في 70 شارع وايت هول بوسط لندن، وأمام مقر الحكومة البريطانية في مبنى «الكابنات» تجمع العشرات، رافعين الأعلام المصرية، ومرددين الهتافات ضد فينس كيبل وزير الأعمال البريطانى والمسؤول عن ديون إنجلترا المستحقة في الخارج، ومنها «ديون مصر لا بد أن تسقط»، و«هذا نفاق وليست ديمقراطية». المتظاهرون لم يكن عددهم كبيرا بعكس القضية التى جمعتهم. فقد قرر المتظاهرون من حملة «جوبلي» التى تطالب بإسقاط ديون العالم الثالث بالمشاركة مع حملة إسقاط ديون مصر، تقديم مذكرة إلى فينس كيبل، للمطالبة بمراجعة ديون مصر. الوقت الذى قُررت فيه الوقفة كانت له دلالته. فقد كانت الوقفة مساء أول من أمس (الخميس) في الثامن والعشرين من يونيو، بينما يحل موعد سداد 650 مليون دولار للدول الدائنة من نادى باريس في الأول من يوليو، ويستحق لإنجلترا من هذا القسط مبلغ 150 مليون جنيه إسترلينى. المظاهرة المحدودة استوقفت المارة فى الشارع المزدحم، للاستفسار ثم التأييد فكل ما يتصل بالشأن المصرى أصبح مهمًا فى لندن.
دينا مكرم، طالبة الدكتوراه في جامعة لندن وأحد المنظمين للوقفة من حملة إسقاط ديون مصر، والتى سبق أن تصدت ليوسف بطرس غالى وطردته من ندوة فى جامعة لندن قالت ل«التحرير»: «الديون التى تعانى منها مصر اليوم هى من صنع نظام مبارك، وقد تراكمت فى غياب أى مؤسسة ديمقراطية أو مرجعية شعبية، ولا ينبغى أن يتحملها الشعب المصرى. ما نطالب به هو مراجعة تلك الديون والتأكد من طبيعة الصفقات التى أبرمت من خلالها القروض ومدى استفادة الشعب المصرى منها»، وتضيف مكرم «لقد سبق وتحدثنا من خلال الحملة بالمشاركة مع حملة جوبلى مع وزير الأعمال البريطانى، ووعد ببحث الديون ومراجعتها، والآن نطالب بالتوقف عن سداد تلك الديون حتى تتم تلك المراجعة ومعرفة مدى شفافيتها ونزاهتها وهو أمر طبيعى ومنطقى».
حملة إسقاط ديون مصر التى انطلقت منذ ما يقرب من عام، بدأت بالمطالبة بإسقاط الديون القديمة، ولكنها فوجئت بالدولة تتجه لطلب قروض جديدة مما دفع الحملة إلى العمل على مقاومة تلك القروض التى من شأنها زيادة الديون وأعبائها على الموازنة وإثقال كاهل الشعب المصرى، خصوصا مع عدم وضوح شروط تلك القروض الجديدة. وطرحت الحملة بدائل للاستدانة منها الضرائب التصاعدية، وإلغاء الدعم الموجه إلى الطاقة للصناعات الكثيفة، ولتوفير الأموال اللازمة بدلا من الاقتراض.
ويفسر أديب نسيم، مخرج الأفلام الوثائقية والمقيم في لندن، غياب الاهتمام الكافى من الجالية المصرية فى لندن بهذه القضية رغم أهميتها، فضلا -طبعا- عن عدم الاهتمام بها فى الداخل قائلا: «لا يرجع غياب الاهتمام هذا إلى السلبية، فالجالية المصرية تنشط فى كثير من القضايا، ولكن هذه القضية تحتاج لجهد وشرح لتوضيح أهميتها. والتحركات التى تحشد أعدادا كبيرة حاليا هى المتعلقة بالأحداث السياسية، ولكننا نحتاج للاستمرار فى الحملة وتطويرها وخلق جذور لها داخل مصر لكى تحقق أهدافها».
دينا مكرم تؤكد ذلك وتوضح أن الحملة توجهت من قبل إلى البرلمان المصرى، «وتحدثنا إلى النائب سعد الحسينى، ووافق بالفعل على تشكيل لجنة لمراجعة الديون، ولكن صدر قرار حل البرلمان قبل تشكيل اللجنة، ونحن مستمرون فى العمل من أجل إسقاط الديون سواء فى لندن أو في القاهرة».