هناك قلق على الدستور وكتابته.. .. فما زالت اللجنة التى تكتب الدستور الآن غير متوازنة ولم يفِ الرئيس محمد مرسى بوعده بإعادة التوازن إليها مرة أخرى، وهو الوعد الذى أعلنه فى لقائه بعدد من القوى السياسية، وعلى رأسها ما أطلق عليها الجبهة الوطنية التى أعلنت مساندته فى انتخابات الإعادة ضد مرشح بقايا النظام السابق.. ولكن لم يحدث شىء من ذلك الوعد. .. وأُعيد الكلام مرة أخرى حول هذا الأمر فى لقاء الرئيس مرسى بعدد من القوى السياسية وبعض الثوريين، ولكن لم يحدث أى شىء. .. فالرئيس محمد مرسى لم يسع إلى الآن لطمأنة مؤيديه من غير جماعة الإخوان قبل معارضيه على حال الجمعية التأسيسية.. واستعادة التوازن بين القوى السياسية وطوائف المجتمع فى تشكيلها بديلًا عن سيطرة فصيل وجماعة معينة عليها.. خصوصا أنها ليست على خط الثورة التى نادت بالحرية.. رغم أنهم أول المستفيدين من الثورة.. ولولا تلك الحرية التى يريدون تقييدها فى دستورهم ما كان لهم وجود على الساحة السياسية. .. ولعل عدم وفاء الرئيس مرسى بوعوده فى إعادة تشكيل التأسيسية الحالية أو بمعنى أصح إعادة التوازن إليها يزيد من القلق، بعد أن أصبح الأمر فى يده منفردًا فى إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية إذا صدر حكم من المحكمة ببطلان هذا التشكيل القائم.. وذلك وفقًا للإعلان الدستورى الأخير الذى أصدره. .. فالوضع الآن مقلق فعلًا.. خصوصا أن يُكتب الدستور فى زمن الإخوان.. وفى ظل رئيس إخوانى. .. كان من المفترض بعد ثورة عظيمة ضد نظام استبدادى فاسد أن يكون الدستور هو أول عمل بعد الثورة.. إلا أن الإخوان ومن معهم والإدارة الفاشلة لجنرالات معاشات المجلس العسكرى فضّلوا ترقيعات دستورية على دستور النظام السابق، ومن ثَم كان الاستفتاء فى مارس 2011 الذى أدخلنا فى متاهات دستورية وتكون الانتخابات أولا قبل الدستور ليتشكل مجلس تشريعى لم يفعل أى شىء ولم يعبر عن ثورة وسار على نهج أسلافه من النظام السابق الفاسد. .. وجرى حل المجلس التشريعى لإجراء انتخاباته على أساس غير دستورى نتيجة طمع جماعة الإخوان.. وقلة خبرة والأداء السيئ للمجلس العسكرى الذى كان يدير المرحلة الانتقالية.. ومع هذا حاولت جماعة الإخوان الالتفاف على حكم المحكمة الدستورية وإعادة المجلس المنحل دستوريًّا.. وتورّط الرئيس محمد مرسى فى هذا الأمر استجابة لجماعته.. وفقد ثقة القضاة فيه أو على الأقل جزء منهم.. وإن حاول فى الفترة الأخيرة أن يستعيده .. عدنا الآن إلى وضع الدستور أولًا.. ولكن هذه المرة فى وجود رئيس إخوانى وسيطرة الجماعة على السلطة التنفيذية.. والسلطة التشريعية فى يد الرئيس. .. أليس هذا أمرا مقلقا؟ ..أليست كتابة دستور الثورة والحرية أمرا مقلقا فى ظل تلك السيطرة؟! ..إن ما يحدث الآن فى كتابة الدستور يؤكد أن أعضاء الجمعية التأسيسية وأغلبهم ينتمون إلى تيار الإسلام السياسى لا يعرفون الفرق بين الدستور والقانون.. فهناك اختلاط لديهم بين الاثنين.. ولا يدركون أن الدستور هو مجموعة من القيم الأساسية التى يرجع إليها عند الاختلاف فى تفسير القانون.. فالدستور ليس فى حاجة إلى تلك التفاصيل التى يتداولونها، والتى وصلت بهم إلى أن يجعلوا عقوبة الحبس فى قضايا النشر منصوصا عليها فى مواد الدستور.. ناهيك بتفاصيل أخرى لا لزوم لها. .. أيضا الإصرار على النص، على مرجعية الأزهر.. وهو شىء مقلق وعودة إلى زمن الكهنوت. .. ناهيك بما يقال عن مؤسسة الزكاة والنص على ذلك فى مواد الدستور. إنه أمر مقلق فعلًا.. فعندما يخرج علينا وحيد عبد المجيد عضو الجمعية التأسيسية، بل المتحدث الرسمى باسمها، ليوضح أن هناك ارتباكًا أدّى إلى وجود مشكلات أساسية فى مواد باب الحقوق والحريات.. وأن مواد حريات الصحافة والإعلام والمرأة تحتاج إلى مراجعة لأنها غير معبرة للحد الأدنى عن الحريات وإذا صدر دستور بهذا الشكل سيكون أسوأ دستور فى الحريات. .. إن الأمر فعلًا مقلق وخطير، خصوصا فى خلط أعضاء اللجنة بين ما هو يتعلق بالدستور «أبو القوانين» والقوانين. .. إن الأمر مقلق على الحرية التى كانت مشعل ثورة 25 يناير.