى طريقة تشكيل اللجنة وطريقة الانتخابات الهزلية التى أعدتها جماعة الإخوان، وباشرتها قيادات حزب الإخوان.. وأعلنها الكتاتنى.
.. ولا يهمه هنا أيضا انسحاب مؤسسات مهمة مثل الأزهر والكنيسة من المشاركة فى مسرحية لجنة دستور الإخوان.
فهم ماضون.. وقد أعزتهم كثرتهم وتحالفهم مع السلفيين و«العسكرى».. ليفرضوا رؤيتهم فى مستقبل هذا البلد بعد الثورة العظيمة التى قامت على دماء الشهداء، فإذا بهم يشاركون جنرالات معاشات المجلس العسكرى فى تبريد الثورة.. وتشويه الثوار.. لنصل فى النهاية إلى إجهاض الثورة.. وما نحن عليه الآن من ارتباك وتخبط حتى داخل جماعة الإخوان نفسها. لكن، وقد أغرتهم كثرتهم التى حصلوا عليها من انتخابات مجلس الشعب، التى سهل لهم المجلس العسكرى الكثير فيها، بدءا من قانون انتخابات سيئ.. وقانون تقسيم دوائر أسوأ.. وفى نفس الوقت السماح لأحزاب بالترخيص على أساس دينى، مخالفا بذلك للقانون.. وقبل ذلك منحهم النفوذ والغطرسة من خلال مسرحية الاستفتاء على ترقيعات دستورية تركها النظام المخلوع، مخالفا بذلك أهداف الثورة التى دعت إلى دستور جديد، وليس إلى إدخال ترقيعات دستورية على دستور مهلهل.. واستغل الاثنان (جنرالات المجلس العسكرى وجماعة الإخوان) ومعهما السلفيون، فى الادعاء بأن نتيجة «نعم» كانت استفتاء على شرعيتهم (هكذا خرج علينا اللواء ممدوح شاهين الذى منح صوته فى لجنة الدستور للكتاتنى، ليقول إن الاستفتاء كان على شرعية إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لشؤون البلاد).
.. ومن ثم أصبح الدستور فى المؤخرة بعد الانتخابات.. ولتتحكم جماعة الإخوان فى طريقة وتشكيل اللجنة ووضع معاييرها.. وتجهيز دستور مكتوب على مقاسهم ومقاس حلفائهم الجدد، ولم ينظروا إلى مستقبل هذا البلد.. ولا إلى ما قامت به طوائف الشعب فى الوقوف ضد ديكتاتورية واستبداد نظام مبارك وحزبه الوطنى الساقط الفاسد المنحل، الذى احتكر السلطة، ولم يسمع إلى رؤية منتقديه.. وها هم يكررون نفس المأساة، ويعتبرون منتقديهم خارجين عليهم.
.. لم يعترفوا أنهم أخطؤوا فى تشكيل لجنة الدستور، ويصرون على المضى قدما فى طريقهم الذى رسموه، مستعينين بترزية قوانين جدد «ملاكى».
.. فسروا مواد الإعلان الدستورى على مزاجهم فى تشكيل لجنة الدستور.
.. لم يستمعوا إلى آراء معارضيهم.. وحتى من المقربين إليهم فى ضرورة إعادة تشكيل اللجنة بمعايير وأسس جديدة تتيح لطوائف المجتمع المشاركة فى كتابة الدستور.. لكن تأخذهم العزة بالإثم.. وبغرور الأكثرية يرفضون جميع الاقتراحات.. ويمضون فى طريقهم الذى رسموه فى إطار الجماعة التى ما زالت تعمل بطريقة التنظيم السرى.. وكأنهم لا يصدقون أنه أصبح لهم حزب علنى.. وأن هناك ثورة قامت أطلقها شباب مصر المخلصون وشارك فيها الملايين من الشعب للإطاحة بحاكم مستبد، وسقط فيها آلاف الشهداء والمصابين، من أجل قيام مجتمع ديمقراطى.. يليق بمصر وأهلها وتاريخها وجغرافيتها. لكن الجماعة (جماعة الإخوان) لا ترى إلا نفسها.. ورجالها الذين يدينون بالولاء والطاعة ل«يافطة الجماعة».. فكل همهم إعلاء شأن الجماعة عن شأن الوطن. .. هكذا يمضون فى لجنتهم للدستور، من أجل الجماعة، وليس من أجل الوطن.. ومستقبل الأجيال القادمة. .. فيا خسارة! .. ويا أيها الذين فى لجنة دستور الإخوان.. وما زلتم لم تحسموا أمركم بعد.. وتتوقعون أنهم سيستمعون إلى كلامكم وآرائكم.. وسيعيدون النظر فى اللجنة ومعاييرها، فراهنكم عليهم لن يفيد!! .. واتركوهم مع لجنتهم، وليكن دستورهم الخاص بهم.