المهمة من ثلاث يلتحق شباب الإخوان المسلمين المصريين بالثورة السورية» يشير بها شاب إخواني عائد للتو من قلب المعارك ضد نظام الأسد الدموى ل«الدستورالأصلي»، لافتا إلى أن أعداد شباب الجماعة المتدفق لا تزال قليلة، بينما تتنوع أسباب وجودهم فى المدن السورية المشتعلة أو على الحدود، المشاركة فى المقاومة، والعمل الإغاثى، والتغطية الصحفية، وكذا توثيق جرائم دمشق ومجازرها البشعة ضد الشعب السوري، ومن ثم الإسهام فى تجييش الرأى العام العالمى إلى جانب الثوار والجيش السورى الحر، مما يزيد الضغط على الأسد وحاشيته. الشاب الإخواني، الذى فضّل عدم ذكر اسمه، كشف عن أن أغلب المصريين المسافرين لسوريا، من الإخوان وغيرهم، يتوجهون بكثافة إلى حلب، لكونها أكثر أمانا، ولسهولة الحركة فيها، رغم القصف الشديد الذى تتعرض له، من قِبل مدفعية الجيش السورى النظامى، فى حين تبدو مهمة دخول حمص وحماة شديدة الصعوبة، خصوصا أن الريف المحيط بهما، وكذا الطرق المؤدية إليهما، تكتظّ بقرى شيعية موالية لنظام الأسد، تستهدف أى سنى يصادفها، وتقتله على الفور.
وبخصوص الإخوان والسلفيين الملتحقين بالمقاومة، قال الشاب الإخوانى، إن عددهم قليل على نحو لافت، فى حين أن خبرة أكثرهم العسكرية والقتالية، تكاد تكون منعدمة، ناقلا عن عناصر من الجيش السورى الحر قولهم إن المقاومين المصريين يمثلون فى معظم الأحيان عبئا عليهم، لأن لديهم مشكلة فى التواصل نتيجة اختلاف اللهجات، كما أنهم لا يحفظون جغرافيا المدن والمواقع، ومن ثم تكون حركتهم معوقة وقت اشتعال المعارك أو اشتداد القصف، ناهيك بأن الجيش السورى الحر لديه نقص فى أماكن المبيت والإعاشة، وهو ما ينطبق أيضا على الأسلحة والذخيرة، وعليه فهناك عجز فى توفيرها للمصريين خصوصا أنهم يأتون دون أسلحة، كما أن الجيش الحر فى حاجة إلى ذخيرة وسلاح أكثر من الأفراد، مما يؤدى إلى تولى المصريين فى الأغلب أمورا تخص الدعم الفنى للمقاتلين.
كانت مصادر فى جماعة الإخوان المسلمين قد كشفت ل«الدستورالأصلي» أن غالبية شباب الإخوان التنظيمي والمنشق، الموجود حاليا في سوريا، لا يشارك فى العمليات القتالية، حيث إن جزءا كبيرا منهم موجود فى المناطق الحدودية مع تركيا والأردن للمساعدة فى العمل الإنسانى والإغاثى، أما من يتجه إلى مدن الصراع مثل حلب أو إدلب أو دمشق أو حمص، فيسهم فى معظم الأحيان فى مهام الاستطلاع والمراقبة والدعم اللوجيستى والفنى للثوار.
وعن طريقة وصول شباب الجماعة، خصوصا التنظيمى، إلى المدن السورية الملتهبة، أشار الشاب الإخوانى إلى أن الأمر يحدث عن طريق لبنان أو تركيا، فى حين تبدو الأخيرة أسهل إلى حد بعيد، لافتا إلى أنهم يقومون قبل سفرهم باتصالات مع إخوان سوريا، حيث يلتقون عناصر منهم عند الحدود، تكون مهمتها تسلمهم وتأمين إقامتهم، قبل توصيلهم إلى كوادر أخرى من إخوان سوريا أو من المتعاملين معهم، تقوم تلك الكوادر بدورها بتوصيل شباب الإخوان إلى أماكن المعارك، سواء كان الهدف المشاركة فى الجهاد، أو التغطية الصحفية، بينما يبقى فى هذا الدعم خوفا من تعرض أى من شباب الجماعة لمكروه دون علم أحد، فى ظل المشكلات المتصاعدة فى الاتصالات وشبكة الإنترنت.
