فى الوقت الذى تحتفل فيه نقابة المحامين بالمئوية يأتى الحكم بالبراءة للمتهمين فى موقعة الجمل، وهو الأمر الذى يستدعى الحوار مع شخصية صاحبة رؤية سياسية وقانونية ثاقبة مثل سامح عاشور، نقيب المحامين وعضو اللجنة التأسيسية للدستور ورئيس هيئة الدفاع عن الشهداء ومصابى الثورة فى قضية قتل المتظاهرين، التى صدر فيها حكم ضد مبارك والعادلى والمعروفة ب«محاكمة القرن». سامح عاشور أعلن غضبه من الوضع الحالى فى «تأسيسية» الدستور، وكشف عن تفاصيل مئوية نقابة المحامين فى حواره ل«الدستور الأصلي».. ■ كيف استعددتم للاحتفال بمئوية نقابة المحامين؟
- المئوية حدث هام جدا فى تاريخ النقابة، لا يعى قيمته إلا من يعى قيمة المحاماة، والاحتفال بالمئوية بمشاركة رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى، وإلقائه كلمة خصيصا بهذه المناسبة، بالإضافة إلى رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل، وكل الوزراء ورؤساء الأحزاب، وكذلك رؤساء الهيئات القضائية، وممثلى الكنيسة، وعديد من النشطاء السياسيين، وكل الشخصيات التى تشغل المناصب الرسمية بالدولة، وعدد من شيوخ المحاماة فى مصر والعالم العربى والغربى، هذا الاحتفال أعددناه بما يليق بتاريخ النقابة العريق ودورها فى الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان ليس فى مصر فحسب بل على المستوى العربى وعلى الصعيد العالمى، كما حرصنا أن تكون هذه الاحتفالية فرصة لإعلان موقف ومطالب النقابة فى مذكرة تعرض على رئيس الجمهورية.
■ وكيف ترى الحكم فى قضية موقعة الجمل؟
- أحكام البراءة فى تلك القضية للأسف جاءت بناءً على ضعف الأدلة ضد المتهمين منذ البداية، وكذلك ضعف شهادات الشهود وعدم الثقة فيهم، فلم تكن الأدلة كافية لإدانة أى من المتهمين فيها، إلا أننا ما زالت لدينا فرصة للطعن على ذلك الحكم بمعرفة النيابة أمام محكمة النقض وحدها، وللأسف هذا الحكم سوف سيكون سندا قويا للقضايا المرتبطة بتلك القضية أو للمتهمين فى نفس القضية، مما يشير إلى إمكانية حدوث مزيد من أحكام البراءة فى الفترة المقبلة.
■ ما تقديرك للوضع الحالى؟
- مصر تمر فى المرحلة الحالية بحالة اضطراب، مثل ما كانت عليه الأوضاع فى بداية الثورة تمامًا، فهى شديدة الشبه بأحداث مارس 2011 وما بعدها، عندما احتار الشعب وتخبّط فى كثير من الأمور، مثل قضية الدستور أولًا أم الانتخابات، وتعديل الدستور بالكامل أم جزء منه، بما نعيشه من حالة تشرذم وتخبط بين القوى السياسية، وملامح سوء فهم لكثير من الأحداث على الساحة، فحتى أبرز القضايا المطروحة الآن، والتى كانت محل اتفاق «قضية الجمعية التأسيسية والدستور»، والذى من المفترض أن يتم وضعه بإرادة شعبية، فوجئنا جميعا بوضعه من خلال إرادة حزبية وفرض أمر واقع على القوى الوطنية المشاركة فيه، بتحدٍّ من الأغلبية لكل الاعتبارات القانونية والقضائية والتوافقية للمجتمع فى ظل تجاهل رئيس الجمهورية رغم وعوده بالتدخل، وقد انقسمت القوى الوطنية إلى فريقين، الأول يفضِّل خوض المعركة والدفاع عن مدنية الدولة من داخل «التأسيسية»، والثانى يرى أن الحوار من الداخل معناه التسليم بأغلبية أعضاء الأغلبية، وهى حقيقة يؤكدها أن الاحتكام إلى التصويت لن يتم حسمه لأى وجهة نظر مخالفة للأغلبية التى يستولى عليها تيار الإسلام السياسى، فلماذا تقبل الاحتكام إلى قاعدة أنت تعلم نتائجها مسبقًا؟ وحتى الآن لم تنتهِ المرحلة الانتقالية، وما زلنا نعانى نفس الانقسام وغياب مشروع الثورة، بقينا فى حالة يرثى لها وكأننا مفوضين الحكومة تحكم وخلاص.
