ان خطابات المرسي المتكررة في اليومين الماضيين تعكس امور منها ما هو شكلي وما هو موضوعي. وقبل ان اصل الى التفاصيل أود ان اشير الى امور اجد ان وقتها قد حان. عندما اكتب وأقول المرسي بلا لقب فهذا ليس انتقاصاً منه وانما تقدير واحتراماً له ولمقام الرئاسة المصرية الذى استعادته الثورة او خلصت به من يد العسكر. ثم انى اتفهم تماماً اي انتقاد يوجه للرئيس من اي احد فنحن اسقطنا الفرعون ولا نريد صناعة آخر ولا اظن المرسي يريد ان يتفرعن. ومع هذا ان لا اقبل اي خطاب يوجه الى الرئيس يكون فيه تقليلاً من شأنه، ليس لشخص الرئيس ولكن لقامة الموقع الذي يمثل مصر كلها. واظن اننى كنت سأكون في تحدي حقيقي لكتابة السطور السابقة حال فوز مرشح العسكر في جولة الإعادة. وكم وددت لو ان شخصنة الأمور تحولت الى نقاش السياسات بدلاً من الأشخاص لما في ذلك من عافية ونفع للمجتمع خاصة وان الشواهد كلها تقول ان المرسي رئيس في مزنق وما اسرع ان ينقلب عليه النشطاء بعد ان اقر بقسمه الأعلان المكمم واقر بتصفيقه الوصف الذى اطلقه العسكر على 11555 مسجون بأحكام من المحاكم العسكرية والتى قالوا عنهم انهم مثيري الشغب فقال النشطاء كلنا كذلك ولولانا لما نولت الرئاسة. وبالأنتقال الى جوهر الموضوع أجد ان المرسي يتفوق على نفسه في كل ظهور له منذ ان أُعلنت نتيجة جولة الإعادة وأزعم ان تحسن خطاب السيد الرئيس من خطاب الى الآخر هو عامل رضاء نفسي واسع القبول لدي جماهير عريضة خاصة انه يتصرف بتلقائية. ثم ان تطور خطابة يوحي بصدق النية واكتساب الثقة والتطلع الى الأمام حتى ان بعض الطرفاء يقول اذا كان هذا هو الأستبن فما بالك بالأصلي؟ اما بعد فأن جوهر الكلام هو ما سنختلف عليه، ولا انوي الغوص في نيات الرجل وكل معاني خطاباته فمنها ما هو مرحب به مثل كلماته المعبرة عن لم الشمل والقاء التحية على الشعب بكافة طوائفة ومؤسساته ومنها ايضا ما يثير تسؤلات! اول ما استوقفنى في خطابات المرسي هو علاقته بالأخوان فأنا ازعم ان اصراره على دولة مدنية ديمقراطية عصرية حديثة وكذلك مستقلة هو امر مرحب به بشدة لدى القطاع الأكبر فى الشارع المصري. لكن ماذا عن الأخوان وحلفائهم من السلفيين الذين اصطفوا وراء المرسي حتى وصل الى مقعد الرئاسة والشريعة في بالهم؟ هنا اجد ان هناك استحقاق لابد وان يواجهه المرسي. لاحظوا ايضا ان بعض قيادات مكتب الأرشاد قد أخذوا بالفعل على المرسي انه هون من شأن المرشد عندما قال ان المرشد مواطن مثل باقي المواطنين وانه اذا خرج عن القانون فأنه سيعامل مثل باقي الناس بلا أستثناء. الشاهد ان المرشد نفسه تجاوزه الأمر وقال انه يعتبر الرئيس رئيساً له شخصياً. لكن هذا ليس بالأمر العابر وازعم ان المرسي لو بقى على وتيرة خطاباته فسيواجه تحدي حقيقي من داخل الجماعة. ثم ان المرسي عندما تناول الأمور السياسية الأقليمية اختص ثورة سوريا بالحديث وفى هذا امر حميد