من جانب آخر، كشف الشاب الإخواني أن عددًا كبيرًا من شباب الإخوان يدخلون سوريا حاليا، في مهام إغاثية وإنسانية، وهو ما يتم دوما عبر نقابتَى الأطباء والصيادلة في مصر، كما هو الحال مثلا مع عمار البلتاجى، نجل القيادى البارز في الجماعة، وحزب الحرية والعدالة، الدكتور محمد البلتاجي.
عمار كان مؤخرا فى سوريا، ضمن قافلة إغاثية لنقابة الأطباء، بينما يبدو أنه يسعى، وبشكل تطوعى وفردى أيضا، لتدويل قضية المجازر البشعة التى تُرتكب في حق الشعب السورى، من قبل قوات الأسد، عبر توثيق ما يحدث فى المدن السورية، والكشف عنه فى فاعليات ومؤتمرات دولية وما شابه.
كان عمار قد كتب على صفحته في «فيسبوك»، نهاية الشهر الماضي: «فى سوريا.. فهمت للمرة الأولى بعد أن سمعت مرة أخرى من صوت مطمئن أن الطلقة التى ستقتلنى لن أسمع صوتها».. وتابع «لو أن الله سيحاسب ذلك الكبش (يقصد بشار الأسد) على الصراط قبل أن يُذبح.. فما أكثر ذنوبه.. ذنوبه هى تلك الأنفس التى تُقتل بالشام».. كما وثّق فى كلمات مؤثرة تجربته مع تشييع جثمان شهيد فى حلب قائلا «كان الطريق مملوءا ببقايا القصف وبقايا أشباح الليل فى لحظات ما قبل طلوع الشمس على التربة الحمراء وكروم الزيتون، لمحت الظلام يلتهم الزرع ويقنص بعض الأرواح ويظفر بها هاربا قبل أن يبزغ أول شعاع الصبح تمطيه الأرواح من جديد من الجهة المقابلة! وعلى البعد سحابات حزن تكاد تبكى حين تخرقها سفوح الجبال والتلال الحمراء! (هكذا التربة حقا حمراء اللون كأنها مخضبة بالدم من آلاف السنين!) يقطع الصمت أحد (الختيارية) كل حين ليقول (الفاتحة).. كان جثمانه مسجًّى فى هدوء وبساطة ملفوفا بالبياض الذى يغطى ثياب الشهادة فى نصف إغماضة تتجنب شعاع الضوء المواجه له!».
من بين الشباب الإخوانى الموجود فى سوريا، أو الذى توجه إليه فى الآونة الأخيرة، من هو فى مهمة صحفية، مثلما هو الحال مثلا مع أحد مؤسسى وكالة «رصد» الإخوانية، عمرو سلامة القزاز، وربما من أجل توثيق القضية السورية كما هو الحال مع الشاب الإخوانى الذى تحدث ل«الدستور الأصلي»، وأيضا الشاب الإخوانى المنشق، المدون عبد الرحمن عياش، الموجود حاليا فى برلين، والذى يتنقل بين عدد من العواصم الأوروبية، حاملا معه ما شاهده من نبل المقاومة وغدر السلطة فى سوريا، كما أن فى تركيا مركزا يُعرَف باسم «ملتقى مراسلى الحدود» متخصصا فى منح دورات تدريبية مكثفة، لمن يود العمل مراسلا حربيا فى سوريا، وهو ما يساعد بعض شباب الإخوان على السفر إلى هناك.
