بعد أن أعلنت واشنطن التزامها التام بأمن إسرائيل وضمان تفوقها العسكري علي العرب، وبعدما وافق العرب علي الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع الفلسطينيين، وجّهت إسرائيل صفعة قوية لما يوصف بالجهود الأمريكية لتحريك المفاوضات الإسرائيلية مع السلطة الفلسطينية بإقرارها خطة جديدة لبناء 1600 وحدة استيطانية في القدسالشرقيةالمحتلة، في واحد من أكبر مشروعات الاستيطان، وهو يعادل بناء بلدة أو حي يهودي جديد داخل المدينة المقدسة التي تنفذ فيها حكومة بنيامين نتنياهو أوسع حملة تهويد منذ احتلالها عام 1967، وتشمل الاستيطان وطرد السكان الفلسطينيين وهدم منازلهم. وتأتي الخطوة بعد يوم علي إعلان المبعوث الأمريكي جورج ميتشل عن اتفاق لبدء مفاوضات غير مباشرة فلسطينية إسرائيلية، وفي خضم الزيارة التي يقوم بها الي إسرائيل نائب الرئيس جو بايدن، الذي اضطر الي إصدار بيان ندد فيه بالمشروع الاستيطاني الإسرائيلي الجديد، معتبراً أنه «يقوّض الثقة» التي تسعي واشنطن إلي بنائها. وأعلنت وزارة الداخلية الإسرائيلية الموافقة علي بناء 1600 وحدة سكنية في مستوطنة «رمات شلومو» في القدسالشرقية، مشيرة إلي أنّ هذا المشروع يستهدف نطاق هذه المستوطنة من جهتي الشرق والجنوب، ويشمل أيضاً تطوير مداخلها. وأوضحت أنّ ما لا يقل عن 30 في المائة من هذه الوحدات الجديدة ستخصص للأزواج الشابة، مشيرة إلي أنّ تنفيذ هذا المشروع سيبدأ بعد 60 يوماً، وهي المهلة التي يفرضها القانون الإسرائيلي للبت في المراجعات أمام الجهات الإدارية والقضائية المختصة. وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنّ هذا المشروع سيقام علي مساحة 1433 فداناً، علي أن متوسط مساحة كل وحدة سكنية 120 متراً مربعاً. وقالت مخططة منطقة القدس في وزارة الداخلية المهندسة داليت زيلبر إن «الخطة تتماشي مع سياسة وزارة الداخلية بتوسيع الأحياء السكنية القديمة (الأحياء الاستيطانية) وزيادة عدد المساكن المطروحة علي السكان». وسارع نائب الرئيس الأمريكي «جو بايدن» إلي التنديد بهذه الخطوة، بعدما سبق للبيت الأبيض أن أصدر موقفا منددا. وفي بيان عكس مدي الإحراج الذي تسبب به القرار الإسرائيلي لواشنطن، قال بايدن: «إنني أدين قرار حكومة إسرائيل بناء وحدات سكانية جديدة في القدسالشرقية»، معتبراً أنّ «مضمون الإعلان وتوقيته، الذي يتزامن مع إطلاق المفاوضات عن قرب، يعدان خطوة لتقويض الثقة التي نريدها في الوقت الراهن، ويأتيان في مسار عكسي للمحادثات البناءة التي قمت بها في إسرائيل». وانتقد عضو مجلس بلدية الاحتلال في القدس عن حزب «ميرتس» اليساري «مئير مرجليت» هذا القرار، معتبراً أنه يشكل «صفعة» لزيارة بايدن الأراضي المحتلة، وعرقلة المساعي التي تبذلها الإدارة الأمريكية لتحريك المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وأضاف أنّه «ليس من قبيل الصدفة أن يصدر هذا القرار في هذا التوقيت»، لافتاً إلي أنّ وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشاي «لم يستطع أن يكبح جماح نفسه لمدة يومين أو ثلاثة أيام حتي يغادر بايدن إسرائيل». ويأتي الإعلان عن هذا المشروع الاستيطاني بعد يوم من إعلان وزير البيئة الإسرائيلي جلعاد أردان، عن بناء 112 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «بيتار عيليت» قرب بيت لحم في الضفة الغربية. في السياق ذاته، أعلن نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس من حزب «مفدال» اليميني «ديفيد هداري» أنّ الجماعات الاستيطانية تعتزم قريباً السيطرة علي منازل فلسطينية في حي الشيخ جراح في المدينةالمحتلة، وتحديداً في محيط ما يعرف «قبر شمعون الصديق». وقال هداري خلال جولة قام بها في الحي، إنه سمع من المستوطنين عن خطة للتنفيذ قريباً بهدف جلب مستوطنين جدد إلي حي الشيخ جراح، مشيراً إلي أن هناك «نية لتنفيذ الملكية اليهودية علي المكان». وأضاف أنّ هدف جولته في الحي التضامن مع المستوطنين جراء «التنكيل بهم من قبل متظاهري اليسار». وقوبلت زيارة هداري الاستفزازية باحتجاجات شعبية سارعت شرطة الاحتلال إلي قمعها. وذكرت مصادر فلسطينية أنّ مواطناً مقدسياً علي الأقل أصيب في مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية في حي الشيخ جراح. وأضافت المصادر أن هداري كان يستهدف إقامة ديوان له في منزل مسنة فلسطينية صادرته البلدية ما أثار غضب السكان وتسبب باندلاع المواجهات. في هذه الأثناء، ذكرت صحيفة «هاآرتس» أن ميتشل أوضح للمسئولين الإسرائيليين والفلسطينيين أن التفاهمات التي تم التوصل إليها في أعقاب مؤتمر أنابوليس عام 2007 غير ملزمة بالنسبة لجولة المفاوضات الراهنة. ولفتت الصحيفة إلي أن الولاياتالمتحدة حددت أربعة أشهر للتوصل إلي نتائج، وعندئذ ستعلن ما إذا كانت الأطراف تعكس مواقف الإجماع الدولي حول الصراع.