مئة يوم مرت على الرئيس المنتخَب محمد مرسى منذ أقسم الأيمان المغلظة على خدمة البلد.. مئة يوم مرت عليه وهو فى قصر عزيز مصر، كان قد تعهد قبلها بأن يفعل ويفعل، والكل مستعدون الآن لمحاسبته على ما قصر فى إنجازه وإتمامه من وعود قطعها على نفسه ولم يطلبها أحد منه. لكن هناك أمرًا ينبغى أن يدركه هؤلاء المُحاسِبون هو أن من أراد أن يُحاسِب مرسى على ما أنجزه خلال 100 يوم من الرئاسة (والقعدة فى التكييف فى قصر فرعون الاتحادية)، عليه أن يُحاسِب نفسه أولا ماذا فعل هو لمصر؟ فهى ليست بلد محمد مرسى وحده (أو الإخوان وحدهم) وإن كان هو المسؤول، إلا أننا جميعًا مصريون، وهذه بلدنا جميعا، وكل مصرى سواء فى الداخل أو فى الخارج مسؤول عن أى مكروه يصيبها.
من أراد أن يُحاسِب مرسى على أزمة النظافة فليحاسب نفسه أولا عما ألقاه فى الشارع من مخلفات، وعن تلويثه مياه النيل. من أراد أن يحاسبه على أزمة المرور فليحاسب نفسه أولا على المرات التى قطع فيها الطريق بالعرض أو سار عكس الطريق أو كسر إشارة أو ركن «صف تالت».
من أراد أن يسأله عن أزمة الوقود، عليه أن يسأل نفسه أولا عن أنابيب البوتاجاز وجراكن البنزين التى يخزنها خشية نقصها وغلائها. من أراد أن يحاسبه ويسأله عن تدنى الأجور عليه أن يسأل نفسه أولا هل أدى العمل الذى يقوم به أم أنه يعمل «على قدّ فلوسهم».
أما إن أردتم حساب مرسى على الوعد الذى قطعه على نفسه (دون أن تُطلب منه وعود) بأنه سينجز فى 100 يوم مشكلات تتفاقم منذ أكثر من 30 عامًا، مشكلات لم يعرفها ولم يُخبَر بها أولا.. حاسبوه على أنه تعهد قبل أن يدرس.. حاسبوه على مشروع النهضة الذى اتضح أنه "فشنْك" وأنه لا نهضة ولا يحزنون.. حاسبوه على تكاليف ومصروفات القصر الرئاسى الذى يضم اجتماعاته مع مستشاريه المُعلَنين وغير المعلنين.. حاسبوه على تكاليف ونفقات حراسته وتأمينه عند كل صلاة يصليها أو جولة تفقدية يقوم بها (ولا تصدقوا أن هذا لا يكلف الدولة شيئًا)..
حاسبوه لأنه صامت على أقرانه وأصدقائه من جماعة الإخوان المسلمين وحزبها ممن يظهرون كل ساعة على الفضائيات يؤكدون أنهم سيفعلون ويفعلون وليست لهم أى صفة أو مسؤولية فى إدارة البلاد إلا إذا كانوا يعتبرون مصر جزءًا من الجماعة التى يديرونها وتديرهم، والحزب الذى يمثلونه ويمثلهم.
حاسبوه لأنه وعد فأخلف..
حاسبوه لأنه لم يفعل شيئًا لنظافة البلاد (حملة «وطن نظيف» كانت بمبادرة من شباب الإخوان المسلمين وليست عملا مؤسسيًّا لحل المشكلة، لذلك لم تنجح).
حاسبوه على الزحام المرورى الذى زاده تكدسًا واكتظاظًا بفضل مواكبه العظيمة وسيارات حراسته وتأمينه..
حاسبوه على السيارات المحمّلة بالوقود إلى غزة والأخرى التى يتم تهريبها وتفريغها فى الرمال، دون أى مراقبة أمنية أو تموينية. حاسبوه على الأجور المتدنيّة، لأن هناك ممن يجلسون بجواره ويتحدثون إليه فى مشاوراته واجتماعاته يتقاضون أجورًا وأرقامًا فلكية.
حاسبوه لأنه ذات يوم استَشهَد بمقولة لعمر بن الخطاب (وفى رواية أن الذى قالها هو أبو بكر) الذى قال فى المسجد النبوى «أعينونى فإن وجدتم فىّ اعوجاجا فقومونى».. فحاسبوه حتى تقوموه.
حاسبوه حتى لا يظن أنكم نائمون فى سُّبات عميق، فيطغى ويتجبر ويُفسد (هو وحاشيته) قبل أن نرى منه إصلاحًا. حاسبوه لأننا أسقطنا مبارك منذ أقل من عامين لأنه كان يرى نفسه كبيرًا وعظيما على أن يُحاسَب.
حاسبوه لأنه ليس هناك كبير ولا عظيم ولا منزه عن الحساب.