■ هناك اتهامات من بعض المنسحبين من «التأسيسية» بأنها ترسى قواعد النظام السابق؟
- الأزمة الفعلية أن كل ما نراه من الجمعية التأسيسية حتى الآن لا ينطوى على أى شىء فى مصلحة الثورة، ولا يعنينى أنها تنسب إلى حزب ما أو إلى نظام سابق أو حالى، ولكنها لا تدفع فى اتجاه الثورة وما يفيد المجتمع وما يريده المواطن والواقع، وهذا هو الضرر الحقيقى منها، بغض النظر عن كونها تصب فى أى اتجاه.
■ هل اليسار فشل فى التعامل مع الإخوان؟
- هو ليس فشل بالضبط، ولكن أغلب القوى فى الحقيقة فشلت فى التعامل مع الإخوان، والقوى السياسية المختلفة تعاملت بخطى غير منظمة، حتى مَن اجتمع منهم على معارضة الإخوان أو مخاصمتهم قد فعل ذلك وحده وليس بشكل جماعى، وهو ما سهّل تعامل الإخوان مع معارضيهم كثيرًا، وجعلهم يعتبرونهم خصمًا سهلًا.
■ كيف ترى حكم الإخوان؟
- نظام الإخوان مثل غيره من الأنظمة التى تعتبر نفسها مفوّضة من الشعب لفعل أى شىء تراه بالطريقة التى تريدها، وتنفّذ مخططًا غير متفق عليه، فأزمتنا الأولى تكمن فى عدم وجود مشروع ثورة، ونحن لسنا فى حكومة تم اختيارها من برلمان أو انتخابات فى نظام مستقر، ولكنها حكومة تشكّلت عقب ثورة، بقصد إدارة المرحلة الانتقالية، وهو ما يستلزم وضع برنامج الثورة للحوار، إلا أن ما يحدث الآن هو أننا تركنا الحكومة تنوب عن الثورة فى وضع ملامح المستقبل، حتى أصبح رجالها وكلاء الثورة، وتركنا وزراءها يخططون للشعب ويضعون مشروعات القوانين، فكيف نقوم بوضع قانون قبل الانتهاء من الدستور، على الرغم من أن القانون من المفترض أن يكون منسوبًا إلى الدستور، حتى لا يصبح فى ما بعد غير دستورى، وهو ما يحمل ثلاثة أخطاء مركّبة من النظام، «العجلة فى وضع القوانين بشكل عام خطأ، ووضع قانون قبل الانتهاء من الدستور خطأ، والانفراد بإعداد القانون خطأ»، وهو ما يشير إلى أن النظام يتصرف وكأنه يحكم منذ مئة عام، وكأن الأوضاع فى البلاد ثابتة وراسخة، فى حين أن الثورة عاجزة عن الوقوف على أقدامها.
■ كيف تنظر إلى وضع مجلسى الشعب والشورى حاليًّا؟
- قانونيًّا ودستوريًّا مجلس الشعب مستحيل عودته بنفس هيكله، ولكن النظام ممكن يعمل أى حاجة ضد المستحيل، والرئيس أخذ خطوة سابقة بإعادة البرلمان إلى الحياة، والقضاء حكم بإلغائها، وهى خطوة بها اجتراء على الدستور وأحكام القضاء واستباق على الإرادة الدستورية للمجتمع، أنا مش فاهم فيه إيه فى مجلس الشعب ده مخليهم هيموتوا عليه، على الرغم من أن مرسى أصبح محتفظًا بالسلطتين التشريعية والتنفيذية، وأضاف إليهما السلطة الدستورية بغير حق.
