علماء الدين ورموز التيارات الإسلامية، انتقدوا ما قام به أحمد عبد الله الشهير ب«أبو إسلام» صاحب قناة «الأمة» وحرقه للإنجيل. ووصفوا هذا الفعل بأنه لا يعبر عن الإسلام ولا يدافع عنه. الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى الأسبق، قال: إن هذا الفعل لا محل له من العقل ولا الدين لعدة أسباب، أولها أن حرق الإنجيل والكتب المقدسة عبارة عن رد فعل عشوائى مندفع، ويعتبر فعلا متطرفا أكثر من الفعل المردود عليه، ثم إن الإسلام وبنص القرآن الكريم يمنع التعرض لكل معتقدات الآخرين، سواء كانت صحيحة أو باطلة.
قطب أضاف: إن المسلم العاقل مطالب بالتدبر فى إظهار رد فعل عقلى وعلمى، يتناسب مع العصر، لهذا لا أجد فى هذا التصرف نفعا، بل إن ضرره أكثر من نفعه، فضلا عن أنها أفعال لا تقدم ولا تؤخر.
الدكتور محمود عزب المتحدث الرسمى باسم الأزهر، قال: إن حرق الكتب المقدسة هو من الأفعال الهدامة التى لا علاقة لها بصحيح الإسلام. وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية لا تقر بمثل هذه الأفعال، مضيفا أن هذه الدعوات لا تعود على المسلمين بالخير، ولكنها زادت من حدة الموقف ومن إشعال نار الفتنة، وأظهرت المسلمين فى صورة همج لا يعرفون شيئا عن حوار الحضارات ولا يتعاملون برقىّ.
الدكتور محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث، أكد أن ما قام به البعض من حرق للإنجيل هو تصرف استفزازى، لا يؤدى إلا إلى زيادة الأزمة تعقيدا، وقال: لا يحق لمسلم عاقل يحب الله تعالى ورسوله، أن يتبع هذه الدعوات، مشيرا إلى أن المتشددين لا يفكرون بعقولهم فى هذه الأزمات، ودائما ما ينساقون وراء هذه المحاولات الاستفزازية، ليقعوا فى الخطأ الذى يدبره لهم الأعداء والصهاينة.
عبد الخالق الشريف القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، أكد أنه «لا يجوز حرق الإنجيل أو تمزيقه، فقد كان موجودا على عهد الصحابة ومن بعدهم، بل إننا نُهينا عن أن نسبّ الأصنام التى كانت تُعبد من دون الله، ونحن لا نقابل الإساءة بالإساءة، فقد وصف رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أنه يقابل الإساءة بالإحسان، ولو نزلنا إلى مستوى هؤلاء الذين أهانوا رسولنا لكانت أخلاقنا كأخلاقهم، ونحن أمة بُعث رسولها ليتمم مكارم الأخلاق، وما فعله البعض لا يتفق مع مبادئ الإسلام».
الشريف طالب فى تصريحات ل«الدستور الأصلي»: بأن تتدخل حكومات الدول الغربية لوأد الأيادى الخفية الموجودة لديها، والتى تسعى لإشعال الحرائق بين الشعوب وأصحاب الديانات المختلفة معهم، وأن يقوم بسن تشريعات لمنع الإساءة إلى الإسلام والقرآن والرسول عليه الصلاة والسلام، مثلما سن قوانين تحاكم من يشكك فى المحرقة اليهودية بل ومن يشكك فى عدد ضحاياها.
محمد حسان مدير المكتب الإعلامى للجماعة الإسلامية، أكد أن حرق «أبو إسلام» للإنجيل أمام السفارة الأمريكية، يتنافى مع تعاليم الإسلام الذى يحترم جميع الأديان، ولا يتعدى عليها حتى لو اعتدى أشخاص ممن ينتمون إلى هذه الديانات على الإسلام. مشيرا إلى أنه حتى لو كان الإنجيل الذى حُرق محرَّفًا أو بلغة غير اللغة العربية، فهذا أمر غير مقبول شرعا، لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بأن لا نسبّ الذين يدعون من دونه حتى لا يسبوا الدين الإسلامى، فاحتراما لديننا لا بد أن نحترم أديان الآخرين حتى لو اختلفنا معهم، فلا يجوز أن نضايقهم بأفعال أو أقوال معينة.
حسان أوضح ل«الدستور الأصلي» أن التعميم السائد حاليا فى القضايا المرتبطة بالفيلم المسىء أو تمزيق الإنجيل، يعتبر ظلما بيِّنًا، فعندما يقوم مجموعة أشخاص بعمل فيلم مسىء إلى الرسول، فلا يجوز تعميمه على إخواننا الأقباط، وكذلك الأمر عندما يقوم «أبو إسلام» بتمزيق الإنجيل لا يُحسب ذلك على التيار الإسلامى كله، فما فعله يخصه هو فقط.
هشام أباظة، القيادى فى تنظيم الجهاد، أكد أن حرق الإنجيل أمام السفارة يوسع الهوة بين المسلمين والمسيحيين، وأن الإسلام أمر بحفظ العلاقات بيننا، ومن يرد أن يحتج أو يغضب فليكن ذلك بشكل حضارى من خلال وقفات غير مخربة ومدمرة، وأشار أباظة إلى أن ما يحدث أمام السفارة أمر مدبر، للوقيعة بين الغرب وثورات الربيع العربى. وإننا يجب أن نحترم الإنجيل كرمز لأصحاب العقيدة المؤمنين به، مضيفا: إنه لا بد أن نعتذر لإخواننا المسيحيين، وأن لا يحمّلوا المسلمين خطأ فرد منهم، كما أننا لم نحمّلهم ذنب مجموعة مسيئة منهم.