ثالث الثانوية الأزهرية بالأدبي: القرآن ربيع قلبي.. وقدوتي شيخ الأزهر    القاهرة وداكار على خط التنمية.. تعاون مصري سنغالي في الزراعة والاستثمار    جامعة الجلالة تُطلق برنامج "التكنولوجيا المالية" بكلية العلوم الإدارية    الاحتلال يقتحم سفينة "حنظلة" ويعتقل المتضامنين الدوليين قرب غزة    الجيش الإسرائيلي يبدأ هدنة اليوم بعدة مناطق في غزة    مواجهة كلامية بين ممثلي أمريكا والصين أثناء جلسة مجلس الأمن    مصدر أمني روسي: مقرات القوات الأوكرانية تنتقل غربًا    النيابة العامة تُباشر تحقيقاتها في واقعة وفاة أطفال ووالدهم بمحافظة المنيا    تنقلات وترقيات الداخلية 2025 تعيد هيكلة الصفوف الأولى لمواجهة الإرهاب وتحديث الأداء الأمني    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق بمنزل في البلينا بسوهاج    وفاة وإصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل داخل ترعة بقنا    إصابة 3 أشخاص في انهيار جزئي لعقار بالإسكندرية    عض أذنه وقطع جزءا منها.. سوري يهاجم إسرائيليًا في اليونان (تفاصيل)    قوات الاحتلال تهاجم السفينة «حنظلة» المتجهة لكسر الحصار على غزة (فيديو)    مدير كولومبوس: كنت غاضبا من هاتريك وسام ضد بورتو.. والأهلي نادي عملاق    البنك الأهلي يعلن رحيل نجمه إلى الزمالك.. وحقيقة انتقال أسامة فيصل ل الأهلي    الجونة يضم المدافع صابر الشيمى لتدعيم صفوفه    تفاصيل اتفاق الزمالك والرياض السعودي بشأن أزمة تيدي أوكو (خاص)    حمدي فتحي يشارك في هزيمة الوكرة أمام أتلتيكو سبتة بمعسكر إسبانيا    إبراهيم صلاح: الزمالك يسير بشكل جيد في ملف الصفقات    احتفاء أوروبي ببطل إفريقيا.. بيراميدز يواصل تألقه في معسكر تركيا ويهزم قاسم باشا    مصدر من اتحاد الكرة يكشف ل في الجول موعد مواجهة بوركينا في تصفيات كأس العالم    صحة سوهاج تعلن استئناف عمليات جراحات المناظير بمستشفى جرجا العام    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأحد 27 يوليو 2025    بطاقات الائتمان لا تجد طريقها إلى جيوب المصريين رغم قفزات القطاع المصرفي    15 يومًا فقط.. وضع حد أقصى لحسم شكاوى العملاء يعزز الخدمات المصرفية    مفوضية الاتحاد الإفريقي ترحب بإعلان فرنسا اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين    بيان مهم بشأن حالة الطقس وموعد انكسار الموجة الحارة: انخفاض درجة الحرارة 4 مئوية    بدء تظلمات الثانوية العامة 2025 اليوم.. لينك مباشر والرسوم    سيدة تسبح في مياه الصرف الصحي دون أن تدري: وثقت تجربتها «وسط الرغوة» حتى فاجأتها التعليقات (فيديو)    5 أبراج «يتسمون بالجشع»: مثابرون لا يرضون بالقليل ويحبون الشعور بمتعة الانتصار    التراث الشعبي بين التوثيق الشفهي والتخطيط المؤسسي.. تجارب من سوهاج والجيزة    ثقافة الأقصر تحتفل بذكرى ثورة يوليو ومكتسباتها بفعاليات فنية وتوعوية متنوعة    أطفال الشاطبي للفنون الشعبية يبدعون في مهرجان "صيف بلدنا" بمطروح    تفاصيل بيان الإفتاء حول حرمة مخدر الحشيش شرعًا    عاجل- 45 حالة شلل رخو حاد في غزة خلال شهرين فقط    قطاع العقارات يتصدر تعاملات البورصة المصرية.. والخدمات المالية في المركز الثاني    طارق الشناوي: زياد الرحباني كان من أكثر الشخصيات الفنية إيمانًا بالحرية    حلمي النمنم: جماعة الإخوان استخدمت القضية الفلسطينية لخدمة أهدافها    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: كنا نناقش الأفلام من الطفولة    "الجبهة الوطنية" تكرّم أوائل الشهادة الإعدادية في بنها دعمًا للتفوق والموهبة    وزير خارجية الإمارات : الوضع الإنساني في غزة حرج وسنستأنف عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات فورا    تقديم 80.5 ألف خدمة طبية وعلاجية خلال حملة "100 يوم صحة" بالإسماعيلية    جامعة المنصورة تطلق القافلة الشاملة "جسور الخير 22" إلى شمال سيناء    علاجات منزلية توقف إسهال الصيف    برلماني: دعوات الإخوان للتظاهر خبيثة وتخدم أجندات إرهابية"    هل تجنب أذى الأقارب يعني قطيعة الأرحام؟.. أزهري يوضح    ماحكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    استنكار وقرار.. ردود قوية من الأزهر والإفتاء ضد تصريحات الداعية سعاد صالح عن الحشيش    تعرف على موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    سعر الحديد اليوم السبت 26-7-2025.. الطن ب 40 ألف جنيه    وزير الأوقاف: مواجهة الفكر المتطرف وكل تحديات شعب مصر هو مهمتنا الكبرى    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    وزير الإسكان يتابع مشروع إنشاء القوس الغربي لمحور اللواء عمر سليمان بالإسكندرية    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الشامي يكتب : مشاهد إعلامية مستفزة
نشر في الدستور الأصلي يوم 07 - 03 - 2010

ثلاثة مشاهد استفزازية صادفتها الأسبوع المنصرم علي شاشات الفضائيات، أولها الخميس الماضي حين عرضت إحدي القنوات في سهرتها حفل افتتاح فندق شهير ينتمي لسلسلة عالمية علي نيل القاهرة.
لم يكن الاستفزاز فاحشاً فقط كون أن مالك الفندق هو ذاته صاحب المحطة الفضائية بما يعنيه ذلك من انتهاكه لحقوق الناس عبر الدعاية لفندقه دون التنويه بأن ذلك إعلان مدفوع الأجر، بل إن الاستفزاز الحقيقي تمثل في طريقة عرض وتقديم الحفل، حيث حرص مقدمو السهرة علي الحديث مع ضيوفهم باللغتين الإنجليزية والإسبانية في محاولة استعراضية بائسة وكأننا في بلد آخر يتحدث لغة مختلفة وليس افتتاحا لفندق علي أرض مصرية يفتخر بأنه إضافة مؤثرة وفعالة لوجه القاهرة المشرق المتأنق، ولولا حصوة الملح في عيونهم لما كانت هناك ترجمة مكتوبة أسفل الشاشة.
لست ضد الاحتفال، فمن حق كل شخص أن يحتفل متي شاء بالطريقة التي يرتضيها لنفسه وتناسب ذوقه، لكنك عندما تقرر أن تقتحم بيوت الناس بعرض هذا الاحتفال يجب عليك أن تراعي مشاعر الجماهير وظروفهم فتمتنع عن التعالي عليهم أو تحقير حياتهم وإلغاء لغتهم التي يفهمونها عبر طرح أسئلة من قبيل: ما ماركة الفستان الذي ترتديه الليلة؟، فتكون الإجابة من مصريات متأنقات: كابانا أو فرساتشي أو شانيل.. بما يحمله ذلك في واقع ومخيلة الناس من مبالغ مالية تفوق دخولهم ومدخراتهم عشرات المرات، أو عندما يتحدث مدير قسم الأغذية والمشروبات في الفندق بفخر واعتزاز عن تقديم 132 ألف صنف من المأكولات والحلويات والمشهيات بما يعني أن كل ضيف من قائمة الحضور بوسعه تذوق أكثر من ألفي صنف في ليلة واحدة.. وهو الاستفزاز بعينه ورأسه لكل أسرة ميسورة الحال أو حتي غنية توفر لأبنائها أصنافاً محددة وتقليدية، ناهيك عما يمكن أن يصيب الفقراء المحيطين بالفندق الجديد من كل جانب.
المشهد الثاني وبرغم كونه شائعاً ومتكرراً، فإنه تزايد بشكل لافت مؤخراً حيث تزايدت أعداد المعلقين الرياضيين غير الأكفاء علي شاشات الفضائيات المصرية والعربية والذين تخلوا عن أصول التعليق الموضوعي ولا يجتهدون لمقارنة أنفسهم بغيرهم في الدول الأخري إذ تجدهم يسيئون لعامة المصريين باستخدامهم ألفاظاً سوقية تنحدر بالذوق العام وتهبط باللغة والثقافة إلي مستوي شوارعي لا يليق، كما أنهم - مع استثناءات محدودة - يمجدون فرقاً ومنتخبات علي حساب فرق ومنتخبات أخري، وكأن واجب ودور المعلق الرياضي هو الدفاع عن انتمائه الكروي أو الوطني دون أي اعتبار لمشاهدي الطرف الآخر في المباراة.