■ هل من الممكن قبول النظام إجراء انتخابات جديدة بعد الدستور؟
- إطلاقًا، وهذا هو السبب فى احتباس الأغلبية والإصرار عليها فى الجمعية التأسيسية، لأنهم يريدون نصوص انتقالية بعينها تضمن استمرار مرسى فى الفترة الانتقالية، ولن يتم وضعها إلا إذا كانت الأغلبية لهم، ومن الممكن أن يضعوا نصوصًا لمجلس الشعب، والدليل هو أن الجمعية التأسيسية التى يراهن عليها تيار الإسلام السياسى، وما زالت بعض القوى السياسية لديها أمل بها، تم تعيين 22 من أعضائها بأوامر من رئيس الجمهورية بعد الثورة فى السلك التنفيذى أو السياسى أو الاستشارى، و50 يخضعون لمرسى بالتبعية من حزب الحرية والعدالة أو من الإخوان المسلمين، مما يعنى حيازتهم 72% من الجمعية، وهو ما يخالف الاستحقاقات الطبيعية للدستور، والخلاف هنا إنه لا يمكن السماح بتوفيق الدستور على الأوضاع الحالية، ولكن العكس هو الصحيح، فلا معنى لعمل استثناءات على مواد الدستور، فبدلًا من وضع استثناء يضمن للرئيس الاستمرار فى منصبه بعد وضع الدستور، يمكن أن تكون الانتخابات الرئاسية آخر خطوة فى المرحلة الانتقالية، بمعنى أن يدير الرئيس الانتخابات التشريعية والمؤسسات ويشرف على كل ما فى الفترة الانتقالية، ثم تجرى انتخابات رئاسية فى ما بعد، أما ما يحدث الآن فهو وضع غير مسبوق.
■ ما رأيك فى الدعوة إلى حل جماعة الإخوان المسلمين؟
- أنا ضد الدعوة إلى حل جماعة الإخوان المسلمين، ولكن التقنين هو الخطوة الواجب اتخاذها الآن، وعلى الإخوان أنفسهم أن يفعلوا ذلك، لا سيما أنهم فى ما سبق كانوا يشكون عدم رغبة النظام السابق فى تسكينهم قانونًا، أما الآن فالوضع اختلف وأصبح النظام بالكامل ملكهم، فلماذا لا يتم التقنين والتسكين القانونى، ونحن نطالب الرئيس والحكومة بالقيام بذلك، أما الدفع بأن أشكال القوانين الموجودة الآن لا تتناسب مع الجماعة فهو نوع من الاستعلاء، كما أنه يشكك فى مصداقية شكواهم من منع النظام السابق لتسجيلهم، لا سيما أنه قد مر عامان على الثورة ولم يتخذوا الخطوة، مما ينبئ بأن هناك أمرًا لا نعرفه حتى الآن.
■ هل يستطيع مرسى إعادة محاكمة رموز النظام السابق كما وعد؟
- كل ما حاز حجية قضائية لا يمكن إعادته، بمعنى أن الوقائع التى تم تقديمها إلى القضاء وصدر الحكم فيها لا يمكن إعادتها من جديد، ومحكمة النقض هى الجهة الوحيدة التى لها الحق فى الإلغاء وإعادة المحاكمة بذات قرار الإحالة وأمر الإحالة، إنما يجوز تقديم مبارك أو رجاله فى وقائع لم يتم تقديم أحد فيها، هذا هو القانون الذى لا يمكن للرئيس مخالفته.
■ ما رأيك فى الهيئة الاستشارية لرئيس الجمهورية ونائبه؟
- أنا مش شايف هيئة استشارية، النظام بالأساس ضد كل ما هو استشارى، ولم أرَ لتلك الهيئة اجتماعًا ولا وجهة نظر، ولا قرارًا يحدد صلاحياتهم ولا رواتبهم، وهو أمر غير مفهوم، وفى النهاية هل وصلنا إلى أن هؤلاء يظلون يحصلون على رواتب ووظائف ووجاهة اجتماعية دون جهد؟ هى أشياء غير مفهومة، أما ما صدر لنائب الرئيس فهو ليس قرارًا بصلاحياته، ولكنه «قرار تم وضعه علشان النائب ما يعملش حاجة».
