حين أتاح لى الله-عز وجل-أن أنشر كتاباتى فى مكان أحترمه و أحترم قراءه كنت سعيدا للغاية، ولكن سعادتى خالجها شعور بالمسئولية ينطلق من إيمانى بأنى مسئول أمام الله و أمام ضميرى عن كل تصرف يتصرفه قارئ أو عاطفة يجيش بها صدره أو أو إحساسا يعتمل داخله بعد قراءة واحدا من مقالاتى. لهذا قررت أن أكتب فى هذا المكان ما أشعر أنه الحق و أتيقن صوابه ويرضاه ضميرى دون زيغ أو اتباع لهوى.
و حين جاءت الانتخابات الرئاسية قررت ألا أدعو الناس إلى أحد من المرشحين لأننى أحسست فى داخلى أن قرارا كهذا هو مسئولية لا يملك أحد من المرشحين – بما فيهم مرشحى- من الرصيد لدى ما يدفعنى إلى تحملها.
ثم جاءت جولة الإعادة و اتخذت قرارا بإبطال صوتى و لكنى لم أدع أحدا فى هذا المكان إلى هذا الموقف لأن الموقف كان من الضبابية بحيث يجعلك عاجزا أن تتيقن صواب رأيك حتى وإن ارتاح ضميرك إليه.
وعلى أثر إعلان قرارى على صفحتى الشخصية,بدأت أتعرض لهجوم من كلا المعسكرين وصل فى إحدى مراحله إلى السباب,قوم يتهمونك بأنك خائن للثورة مجهض لها و قوم يتهمونك بأنك رجعى تقامر بمدنية الدولة من أجل سذاجتك الثورية.
الطريف فى الأمر أن كلا الطرفين كان يستخدم نفس الأسباب و المنطق بل و حتى الألفاظ ذاتها فى إقناعك.
فلا تمر مناقشة واحدة مع واحد من مؤيدى شفيق أو مرسى دون أن تسمع عبارات مثل (أخف الضررين) ، (هما التنين وحشين بس........) ، (أصل ده سهل تشيله بعد 4 سنين لكن التانى لأ).
ولأن المسخرة أبت إلا أن تكون مكتملة فقد صار من الممكن أن تقول أى شىء و ستجد من يصدقك لأن كلامك الكاذب يصادف هوى فى نفسه,فبقدرة قادر صار الإخوان هم المتهمون فى موقعة الجمل و صار (الفريق) شفيق حارسا أمينا ل(مدنية) الدولة!!!!!
المؤسف فى الأمر هو ذلك الاستقطاب وتلك المحاكم التى ملأت ربوع الوطن تفتش فى ضمائر الناس و تصدر أحكاما عليهم بمجرد أن ينطقون باسم مرشحهم فأصبح كل من يؤيد مرسى رجعيا متخلفا ساذجا مخدوعا فى الإخوان وكل من يؤيد شفيق هو فلول و عدو للثورة و فى أحد ردود الأفعال كافر ابن كافر وطبعا المقاطع أو المبطل هو الهدف الأعظم لحملات الطعن و التشويه.
إن شابا وطنيا لا يطيق الإخوان المسلمين وجد نفسه مجبرا على التصويت لمرسى بعد أن عصر على نفسه معظم إنتاج مصر من الليمون فقط لأنه لا يتحمل أن يرى وجها تظاهر لإسقاطه من رئاسة الوزراء وهو يتولى رئاسة الجمهورية بعد الثورة...شاب كهذا ليس رجعيا متخلفا.
كذلك فإن سيدة تعيش فى سعة من العيش وتقطن المهندسين أو الزمالك أو مدينة نصر أو مصر الجديدة وأيدت الثورة انطلاقا من إنسانيتها ووطنيتها رغم أنها لم تكن تعانى إقتصاديا قبلها بل ربما أضيرت بعدها وجدت نفسها تصوت لشفيق خوفا من تيار أحست أنه يهتم بتغطية شعر المرأة أكثر مما يهتم بتغطية الجثث التى ألقيت فى القمامة دون أن تتحرك فيه ذرة من رجولة أو نخوة أو وطنية أو دين,أحست أن الثورة التى هتفت فيها للحرية توشك أن تأتى لها بمن يقيد حرياتها الشخصية.
