«أنت ممنوع من الزواج من ابنة والدها عضو بالحزب الوطنى المنحل». هذا ليس ضحكًا أو استهزاءً بأحد، لكن أكتوبر 2011 شهد فتوى غريبة من نوعها -الفتاوى الغريبة لا تقتصر على إرضاع الكبير- صدرت بتحريم الزواج من أبناء الفلول، حينما قال الشيخ عمر سطوحى رئيس اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، إنه لا يجوز لأى مصرى أن يزوج ابنته لأى من أعضاء الحزب الوطنى المنحل، لأنهم غير أمناء ومضيعون للأمانة، مضيفا: إذا كانوا قد ضيّعوا أمانة الشعب كله وأفسدوا الحياة فى مصر التى أكلوا من ترابها وعاشوا على أرضها وشربوا من مائها واستظلوا بسمائها، فمن السهل عليهم أن يضيّعوا أمانة الأسرة والزوجة.
الفتوى استدل فيها سطوحى على واقعة من التاريخ الإسلامى «بأنه عندما سُئل سيدنا عثمان عن مواصفات الزوج الذى يريد الزواج من فتاة، فقال لأبيها: زوِّجها لتقى، فإن أحبها أكرمها، وإن كرهها فلن يظلمها».
لم تتوقف الفتاوى التى تخص الفلول عند الزواج من أبنائهم، فبعد أن ترشح عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق وأمين جامعة الدول العربية السابق، وأحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق للانتخابات الرئاسية، أفتى الشيخ هاشم إسلام عضو لجنة الفتوى فى الأزهر الشريف، بأن «ترشح فلول النظام السابق لمنصب رئيس الجهورية، باطل شرعًا، وانتخابهم حرام»، وأن الفريق أحمد شفيق مثلًا ينطبق عليه قول الله تعالى «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُواْ فِى الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لا يَشْعُرُونَ».
الشيخ هاشم، رأى أن «ترشح الفلول والتصويت لهم خيانة لله وللرسول وللمؤمنين، وغدر وإهانة لمصر وشعبها وثورتها وشهدائها، وتكريس للديكتاتورية والظلم والإرهاب وحرب على مبادئ الإسلام المتمثلة فى الحرية والحق والعدل وحقوق الإنسان»، وأنه «من باب (درء المفاسد مقدم على جلب المنافع) يصبح عزل ومنع فلول النظام السابق سياسيًّا، أمرًا واجبًا، لأن وجودهم على رأس السلطة يعد انقلابًا ناعمًا وعودة لنظام مبارك فى ثوب جديد»، هاشم قال هذا مستشهدًا بقول الله تعالى «وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ»، فضلًا عن إدخال البلاد فى مرحلة من الفوضى.
■ ■ ■ أنت لم تتوقع أن يحدث هذا.. أو لم تشأ أن تتعرض لهذا الموقف.. موقف أساسه فكرة الاختيار صعب، وهو الآن متعلق بالحاجّة الوالدة، قد تستيقظ يومًا على صوتها وهى تلعن الثورة.. نحن أصلًا لم نتوقع أن تحدث ثورة، فكيف نفكر فى أن أمّنا أو زوجتنا أو أبانا أو أى شخص من أقربائنا من الفلول؟
على كثرة البيوت المصرية، سنجد أن كثيرًا من الاختلافات السياسية تحدث بين أبناء الأسرة الواحدة، ويحدث فعلًا أن تكون توجهات الأبناء مختلفة تمامًا عن آبائهم، وغالبا ما يكون الآباء من الفلول بحكم سنهم وخوفهم على أبنائهم مما حدث من بداية الثورة.. حقيقة الأمر أن الخوف من الفقد أو القتل أو التعذيب الذى حدث لكثيرين هو المحرك الأول الذى يجعل من الحاج أو الحاجة فلولًا.
أنت إذن مطالب طوال الوقت بالحديث عن الثورة بعيدًا عن المنزل تجنبًا لمشكلة بينك وزوجتك قد تصل إلى الطلاق، صحيح لم يُعلن عن حادثة طلاق بهذا الشكل، لكن ما المانع، فكل شىء جائز فى مصر.