ثم إنهم يحاولون شحذ همم الناس وتزييف الحقائق دون رادع، ففي مباراة مصر - إنجلترا قبل أيام واصل المعلق وصف الحضري بأنه السد العالي رغم الأهداف الثلاثة التي اخترقت شباكه، كما وصف أحمد حسن ب «الصقر» في كل كرة يلمسها فما تلبث الكرة أن تجد طريقها إلي الإنجليز بسرعة وسهولة، ناهيك عن امتداحه لعماد متعب وأبوتريكة دون مبرر ورغم عدم إضافتهما للمباراة أي شيء علي الإطلاق.
في معظم المباريات التي يعلق عليها محترفون، تستمتع بالتعليق الراقي الذي يمزج المعلومة بحركة المباراة، فضلا عن الحرص علي التوازن بين طرفي المعركة وعدم التقليل من شأن الخصم أو استفزاز المشاهدين بتعليقات ساخرة أو تهكمات مفضوحة.
المشهد الثالث المستفز هذا الأسبوع تمثل في انطلاق قناة فضائية مصرية جديدة تلوح بسلسلة قنوات متنوعة ومحلية وهو ما ينذر بطوفان جديد للفضائيات بحيث يصبح لدينا بعد خمس سنوات أو أقل فضائية لكل مدينة ولكل مركز، وفضائية لكل رياضة ولكل مهنة، وفضائية لكل مجموعة عرقية ولكل طائفة دينية ولكل فئة عمرية.
وجه الاستفزاز هنا هو من أين يجد مؤسسو هذه القنوات التمويل اللازم لكل هذه الفضائيات؟ ولماذا يتجنب هؤلاء الشفافية في تعاملهم مع الدولة والأجهزة الرقابية والناس؟
والسؤال الأهم هو: كيف سيسترد هؤلاء الممولون نفقاتهم التي تعد بالملايين في ظل سوق إعلانية ضعيفة تتوزع علي عشرات من وسائل الإعلام.. أم أنهم في الواقع رجال أعمال يوظفون أموالهم مقابل التمتع بنفوذ أكبر داخل المجتمع عبر استخدام سلاح الإعلام لمواجهة خصوم وتوجيه الناس نحو مناح بعينها بصرف النظر عن المعايير الأخلاقية وأصول المهنة التي تنحدر بمرور الأيام مع انطلاق مزيد من الفضائيات في ظل صعوبة مراقبة كل هذا الحشد الإعلامي وبالتالي عدم القدرة علي محاسبة الخارجين علي القانون والمنفلتين بوجه عام؟!.
قبل أسابيع قليلة شاهدنا كيف قاد معلقون رياضيون المجتمع والوطن كله إلي حافة الهاوية، ولولا صراخ المثقفين والعقلاء لانجرفنا إلي مزيد من الزلل، ولهذا تكمن الخطورة مستقبلا في احتمالات تكرار هذا الانفلات بسبب عدم وجود جهاز تنظيمي مستقل لا يخضع للدولة يراقب ويتابع عن كثب هذه المحطات الفضائية وما يمكن أن تحمله رسالتها من شطط وزلل ضد فئة أو طائفة أو ديانة أو عرق.
لست بالطبع مع تقييد حرية الإعلام أو خنق الآراء والاجتهادات فهذا من شيم النظم القمعية والقيادات التسلطية التي عانينا منها طويلا في عالمنا العربي وقادتنا إلي ما نحن فيه من تدهور، لكنني أقصد ب «الجهاز التنظيمي المستقل» أن يتكون من ممثلين عن وسائل الإعلام والفضائيات المختلفة وفقهاء قانونيين مشهود لهم بالكفاءة والاستقلال عن أهواء الدولة فضلا عن ممثلين متساوين من أجهزة الدولة والأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان المعنية بالإعلام وحرياته بحيث تنصهر كل الآراء في بوتقة واحدة تصب في صالح المجتمع وتحميه من كل ضرر.
قبل أيام قليلة أصدرت إحدي المحاكم حكمها بوقف ثلاثة برامج للمذيع اللامع أحمد شوبير علي قناة «الحياة»، وبصرف النظر عما إذا كان ذلك صوابا أم خطأ إلا أنه من غير اللائق أن تتحدي إدارة القناة الحكم بأن تطلق قناة رياضية خالصة جديدة يترأسها شوبير حتي ولو كان ذلك مخططا من قبل، لأن الرسالة هنا تقول دون لبس: «ولا يهمنا.. اخبطوا راسكم في أقرب حائط».. والخوف هنا أن يصبح هذا المسلك هو نموذج بسيط مما سنشاهده في السنوات المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.