في سياق مختلف، كشف مصدر قريب من حركة حازمون عن أن السلفيين الملتحقين بالمقاومة فى سوريا، يتوجهون عبر بوابة مختلفة، عن تلك التى يتبعها شباب الإخوان، وهى جمعية سلفية لبنانية ترتبط بعلاقات وثيقة بالتيار السلفى فى مصر، تؤمّن لهم دخول المدن السورية المشتعلة، كما أن بعض الجماعات السلفية فى الأردن تسهِّل المهمة نفسها عبر الحدود اللبنانية والأردنية إلى سوريا.
الحضور الإخوانى فى الأحداث الملتهبة فى سوريا، لا يكون دوما فى قلب المعركة فى حمص وحماة وحلب، وليس بالضرورة أن يكون حتى بالقرب منها، فللجماعة إسهامات أخرى من القاهرة، عبر الفاعليات والمؤتمرات التى تنظمها فى مصر لدعم الثورة السورية والترويج لقضيتها، بشكل خاص، ودعم الثورات العربية، وإسباغها إخوانيا قدر المستطاع، بصفة عامة، إذ كشفت مصادر بالجماعة ل«الدستور الأصلي»، أن مجموعات لا مركزية، تتكون من كوادر من الإخوان وقياداتهم الوسيطة، لا تأخذ الشكل التنظيمى المعروف فى الجماعة، تتولى ذلك الملف، فى حين أن تلك المجموعات تعد جزءا من ملف أكبر شديد الخطورة والحساسية فى الوقت الحالى، لا يعرف عنه الكثير من القيادات، وبالطبع القواعد الإخوانية، شيئا، يعرف باسم «الدعم الخارجى والتنسيق مع الدول العربية والاتصالات الخارجية»، وهو يتبع نائب المرشد العام رجل الجماعة القوى المهندس خيرت الشاطر.
تلك المجموعات تولت خلال الشهور التالية لنجاح الثورة المصرية، مهمة استقبال نشطاء إخوان وإسلاميين، ضالعين فى الثورات الليبية والسورية واليمنية، بينما كانت توفر أماكن إقامة وإعاشة لهم فى بعض الفنادق، بعضها فنادق كبرى إذا ما كان بين هؤلاء النشطاء شخصية مهمة، وفى الوقت ذاته كان يتم عقد لقاءات سياسية لهم مع مسؤولين مصريين، فضلا عن تنظيم دورات تدريبية وسياسية وتقنية لهم، فى الاتصال والحشد والتوجيه وتنظيم المسيرات واتخاذ القرار السياسى، تساعدهم عند العودة إلى بلادهم فى المشاركة بفاعلية، فى الأحداث والأنشطة الثورية، وكذا فى إدارة العملية السياسية، بعد سقوط الأنظمة المستبدة.
ومن أشهر الفاعليات التى نظمها الإخوان لدعم الثورة السورية مؤخرا، كان مهرجان «سوريا تنتصر»، الذى أقيم فى قاعة المؤتمرات بجامعة الأزهر فى أغسطس الماضى، برعاية «ملتقى الدعم العربى» الذى يتولى مهمة منسقه العام القيادى الإخوانى الشاب، مدير تحرير موقع «إخوان ويب» الناطق باللغة الإنجليزية، المهندس خالد حمزة، وهو أحد المقربين بشدة من نائب المرشد، المهندس خيرت الشاطر، بينما حضر المهرجان عدد من النشطاء السياسيين المصريين والعرب، وكان من بين الحضور، عضو مكتب الإرشاد الدكتور عبد الرحمن البر، وعليه فإن شباب الإخوان الحالى والمنشق، ممن يودون السفر إلى سوريا يلجؤون إلى طلب المساعدة من النشطاء السوريين الذين حضروا المهرجان، ولا تزال لديهم صلات بهم.