أنهى مجلس الدولة الجدل الذى فرضته جماعة الإخوان خلال الشهور الماضية من أن مجلس الشعب قائم، ضاربين عُرض الحائط بحكم المحكمة الدستورية العليا.. فالمحكمة الإدارية العليا قالتها بوضوح، إن مجلس الشعب زال وجوده بقوة القانون ولا ولاية لمجلس الدولة على الأحكام الدستورية. وقد حاولت الجماعة والمتحالفون معها خلال الفترة الماضية بذل كل ما يملكون من جهد وجدل (رغم نبذهم الجدل فهم يتبعون السمع والطاعة) لإقناع الناس بأن حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الشعب فى حكم المنعدم منذ انتخابه، وينطبق فقط على الثلث الفردى.. وأن الأمر فى يد المحكمة الإدارية العليا.
ولم تقتنع الجماعة بحيثيات الحكم التى صدرت عن المحكمة الدستورية العليا التى كانت واضحة وباتة بشأن المواد القانونية التى أُجريت على أساسها الانتخابات، وجاء فيها أن «العوار الدستورى الذى أصاب النصوص المطعون فيها يمتد إلى النظام الانتخابى الذى سنّه المشرع بكامله، سواء فى ذلك نسبة الثلثين المخصصة لنظام القوائم الحزبية المغلقة أو نسبة الثلث المخصصة للنظام الفردى».. وأوضح الحكم فى أسبابه أن تقرير مزاحمة المنتمين إلى الأحزاب السياسية للمستقلين غير المنتمين إلى أى منها فى الانتخابات بالنظام الفردى كان له أثره وانعكاسه الأكيد والمتبادل مع نسبة الثلثين المخصصة للقوائم الحزبية المغلقة، إذ لولا مزاحمة المنتمين إلى الأحزاب المستقلين فى الثلث الباقى لحدثت إعادة ترتيب داخل القوائم الحزبية بمراعاة الأولويات المقررة داخل كل حزب.
وانتهت المحكمة الدستورية فى قضائها إلى أن انتخابات مجلس الشعب قد أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها، ومؤدى ذلك ولازمه على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تكوين المجلس بكامله يكون باطلا منذ انتخابه بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون، اعتبارا من التاريخ المشار إليه دون حاجة إلى اتخاذ أى إجراء آخر كأثر للحكم بعدم دستورية النصوص القانونية التى أجريت بها الانتخابات.. ومع ذلك لم تسكت الجماعة ووصلت إلى المحامى الذى أقام الدعوى و«تقويله» إنه ليس له علاقة بالحكم وبطلان المجلس كاملا، وإنه طعن على دائرته فقط «الدائرة الثالثة فردى بالقليوبية».
وروجوا كثيرا لذلك الأمر بأن ملجس الشعب باطل فى الثلث الفردى فقط.. بل جعلوا الرئيس محمد مرسى يصدر قرارا بعودة مجلس الشعب.. وهو ما جعل المحكمة الدستورية تؤكد حكمها مرة أخرى.. وتأتى المحكمة الإدارية لتؤكد حكم الدستورية وتضرب الإخوان صفعة قوية فى جدلهم وفى محاولتهم اللف والدوران اللذين تعودوهما ولا يزالون يتمسكون بهما كأنهم ما زالوا فى تنظيمهم السرى.
وتؤكد المحكمة أنه متى كانت الانتخابات التى أسفرت عن تكوين مجلس الشعب، قد أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها، فإن مؤدى ذلك ولازمه أن يكون المجلس بكامله باطلا منذ انتخابه بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون، اعتبارا من تاريخ انتخابه دون حاجة إلى اتخاذ أى إجراء آخر، وأشارت المحكمة إلى أن المحكمة الدستورية العليا تقوم وحدها بتحديد الآثار التى تترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لقيام موجب تحديدها، ومن ثم فلا اختصاص لأى جهة فى هذه الحالة فى تحديد الآثار مرة أخرى، على اعتبار أن هذه المحكمة الدستورية العليا تكون قد أعملت سلطتها فى هذا الشأن، بحسبانها صاحبة الاختصاص الأصيل فى تحدى مثل هذه الآثار سواء كانت آثارا مباشرة أو غير مباشرة.
وذكرت المحكمة الإدارية العليا أن المحكمة الدستورية بينت الآثار المترتبة على حكمها بعدم دستورية النصوص التى تَكوّن على أساس منها مجلس الشعب، بأن المجلس قد زال وجوده بقوة القانون، نظرا إلى بطلان تشكيله منذ انتخابه، ومن ثَم لا يكون للمحكمة الإدارية العليا أى اختصاص فى النظر فى ما حددته المحكمة الدستورية العليا كآثار لحكمها لما فى القول بغير ذلك من تسليط لرقابة هيئة قضائية ذات استقلال هى مجلس الدولة، على هيئة قضائية أخيرة مستقلة هى المحكمة الدستورية العليا، بالمخالفة للأحكام الدستورية وأحكام قانون المحكمة الدستورية، التى جعلت لأحكام هذه المحكمة حُجِّية مطلقة فى مواجهة كل سلطات الدولة.
وبعد ذلك الحكم الباتّ والواضح: هل يعيد الريّس الكتاتنى سيارة مجلس الشعب وحراسه ومميزاته وأمينه العام المُحال إلى الجنايات بالكسب غير المشروع.. أم أنه ما زال يُصِرّ على أنه الريِّس؟