سعدت بخبر إزاحة محمد الصاوى بعيدًا عن وزارة الثقافة بعد أن كانت على مرمى حجر.. قبل ثمانية أيام فقط كتبت فى هذه المساحة بمجرد اعتلاء د.مرسى كرسى الرئاسة وتأكيده أنه لن يجعل مصر إخوانية ولن يصبغها سياسيا بإرادة حزب الحرية والعدالة، مرددا أن الحقائب الوزارية سوف تثبت ذلك قلت إننى أنتظر تعيين ثلاثة وزراء حتى أحدد بالضبط ما هو توجه الرئيس، وهل يريدها إخوانية أم ليبرالية الوزارات الثلاث الثقافة والإعلام والتعليم.. وها هى حقيبة الثقافة فى طريقها لكى تذهب إلى محمد الصاوى رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة عن حزب الحرية والعدالة بمجلس الشعب «المنحل». الصاوى يعود مجددا إلى وزارة الثقافة بعد أن غادرها بإرادة قطاع وافر من العاملين بها والمثقفين خارجها الذين رأوا أنه يعيدنا بتوجهاته الفكرية للخلف دُر. سوف يعتلى الكرسى وهو محمل بثأر قديم لا أتصوره ببساطة من الممكن أن يتسامح وينسى. أرجو أن تستعيدوا مقالا للصاوى نشره على صفحات «المصرى اليوم» فى أعقاب خلعه من الوزارة لم يهنأ خلالها بالمنصب، وتوعد كل من تظاهر ضده بالانتقام بل وقال بالحرف الواحد إن لديه أوراقا يدين بها كل من تآمر لإقصائه، وإنه يعرف الكثير عنهم، مؤكدا أنه سيكشف أوراقهم جميعا لو لم يكفوا عن التعريض به وهكذا أوضح الرجل أنه خلال عشرة أيام فقط قضاها وزيرا كان مشغولا بتصوير مستندات ضد عدد من كبار موظفيه وأيضا من المتعاملين مع الوزارة من الخارج، وأنه لن ينسى أبدًا ثأره القديم ممن أدخلوه الموسوعة باعتباره أقل الوزراء عمرا فى تاريخ المحروسة. كان الوزير يبدو وكأنه يتعامل مع المثقفين على طريقة «سيب وأنا أسيب» لو لم تكفوا عن مهاجمتى سوف أفضحكم جميعا.. الأوراق التى بحوزته الآن سوف تزداد ضخامتها بمجرد عودته إلى الكرسى ولهذا أطالبه قبل أن يذهب إلى مكتبه فى شارع شجرة الدر بالزمالك مواصلا ممارسة هوايته الأثيرة بتصوير المستندات التى تدين معارضيه أن ينشر هذه الوثائق على الرأى العام، ومن حق الذين يعتقد أنه أمسك بأوراقهم السوداء أن يدافعوا عن أنفسهم. لا أرتاح فى الحقيقة إلى من يأتى لموقع وهو بداخله بركان غضب، كما أننى فى نفس الوقت أرى أن الصاوى بتجربته فى ساقية الصاوى والتى كانت بالفعل تجربة موازية للدولة وتحمل قدرا لا ينكر من الإضافة الفكرية، إلا أنها فى كثير من الممارسات كانت تكشف أيضا عن عقلية رقيب قابع فى أعماقه لا يكف عن مطالبته بالمنع. إذا كان منهج المصادرة وهو خارج المظلة الرسمية للدولة هو دستوره، فما الذى تنتظروه عندما يصبح هو المسؤول الرسمى عن الثقافة؟! د.مرسى يلعب على المكشوف، ولا أتصوره يريد مصر إلا وقد أصبحت إخوانية، والدليل أن الوزارة التى تسهم فى تحرير العقول وتضع قيمة الحرية فوق كل اعتبار تذهب إلى وزير مؤمن بالمصادرة مُحمل بمشاعر انتقامية، وعند الضرورة يهدد ويتوعد معارضيه.. حقيبة الثقافة أثبتت أن د.مرسى عازم على أن نسير إلى طريق «جمهورية مصر الإخوانية» وأظنه سوف يواصل ذلك النهج فى حقيبتى الإعلام والتعليم. انتهى المقال والذى نشرت أغلب فقراته مرة أخرى ولا أدعى بالطبع أن مقالى أسهم فى إقصاء الصاوى عن حقيبة وزارة الثقافة، ولكن كان الغضب متوقعا داخل أسوار الوزارة وخارجها، وربما استشعر صاحب القرار أنه سيواجه عاصفة عاتية لن يستطيع مواجهتها، والصاوى سيجد نفسه مجددًا بعد بضعة أيام خارج الوزارة، وهكذا تم إنقاذه فى اللحظات الأخيرة ثم عاد د.صابر عرب إلى الوزارة وكان قد استقال من موقعه بسبب ترشحه لجائزة الدولة التقديرية، ولكن هل كان المقابل فى هذه الحالة أن تؤول وزارة الإعلام إلى الزميل الكاتب الصحفى صلاح عبد المقصود الذى كان هو المنسق الإعلامى لحملة د.مرسى ومعروف بتوجهه الإخوانى المتشدد. أشعر أننا استبدلنا الإخوان بالعسكر، كل المسؤولين الذين تولوا الإعلام بعد ثورة 25 يناير إما عسكريون وإما ولاؤهم للحاكم العسكرى، وراجعوا الأسماء، اللواء طارق المهدى ثم سامى الشريف ثم الزميل الكاتب الصحفى أسامة هيكل وصولا إلى اللواء أحمد أنيس.. انتهى عصر عسكرة الإعلام وبدأنا عصر أخونة الإعلام وأصبحنا نسير من حفرة العسكر إلى دحديرة الإخوان!!