عمال الشركة لم يحصلوا على رواتبهم منذ خمسة أشهر.. والقوى العاملة تساعدهم ب«الإعانات» شركة المعدات التليفونية تبدو شركة المعدات التليفونية أحد الرموز الشاهدة علي طريقة بيع القطاع العام في مصر وعلي قدر الأضرار التي لحقت بالعمال، وبداية فإن الشركة التي أنشئت في عام 1961 من أجل تطوير معدات الاتصالات في مصر، قد قررت الدولة خصخصتها عام 2000 أما ما حدث بعد هذا أمر آخر. فحسب المعلومات المتاحة شهدت الشركة العديد من «الألاعيب» من جانب مالكيها الجدد من أجل السيطرة عليها والتخلص من العمال وبيع الأرض التي تتعدي قيمتها الآن أكثر من 500 مليون جنيه والقصة من بدايتها مثيرة للغاية. وفقد بلغت قيمة البيع في هذا الوقت - عام 2000 - 190 مليون جنيه مصري، و قام المشتري بسداد ما قيمته سبعة وعشرون مليونًا كدفعة مقدمة تمثل 3% من قيمة الصفقة، علي أن يتم سداد بقية المبالغ علي ستة أقساط متساوية نصف سنوية، وقد تم الاتفاق في العقد علي سداد الدفعة الأولي للحكومة والبالغة 3% من قيمة الصفقة قبل نقل ملكية الأسهم بالبورصة بما قيمته سبعة وعشرون مليونا، فحسب نص البلاغ الذي قدمه النائب مصطفي بكري للنائب العام حول إهدار المال العام في عملية بيع شركة «المعدات التليفونية» فقد تمت خصخصة الشركة وبيعها بتسهيلات لا نظير لها في السداد، وبمبلغ لا يمثل القيمة السوقية الحقيقية لها، فقد كان بإمكانها تحصيل هذا المبلغ 190 مليون جنيه من أرباحها المتوقعة خلال ثلاث سنوات فقط وكان الهدف من خصخصة الشركة حسب ما تم إعلانه عام 2000 تدعيم معدات التليفون وإتاحة فرص عمل جديدة. وبدلاً من تحقيق الأهداف المعلن عنها وتطوير الصناعة وفتح المجال لفرص عمل جديدة، إذا برئيس مجلس الإدارة الجديد أيمن حجاوي يقوم بتأسيس شركة أخري تقوم بنفس الصناعة وهي الشركة المصرية لتكنولوجيا الإلكترونيات، واتخذ لها مقرًا جديدا بمدينة السادس من أكتوبر لإعفائها من الضرائب. وقد قام أيمن حجاوي من خلال هذه الشركة الجديدة بتوريد المهمات اللازمة للاتصالات إلي الشركة المصرية لتصنيع المعدات التليفونية بأسعار مرتفعة للغاية، وتفوق ما كان مطروحًا بالأسواق، والسبب في ذلك هو الحصول علي أعلي قدر من المكاسب لصالح الشركة الجديدة الخاصة وعلي حساب المصرية لتصنيع المعدات التليفونية. وقد بدأت الشركة تشهد تدهورًا شديدًا حيث وضح أن أيمن حجاوي كان يهدف إلي تخريب الشركة وإفلاسها وإرهاقها بالديون ثم بيع أراضيها البالغة 61 ألف متر في منطقة المعصرة وعلي النيل مباشرة وتحقيق أكبر قدر من المكاسب، حيث يصل سعر المتر في هذه الأرض إلي أكثر من خمسة آلاف جنيه. وقد وصل الحال بالشركة الآن إلي أن العمال فيما بينهم قد انقسموا ما بين فريق من العمال يرغب في الخروج إلي المعاش المبكر وهم النسبة الأقل بين عمال الشركة فيما يتمسك النسبة الأكبر منهم بالبقاء في الشركة والتمسك بحقهم في العمل وقد كانت اعتصامات واحتجاجات شركة المعدات التليفونية خلال الفترة الماضية هي الأشهر علي الإطلاق. أما الحال النهائي الذي انتهت إليه هذه الشركة التي بدأت بطموح واعد لتطوير صناعة المعدات التليفونية في مصر وتجهيز كوادر فنية واعدة لهذه الصناعة فإن «أحمد إبراهيم» أحد عمال الشركة يحكيه لنا قائلاً: «الحالة في الحضيض بالنسبة للعمال» بعض الذين انتهت عقودهم تركوا العمل بعد أن يئسوا من «إصلاح الأحوال» وأصبح البنك دائنا للشركة ب270 مليون جنيه. و يضيف: نحن منذ 5 شهور لا نحصل علي مرتبات وكل ما نحصل عليه هو معونة من وزارة القوي العاملة بعد أن باع المستثمر كل الخامات وأصبحت الماكينات بالشركة لا تعمل حتي إنه باع سيارات الشركة نفسها وأصبح العدد المتبقي من العمال 800 عامل فقط بعد أن كان عدد عمال الشركة أكثر من 1500 عامل. أحمد يؤكد: لا أحد يسمع إلينا وقد تقدمنا بشكاوي لكل المسئولين وطرقنا كل الأبواب ونشرنا مشكلات الشركة في الصحف والفضائيات ولكن لم يسع أحد للتدخل لكنه مع ذلك يؤكد أن العمال الذين تضرروا لم يكتفوا فقط بالإغاثة بل تقدموا بالفعل باقتراح لحل أزمة الشركة التي «كانت واعدة»، يقول: «تقدمنا بطلب لوزارة القوي العاملة من أجل السماح لنا بإدارة الشركة ذاتيا حتي تستمر الشركة من جانب وتحل أزماتنا من جانب آخر، لكن حتي الآن لم نحصل علي رد من أحد حتي أن حالة العمال أصبحت «فوق ما تتخيل» وكأن هناك انحيازًا لرغبة أيمن الحجاوي في بيع أرض الشركة حتي لو كان هذا الأمر علي حساب مئات العمال. ما بين 1961 و2010 ما يقترب من 40 عاما بدأت شركة المعدات التليفونية بحلم واعد وانتهت بالضبط... إلي «التجميد» «و النهب» ولتصبح الشركة التي تفتح أبواب الرزق أمام المئات تتوقف علي إرادة فرد واحد فقط هو رئيس مجلس الإدارة وإن كان يسانده نظام حكم قرر الانحياز إلي أمثال هؤلاء.