■ كيف ترى تكريم رئيس الجمهورية للمشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان بعد إقالتهما؟
- هو أمر يحمل تناقضًا، فبعد أن وجَّه الرئيس إليهما العديد من الاتهامات وأعلن الحرب عليهما، فجأة يكرّمهما! وماذا عن نزول جماهيره الميدان تهتف ضدهما، مَن الصادق منهم ومَن الكاذب؟! وأنا لا أرى أن تكريمهما تمهيد لاستخدامهما، لأن المجلس العسكرى فعل كل ما أراده الإخوان دون تكريم أو مكافأة.
■ كيف كانت العلاقة بين المجلس العسكرى والإخوان؟
- علاقة «العسكرى» بالجماعة كانت حميمة للغاية، ف«العسكرى» أخرج معتقلى الإخوان من السجون وعفا عنهم وأعطاهم مساحات، ووضع المادة 28 من الإعلان الدستورى، وأجرى الانتخابات قبل الدستور وفقًا لرؤيتهم، وأجرى الاستفتاء وفقًا لرغباتهم، ووضع قانون الانتخابات الذى يريدونه، ولم يفعل أى شىء ضدهم منذ توليه إدارة البلاد حتى تسليمه السلطة.
■ وهل هذا يحمل شكوكًا فى تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح الإخوان؟
- ما حدث لا يطمئن أحدًا، فالشكل الذى ظهرت عليه الانتخابات الرئاسية منذ بدايتها حتى إعلان نتائجها يوحى بالديمقراطية والشفافية، إلا أن بواطن العملية الانتخابية لا يعلمها أحد، ولا يمكننا التنبؤ بها وبما حدث فيها.
■ كيف تنظر إلى الإخوان بعد اعترافهم بعدم وجود مشروع للنهضة؟
- بغض النظر عن عدم وجود «النهضة»، أى مشروع لبناء مصر يجب أن يشارك فيه المجتمع بالكامل، وليس التيار أو الفئة التى وضعته، ويحدث حوله حوار مجتمعى كى يتم تنفيذه، فنحن نرغب فى تغيير منظومة التعليم والأمن، كما أن الاقتصاد والصحة والدستور يلزمها خطط وحوار شعبى وهو ما لم يحدث، كل ما فعلناه بعد الثورة هو أننا «جبنا مرسى رئيس بعد مبارك وبس» . ■ هل يسعى الإخوان لوأد كل ما يخرج من رحم الثورة؟
- الإخوان المسلمون من أكثر التنظيمات التى لها رؤية متكاملة لما تريد، ومتى وصلت إلى مقاليد الحكم لن تسمح لغيرها بمشاركتها فيه، وسيظل الإخوان منفردين بالحكم «وهيتوّهونا فى قضايا فرعية»، والدليل أنهم أخرجوا لنا قصة قضية مقتل عبد الحكيم عامر، وهو الموضوع الذى تم فتحه ثلاث مرات، مع بداية كل حكم بعد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، على الرغم من أن هذا الموضوع لا يهمنا فى شىء الآن، ولا يمكن أن يتم التحقيق فى قضية أو محاسبة أحد عليها بعد أن حدثت وانتهت بخمسين سنة، «فمنذ متى الإخوان يهتمون بتلك القضية؟»، فتح تلك القضية فى الوقت الحالى ما هو إلا محاولة النظام المراوغة وصرف تفكير الشعب عن القضايا السياسية المهمة، وكذلك عرقلة واستهداف التيارات التى يمكنها تمثيل نوع من أنواع المنافسة مثل التيار الناصرى، فضلًا عن الكتائب الإلكترونية المنظمة التى تتعقب كل مَن يخالف الإخوان، فيتم جلده على الإنترنت، بالإضافة إلى «الشبيحة» الذين يتعقبون المعارضين فى المحاكم، والقوى الوطنية فى وسائل الإعلام، فهل هذا نظام؟
■ فى ماذا يختلف نظام مرسى عن نظام مبارك؟
- حتى الآن لا يوجد أى اختلاف، ونتمنى حدوث تطوّر إيجابى لصالح الثورة، وعلى الرئيس العلم بأنه إذا لم يحدث ذلك التطور سريعًا، فإن الشعب سوف يثور ضده، وسوف يحدث حشد هائل على عكس ما يروّجه البعض، فمن منّا كان يتخيل أن يحدث ذلك الحشد الذى أطاح بالرئيس المخلوع، والشعب يستطيع إزاحة مرسى.
