«فى الذيل» تكرر هذا التعبير كثيرًا مقرونًا بفيلم «جوه اللعبة»، حيث إنه احتل المركز الأخير من دون منافس فى قائمة إيرادات الأفلام المعروضة فى العيد. مع أول حفل «بانت لبته» فلم يحقق أى إقبال، وهذا يعنى أن نجم الفيلم يفتقد تمامًا القدرة على الجذب بعيدًا حتى عن مستوى العمل الفنى، وعلى الفور طبقت عليه شريعة السوق القاسية، وهى أن دور العرض صارت تستغل الشاشة التى رُصدت له لأفلام أخرى، وهكذا عمليا عُرض فى العيد إلا أنه عمليًا قد ذبحه العيد، فسالت دماؤه على كل الشاشات. عندما علمت أن مصطفى قمر قرر بطولة فيلم، اعتبرتُها محاولة منه للصمود على الخريطة بعد أن تراجع كثيرًا سواء فى عالم الطرب أو فى دنيا التمثيل.. كانت بدايات قمر مبشرة جدا غنائيا قبل 20 عاما عندما قدمه حميد الشاعرى، ودراميا منذ أن شارك فى بطولة فيلم «البطل» قبل 14 عامًا كان وجها لافتا وطازجا وتعددت أفلامه مثل «أصحاب ولّا بزنس» و«بحبك وأنا كمان» و«حريم كريم» وكان ينطلق من نجاح إلى آخر، والدليل تجاوز رصيده الأفلام العشرة، إلا أن أفلامه الأخيرة تراجعت إيراداتها وظهر على ساحة الغناء والتمثيل منافس يقش الإيرادات مثل تامر حسنى، ويجىء تاليًا له وبفارق كبير حمادة هلال، الذى يوجد هو الآخر سينمائيا بإيقاع منتظم، وصاحب ذلك خفوت فى الطلب على مصطفى قمر.. والهزائم عادة لا تأتى فرادى، وهكذا يسقط آخر أفلامه «مفيش فايدة» وآخر مسلسلاته «منتهى العشق» وآخر ألبوماته «هى»، لكنه لا يستسلم وهذا يحسب بالطبع للفنان، فلا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة.. ثم إنه فنان وليست لديه وظيفة أخرى، فماذا يفعل سوى أن يعاود المحاولة؟!
تصورت عندما قرأت أن قمر سيعود إلى السينما أنه قد استعد تمامًا لتلك الخطوة، حتى يثبت للجميع أنه لا يزال «جوه اللعبة» وهذا يتكرر كثيرًا، حيث يلجأ الفنانون إلى حشد كل طاقاتهم عندما تهزمهم الأيام!!
فى لحظات اعتقدت أن قمر سيضع، ليس فقط كل موهبته فى هذا الفيلم، لكن أيضًا أمواله فهى معركة حياة أو موت، ولكن كانت المفاجأة بالنسبة إلىّ أن قمر مثل الآخرين دخل التجربة، وهو يعلم أنه أداة فى يد المنتج، وأن ابنة المنتج ستلعب دور ابنته فى الفيلم، وأن هناك وجها آخر جديدًا بلا موهبة مفروضة على الفيلم ضمن شروط الإنتاج ستؤدى دور زوجته، ووافق على الخضوع لرغبات المنتج.. التجربة بالنسبة إليه مجرد سبوبة «يا صابت يا اتنين عور» فهو يريد أن يستثمر اسمه حتى اللحظة الأخيرة فى تحقيق أى مكسب مادى، أو إن شئت الدقة ما تبقى من اسمه، وكأنه يلقى بآخر أوراقه على المائدة السينمائية فكان نصيبه «اتنين عور»!!
ما رِهان مصطفى قمر؟ لا أعتقد أنه فكر فى شىء سوى أن هذه هى الفرصة المتاحة أمامه حاليًا، وربما كان المنتج قد فكر فى اسم آخر لمطرب أكثر لمعانًا، وبعد اعتذاره وجد أن قمر ينتظر على الرصيف.
الفيلم لعبة داخل لعبة، وكلهم يلعبون عليه للإيقاع به وتصويره فى مشهد مخل مع ريهام عبد الغفور وتهديده بالصور.. حتى صديقه القريب أشرف مصيلحى يتآمر عليه، ومحمد لطفى يقود الجميع للاستحواذ على أمواله رغم أنه -طبقًا للسيناريو- ليس رجل أعمال ثريا، بل هو على باب الله، يحاول أن يعالج ابنته المريضة، أى أنه ليس صيدا ثمينا ليشارك كل هؤلاء فى اللعب عليه.. كل تفاصيل الفيلم دراميا كانت تدعو مصطفى لكى يهرول بعيدا، ولكنه يشارك فى رسم خط النهاية لفنان كان من الممكن أن ينتظره مصير آخر!!
الوحيدة التى اقتنصت الفرصة رغم رداءة الفيلم هى ريهام عبد الغفور التى كشفت عن وجه آخر فى طبيعة أدائها للغواية والخديعة.
غير ذلك فلا الكاتب أحمد البيه، بذل أى طاقة فى تمصير الفيلم الأجنبى المأخوذ عنه «جوه اللعبة»، ولا المخرج محمد حمدى فكر فى أن يمنح فيلمه أى خصوصية أو مزاج عام، ولم يستطع توجيه الطفلة دراميًا والتى شاركت فى البطولة. وكان يبدو أن أغلب الممثلين فى أدائهم للحوار كأنهم فى حصة تسميع.. حتى أغانى الأطفال التى تخللت الفيلم افتقدت إلى الشقاوة اللحنية التى كانت تشكل ملامح قمر.. إنه خسوف القمر.