افتقدناه منذ آمد ولقد سأمنا من سياسة مصر الخارجية المنعزلة التى جلس على رأسها أقزام لبرهة من الزمن! وبخطاب المرسي المتناول للشأن السوري نجد انه معبر عن المصريين في الوقوف بجانب الشعب السورى ضد الوريث الطاغية الذى يسفك دم شعبه من اجل السلطة. وكم وددت لو ان الأمر لا يوجد له أبعاد أخرى ولكنى اعرف ان جانب من الواقع يقول أكثر من ذلك ولابد ان نتناوله وأقصد بهذا ان الرئيس المرسي تحدث عن سوريا (التى يسيطر على قيادتها الطائفة العلوية الشيعية مع الشعب سني المذهب) وفى المقابل لم يتطرق المرسي الى هبة السودان الوليدة والتى قد تتحول من أنتفاضة الى ان تصبح ثورة مكتملة الأركان ضد النظام الديني السني العسكري الذي يمسك بتلابيب الحكم وتفتت على يديه أوصال الدولة حتى اصبحت شمال وجنوب وعلى وشك ان تفقد دارفور وشرق السودان. وحتى لو كانت ثورة السوادن لم تنضج بعد الى درجة لفت الأنتباه فى أول خطاب رئاسي يتناول الشأن العربي الا انى أجد نفسي متوجس خيفة من تناول امر سوريا بهذا الوضوح، بجانب الزوبعة التى حدثة من جراء تصريحات المرسي لوكالة الأنباء الأيرانية. وبوضوح انني أخشى من أعادة انتاج صراع قديم سنى شيعي عفى عليه الزمن يجعل بأسنا بيننا شديد بعد ان عانينا من صراع عربي فارسي.. صراع مثل هذا ان وجد يصب في صالح أسرائيل بالفعل والتى ازعم انها فى حالة قلق وتربص شديد منذ فقدانها لكنزها الأستراتيجي المنبطح امامها والمخلوع من شعبه. لكن كيف سترى أسرائيل كلمات قالها المرسي ان للجيش دوراً الآن داخل الحدود في هذه المرحلة ودور خارج الحدود فى وقت لاحق! اعرف ان هناك مئات التخريجات التى قد تقال لكلمات المرسي ولكن انا لا اتحدث عن دولة ترضي بمعسول الكلام وانما اتحدث عن اسرائيل التى تتوجس خيفة من اى شيء فى المنطقة لصالحها فما بالك بالتلميح العلني ضدها. الشاهد ان سياسة اسرائيل كانت طول الوقت هي فعل الجرائم ثم العمل على تعطيل رد الفعل سواء كان من الضحية او دول الجوار او المنظمات الدولية ولها سيناريو للتعامل لضمان أيقاف رد الفعل. لكن ماذا على اسرائيل ان تفعل الآن امام هذا التحدي الواضح؟ والحقيقة أن ثورة يناير فى الأساس هي من أوائل ردت الفعل ضد أسرائيل ولقد نجحت فى خلع المُطَبع الأول. وبكلمات المرسي اظن ان حالة القلق بداخل أسرائيل ستصل الى حالة اليقين بأن الأمر لا يمكن ان يمر مرور الكرام. لذلك أزعم ان اسرائيل ستختبر المرسي عبر رصاصات غدر تصيب رجالاً من القوات المصرية المرابطة داخل الحدود المصرية لترى مدى وعمق رد الفعل لدى المرسي. المشكلة هنا ليست أسرائيل وانما الشعب المصري الذى سيطالب المرسي برد فعل واضح وحاسم. والمشكلة ايضاً فى امريكا التى سترسل بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لتقول للسيد الرئيس ان بيننا تفاهمت وتدخلات صبت في صالحك! فماذا انتا فاعل ساعتها سيدي الرئيس؟ معتمر أمين