أطلق أساتذة الجامعات اسم «دفعة البرادعي» علي الدفعة العشوائية التي بدأ صرفها من مكافآت الجودة هذا الأسبوع. كان نظام مكافآت الجودة قد توقف تماماً بعد صرف ثلاث دفعات- غير كاملة- خلال العام الجامعي الماضي، ولم تعلن الجامعات أو الوزير أو المالية أي أسباب لتوقف صرف ثلاث دفعات أخري يستحقها المشاركون في المشروع- عن العامين الماضي والجاري- وفجأة ودون أي مقدمات أو أي أسباب فوجئ أعضاء هيئات التدريس في شتي الجامعات المصرية ببدء صرف دفعة جديدة لقيطة ليس لها اسم أو تاريخ أو عنوان أو مناسبة، ولو كان الأمر يتعلق باستئناف تنفيذ المشروع من جانب الدولة لكان الصحيح صرف كل الدفعات المتأخرة والاعتذار لأعضاء هيئة التدريس عن عشوائية الصرف أو تأخر مواعيده، ولكن ما حدث هو صرف دفعة واحدة دون الإشارة لاسمها أو تاريخها أو مصير شقيقاتها الغائبات أو القادمات. فعلي الرغم من صرف الدفعة اللقيطة لم يزل كل مسئولي الجامعات لا يعلمون شيئاً علي الإطلاق عن مصير هذا المشروع، ولا يعلمون إن كان سوف يستمر أم سيمضي إلي غياهب النسيان، ولا يعلمون إن كان ثمة نية لصرف الدفعات القديمة أم أنها ذهبت إلي حال سبيلها، ولا يعلمون أيضاً اسم أو تاريخ أو سبب الدفعة التي منحها لهم أخوهم يوسف بطرس غالي في غير الأوان أو الزمان أو المكان! التفسير الوحيد الذي لقي قبولاً من غالبية الأساتذة هو ذلك المتعلق بدور الدكتور محمد البرادعي في تحريك المياه الراكدة، يقولون إن «هوجة البرادعي» أجبرت الدولة علي التقرب من بعض الفئات ومنحها بعض حقوقها خشية انضمام المزيد من الناس إلي حركة التغيير التي يقودها البرادعي وزملاؤه. ويقول الناس أيضاً إن كرامات البرادعي لا تتوقف علي صرف أحد البدلات الجامعية فحسب، لكنها تمتد إلي انتظام ملحوظ في حركة ومواعيد القطارات بعد سنوات طويلة من التخبط والعشوائية، وتشمل أيضاً الشروع في التضحية بالوزير محمد إبراهيم سليمان والتحقيق الجدي في الجرائم المنسوبة له رغم سوابق الدولة في التغطية والتستر الكامل علي الوزير ورغم الوسام الذي ناله من حسني مبارك، وتشمل كرامات البرادعي كذلك الاستجابة الفورية لمطالب فئوية أخري ظل أصحابها يطالبون بحقوقهم أو جزء منها لسنوات طويلة دون جدوي. كرامات البرادعي لا تتوقف علي مجرد حصول بعض الفئات علي حقوقها، ولكنها تمتد إلي تأسيس استراتيجية جديدة في التعامل مع المعارضة من جانب النظام، ففي السنوات الماضية كان النظام المصري يشارك بنفسه في التنكيل بمعارضيه وتلفيق الاتهامات والقضايا والفضائح لكل منهم، ولكنه هذه المرة يكتفي بإعلان احترامه للبرادعي أو علي الأقل يصمت في مواجهة تداعيات الحركة التي يقودها، بينما يتكفل آخرون بشن هجوم في غاية السفالة والانحطاط ضد البرادعي وأنصاره، ويصل الهجوم إلي مراحل الكوميديا السوداء أو العبط الكامل ونحن نسمع عن جهات ترفع دعاوي قضائية ضد حبيب العادلي تطالبه فيها باعتقال كل مؤيدي البرادعي حتي لو كان عددهم مليون مواطن أو أكثر!! ونسمع أيضاً عن أحزاب- ما أنزل الله بها من سلطان- تتهم البرادعي بالخيانة والعمالة والتحريض علي غزو العراق والضلوع في تأسيس الحركة الصيهونية التي أدت إلي ضياع فلسطين! الدكتور محمد البرادعي لم يتول حتي الآن أي منصب تنفيذي في البلاد، ولم ينجح في تحقيق أي قدر من التعديلات السياسية أو الدستورية، ولكنه تمكن من مساعدة الناس علي استعادة جزء من حقوقهم التي كانت ضائعة تماماً قبل ظهوره، وليت الجامعات المصرية توجه له الشكر- رسمياً- بمناسبة استئناف صرف مكافآت الجودة حتي نشجع الفئات الأخري علي الانضمام إلينا في تأييده عساها تحصل هي الأخري علي حقوقها!