■ ولكن إذا حدث ذلك.. قد يرد تيار الإسلام السياسى بعنف؟
- وفيمَ الأزمة؟ مهما بلغ عنفهم فلن يكون أكثر من الرصاص والسحل والغاز المسيل للدموع والوسائل الوحشية التى تم استخدامها ضد المتظاهرين والثوار خلال ثورة 25 يناير، ومن استطاع مواجهة كل تلك الأساليب القاتلة يستطيع أن يتحملها مجددًا بل ويتحمل أشد منها كى لا يعود إلى ما كان عليه من جديد.
■ هل يسعى نظام مرسى لإعادة الفلول؟
- لا نستطيع قول ذلك، ولكننا يمكننا القول بأن ذلك النظام يستطيع خلق فلول جديدة، سواء بأسلوب جديد من وجوه قديمة تنتمى إلى النظام السابق، أو بإنتاج وجوه جديدة 100% من النظام الجديد، لا سيما أن النظام الحالى يسير على خطى النظام المنحل، كما أن حزب الحرية والعدالة يسير على نفس نهج الحزب الوطنى المنحل.
■ ما رأيك فى مشروع «القضاء الموحد» وخضوع القضاء العسكرى للسلطة القضائية؟
- مشروع القضاء الموحد فكرة معقّدة، ولا يستطيع أحد إجبار القضاة على قبولها، وهناك إرادة قضائية عامة ترفضها، ونحن نقف مع القضاة الرافضين ونؤيّد وجهة نظرهم، ونحترم رغبتهم فى الحفاظ على كيانهم المستقل، أما فكرة خضوع القضاء العسكرى للسلطة القضائية، فإن كان سيلتزم بمعايير وأدوات واختيارات وضوابط محاكم القضاء العالى ليكن، أما إذا كان سيحتفظ لنفسه بالعسكرية وبالخضوع للقيادة فلا يجوز دمجه.
■ بصفتك رئيس المجلس الاستشارى السابق.. ماذا قدم المجلس إلى الثورة والبلاد؟
- «الاستشارى» هو صاحب الفضل فى تقصير زمن الفترة الانتقالية، هو الذى أوقف عمليات العنف فى مواجهة أحداث شارع محمد محمود وأحداث مجلس الوزراء، وأجبر «العسكرى» على الاعتذار، والتحقيق فى تلك الأحداث، وعلاج المصابين وتبنى الشهداء، والمجلس العسكرى رفض مقترح «الاستشارى» المتعلق بمعايير اختيار الجمعية التأسيسية، لأننا رأينا أنه لا يجب أن تأتى تلك الجمعية عن طريق اختيارات رئيس الجمهورية أو مجلس عسكرى أو حزب سياسى، كى لا يكون لأحد فضل على الموجودين ب«التأسيسية»، ولكن يجب أن تأتى بمعايير محددة، وقد كانت المعايير التى رفضها «العسكرى» هى نفسها التى جاءت فى بيان القوى الوطنية عن «التأسيسية»، بأن لا يتم الاختيار المطلق من قِبَل الرئيس، ولكن بتمثيل رؤساء النقابات المهنية، والأحزاب، والهيئات القضائية، وأساتذة القانون الدستورى، والهيئات الدينية، وأن تتشكل «التأسيسية» منهم، كل بحكم موقعه، إلا أن القوى السياسية لم تدرك أهمية تلك المعايير ولم تتبناها إلا بعد انتهاء الأمور إلى ما نحن فيه من أزمات، وبعد أن أصبح اختطاف الدستور من قِبل تيار الإسلام السياسى الذى يمتلك الغلبة التصويتية بالجمعية أمرًا واقعًا، وكأن الالتقاط المتأخر هو آفتنا الدائمة.