عندما يأتى ذكر المجلس العسكرى وحديثه عن تسليم السلطة يتبادر إلى ذهنى فورا المشهد الذى انتحر بسببه العالم السويدى نوبل مخترع الديناميت،مشهد الفنان نبيل الحلفاوى فى فيلم(الطريق إلى إيلات) مصابا بالجفاف وقد فقد جالونين من العرق عندما كان يحاول توسيع الفوهات فى أصابع الديناميت ليخدع جيلا بأكمله موهما إياه بأن المشهد حقيقى ولكن يأتى عزت العلايلى ليفجر فضيحة مجملها أن نبيل فى واقع الأمر كان يمسك بصباع "عسلية" أو صباع "محشى برنجان" فى رواية أخرى . تزاحمت الأفكار فى رأسى اللعين كمركبات القاهرة فى ساعة الذروة حول الوضع السياسى فى مصر الذى أصبحت عاجزا عن تكوين رأى تجاهه ولكنى لن آبه بعد الآن فقد قررت الهجرة من ذلك البلد الذى أصبح فيه القبطى يشعر بالغربة . كأن سائق الميكروباص قد تسلل إلى أخاديد مخى فعرف فيما أفكر فأخذ يقور هو الأخر فى أنفه الأخنس المشعر مثلما كان الحلفاوى يفعل فى قطعة الديناميت ثم رمقنى بعينه اليمنى فاحمرت شرزا بعدما لمح الصليب حول عنقى ومد يده إلى المذياع ليضع أسطوانة قد كتب عليها "سورة المائدة" . لم تبد عليه ملامح الإيمان من قريب أو بعيد فقد رأيت فى وجهه خطا يتجاوز طوله الأربعة سنتيمترات فى الغالب نتج عن خبطة ب "سافوريا" (سلاح أبيض ماركة عزبة الهجانة) ثم داعب بأنامله كعازف بيانو قرش حشيش قام بإخراجه من جيبه وقبله بشفتيه الممتلئتين. أدار مؤشر الصوت إلى أقصاه وصاح فجأة فى سيدة عجوز " الأجرة يا أبلة ياللى ورااااا!" أول ما سمعت كانت الأيات التى تقول(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم)، استشطت غضبا وكأن التنور قد فار من رأسى وطالبته بإخفاض الصوت فرد فى برود " هو أنا مشغله ليك يا أستاذ ، أنا مشغله لنفسى، اصطبح وخلينا نركز فى الطريق !" فطالبته بالتوقف وترجلت من الميكروباص. أنا كافر إذا ؟ كذلك أنتم يا مسلمى مصر. قدرة البنى ادم على القيام بأى فعل مقرونة بعدم ضلوعه فى القيام بأى فعل اخر يعنى عدم اللامؤاخذة مينفعش تبقى بتاكل سندويتش بيض بالعجوة وفى نفس الوقت بتأأح فى الحمام، مينفعش تبقى تبقى قاعد فى امتحان الميكانيكا فى الثانوية العايمة وفى نفس ذات الوقت بتفكر فى البت المزة اللى فى فصل ب وعارفك يا بتاع تالتة تالت وهاجيبك وهاقول لأمك. الإيمان بأى فكرة أو عقيدة فى الكون معناها الكفر بالأفكار والعقائد المخالفة لها ،وعلى أثر ذلك المسلم المؤمن بمحمد طبقا للإيمان المسيحى كافر وكذلك المسيحى المؤمن بالصليب شرحه.
قررت الهجرة إلى ميامى ولم تفارق مسامعى تلك الأية فى القران وهناك قررت التعرف على ذلك الكتاب وبحثت فى جزئية معاملة المسلم لغير المسلم أو الكافر(لا ينهاكم الله عن الذين لا يقاتلوكم فى الدين أن تبروهم وتقسطوا اليهم إن الله يحب المقسطين) الأية فى سورة الممتحنة تتحدث عن الكافر المسالم الذى لا يقاتلك بسبب دينك.
ذكر البرفى القران مرتين ، مرة مع أبوك وأمك ، ومرة مع الكافر المسالم البر درجة تفوق الخير والكلام ده مش مع المسيحى بس لأ مع اليهودى والبوذى إن شاء الله حتى لو البنى ادم اللى بتتعامل معاه بيعبد الكومودينو ! السلفيون حاملو صكوك الغفران وأختام التكفير كأمثال عبد المنعم الشحات والبرهامى هم السبب فيما ال إليه الحال بين المسلمين وبيننا . الله لم يأمرك كمسلم بأن تذهب إلى المسيحى لتخبره بأنه كافر ولم يأمرك بإنكار ذلك كما يفعل الإعلام المنافق ، عندما يريد الله منك أن تتحدث يذكر فعل الأمر (قل) فقال فى سورة ال عمران (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا) ماذا تتوقع من مسيحى لا يعلم عن الإسلام شيئا سوى "اسلامو عليكو" عندما تخبره أنه كافر وأنه ذاهب إلى النار بالسكوتر ؟ التعصب هو التمسك بفكرة وإعتقاد ليس لإقتناعك بتلك الفكرة أو ذلك الإعتقاد بل لمجرد إنتمائك الجينى والعرقى لأصحاب تلك الفكرة، كلانا متعصب وعليه فإن حل الأزمة بين مسلمى ومسيحيي مصر ليس حضنا و فرنشاية بين شيخ من الأزهر و قسيس من الكاتدرائية ، حل المشكلة يكمن فى رغبة كل طرف فى خلق حوار حقيقى بين الكنيسة والأزهر ليتعرف المسلم على المسيحية ويتعرف المسيحى على الإسلام ويصبح الدين سؤال إختيارى وليس إجبارى . وحينها يعرف المسيحى ليه المسلم كافر ويعرف المسلم ليه المسيحى كافر. إمضاء مسيحى مصر.