لا تحتاج صناعة فيلم خفيف فى السينما المصرية إلى مجهود كبير. فكرة من فيلم أجنبى يتم تمصيرها أو تلفيق مشاهدها بأى أفكار ومشاهد مستهلكة سبق تقديمها فى أفلام سابقة، واستلطفها الجمهور، مجموعة اسكتشات بائسة تحاول إضحاك المشاهد، وبضاعة أى كلام تقدم للنصب على جمهور العيد. فيلم «مستر آند مسيز عويس» بطولة حمادة هلال وبشرى وإخراج أكرم فريد، نموذج لهذا النوع من الأفلام الخفيفة، أو «أفلام التلفيق» التى لا تتجاوز مدة صلاحيتها مدة عرضها على الشاشة، لا يبق منها شىء فى ذاكرتك، لأنها فارغة من أى قيمة أو مضمون، ولا تترك أثرًا بفكرة لامعة، أو رسالة ما، أو خفة ظل مبتكرة وذكية.
يلفت النظر بداية عنوان الفيلم الغريب «مستر آند مسيز عويس»، هو عنوان باللغة الإنجليزية وإن كان مكتوبًا بحروف عربية، وهو يقتبس بتصرف اسم فيلم أمريكى شهير من بطولة براد بيت وأنجلينا جولى، تم تقديمه من سنوات هو «Mr & Mrs Smith» وإذا خاطبنا صُناع الفيلم بثقافتهم الإنجليزية، يمكننا أن نقول إن «مستر آند مسيز عويس إيز أفيرى باد موفى»، وإذا وضعنا الترجمة فسنقول إننا أمام فيلم سيئ للغاية.
الفيلم أُخذ من الفيلم الأمريكى «Mr & Mrs Smith»، تيمة الزوج الذى يكتشف أن زوجته الموظفة البسيطة قاتلة محترفة وعميلة سرية تعمل لصالح جهات أمنية، وفى الفيلم المصرى يكتشف حمادة هلال أن زوجته حشمت الفتاة الصعيدية الساذجة زعيمة عصابة تتنكر فى زى الرجال، وتخرج ليلًا وعصابتها لترويع وسرقة أهل القرية.
الفيلم كتبه كريم فهمى، وهو يركز على شخصية البطل وهو مطرب يدعى أحمد عويس، شخصية ضعيفة مدللة يقضى حياته اللاهية بصحبة المعجبات الفاتنات، ويرفض طلبات أمه المتكررة للزواج، لكنه يرضخ لها، وبعد محاولات خطوبة فاشلة يقترح هو الذهاب إلى قريته فى الصعيد للزواج من إحدى بنات العائلة. المنطق والمبررات فى الفيلم هزيلة، فالشاب يرضخ دون مقاومة كبيرة لضغوط الأم، بل إن المنطق يذهب فى غيبوبة وموت سريرى فى مشاهد اختطاف بشرى للسفير الإسرائيلى، حيث نرى ذهاب فرقة من رجال «الإف بى آى» الأمريكية، بملابسهم وعتادهم إلى الصعيد لتحرير السفير. الأسئلة المحيرة: لماذا ليست فرقة كوماندوز إسرائيلية؟ وهل تدخّل «الإف بى آى» الأمريكى، من وجهة نظر المؤلف، أهون من تدخّل الكوماندوز الإسرائيلى؟!
الفيلم يغرق فى مجموعة من المواقف المضحكة نتيجة التناقض بين شخصيتى الزوج والزوجة، فالأول ضعيف ويفتقر إلى قوة الشخصية وهو الشىء الوحيد الذى أجاد تقديمه حمادة هلال، أما الزوجة فخشنة الطباع، وهو أمر لم توفّق بشرى كثيرًا فيه بأدائها المصطنع.
هذه الأحداث التى تسيطر على معظم الفيلم تتغيّر فجأة وبشكل غير منطقى حينما تحمل حشمت من زوجها، وتبدأ فى الاعتماد عليه بعد أن عرف طريق الرجولة، واشتغل كعامل بناء ليوفر المال لهما فى أثناء هروبهما من الشرطة.
يلتقط «مستر آند مسيز عويس» فكرة من هنا وإفيه من هناك لحشو الفيلم بأى مشاهد يفترض صُناع الفيلم أنها ضاحكة، إفيهات جنسية عن ليلة الدخلة فى الصعيد.. طفلة صغيرة تتكلم وتتصرف كالكبار.. جمل حوارية وطنية عن حب مصر، والتعاطف مع فلسطين، وكراهية أمريكا وإسرائيل، نرى الاستايليست الفلسطينية مساعدة المطرب فى مشهد مُقحم وركيك تحكى عن شقيقها الراحل الذى قتله الإسرائيليون، تضاف إلى هذا الكوكتيل شخصيات تتصرف بعصبية ومبالغة بحثًا عن توسيع مساحة الضحك على الشاشة، مثل ضابط الشرطة الغبى شديد العصبية.
أفلام حمادة هلال تعتمد على كونه مطربًا سيقدم عددًا من الأغانى ترضى جميع الأذواق، وهو تقريبًا لا يغير هذا الطقس فى كل فيلم من أفلامه، أغنية شبابية مرحة راقصة فى بداية ونهاية الفيلم، وأغنية حزينة فى وسط الفيلم، وأغنية للأطفال ويا حبذا مع شخصيات كارتونية شهيرة ك«سبونج بوب» الذى غنّى له هلال أغنية ساذجة مضمونها أن «سبونج بوب» سفنجة لونها أصفر كمونى، وهى معلومات بديهية يعرفها كل شخص مُبصر.
المخرج أكرم فريد لم يوفق فى صُنع عمل كوميدى مقبول من هذه الفوضى، ولم يتمكن من السيطرة على صراخ حمادة هلال ومبالغته فى الأداء، ولم يستطع حمادة هلال اختراع إفيهاته الخاصة فأخذ يردد إفيهات مستهلكة لأفلام قديمة، مثل «من النهارده مافيش خُط، أنا الخُط»، ولم يضف وجود إدوارد وأحمد راتب أى شىء إلى العمل.