فى ظل هذه الأجواء,ورغم أن النتائج الرسمية لم تعلن حتى الآن إلا أننى أود فعلا أن أوجه مجموعة من الرسائل ألى كثير من الأطراف.
الدكتور محمد مرسى: مبروك يا سيدى..هى (مبروك) غير رسمية حتى لحظة كتابة هذه السطور ولكنها تبقى مبروك. صدقنى يا سيدى كنت أتمنى أن أخبرك أنك تستحق هذا المنصب و أنك جدير به و أننى قد أعطيتك صوتى ولكن هذا غير صحيح فقد أبطلت صوتى و نعتك فى بطاقتى الإنتخابية بما أعتقد أنك لن تحب أن تسمعه.
كما أننى أعتقد فى داخل نفسى أن هناك الكثيرين ممن يستحقون المنصب غيرك وما اختيار جماعتك للمهندس خيرت الشاطر أساسيا منا ببعيد.
و كمواطن مصرى أريد أن أخبرك شيئا با سيدى...أنت لا تملك أى كاريزما على الإطلاق و من أخبرك بأنك تملكها هو كذاب كبير بل إن سيادتك لو كنت محاضرا فى كلية الطب لما حضرت لك محاضرة واحدة لأن حواراتك هى الشىء الوحيد الذى استطاع أن يتفوق على محاضرات الهيستولوجى فى إشعارى بالملل ولست فى حاجة إلى إخبارك أنك قد تدخل التاريخ من أوسع أبوابه باعتبارك أحد أقل الرؤساء فى الذكاء العاطفى المهم أننى فعلا مستعد أن أعتبر كل هذه الأشياء المهمة غير مهمة إذا أسرت قلوبنا بأعمالك و ملكتها بوضع مصلحة الوطن كأولوية واضحة لك أنت يا سيدى نجحت بأصوات من رأوا فيك وجها من وجوه الثورة و ليس بأصوات الإخوان المسلمين لذلك فلا أريد أن أضع صورة مجلس الوزراء القادم بجوار صورة مجلش شورى الجماعة و أطلب من صديقى أن يوجد 5 اختلافات بين الصورتين.
لا أريد أن أستبدل رؤساء الهيئات و المصالح و المؤسسات و الأحياء و المجالس المحلية و المحافظين ذوى الخلفية العسكرية بهؤلاء من ذوى الخلفية الإخوانية.
أتمنى من الله أن يكتب الخير لمصر على يديك و أعدك أننى كمختلف معك لن أتخلف لحظة عن دعمك فى كل ما يقتضيه صالح الوطن.
الفريق شفيق:أنا لن أوجه لك أى كلمات،ليس فقط لأن عقلى الضعيف يعجز عن فهم نظرياتك العميقة عن الصف الصناعى والجزء الرجولى خارج الدولاب ولكن أيضا لأننى بالأمس كنت أقف أمام النصب التذكارى لزميلى أبو الحسن شهيد العباسية التى وصفتها بالبروفة......مثلك لا أحاوره إلا فى الميادين
مؤيدو مرسى من الإخوان:أحيى إخلاصكم و قدرتكم على العمل من أجل ما تؤمنون به و لكنى أسأل الله أن يأتى اليوم الذى تعلمون فيه أنكم لا تقفون دائما فى المنطقة التى تتقاطع فيها مصلحة الجماعة مع مصلحة الوطن
مؤيدو مرسى من غير الإخوان:كنتم و ستظلون العامل الحاسم...أحترم فيكم قدرتكم على تجاوز الأيديولوجية إلى ما اعتقدتم أنه مصلحة الوطن....بارك الله لكم فى وطنيتكم
مؤيدو شفيق من كارهى الثورة:لا تحزنوا كثيرا لأنه لو جاء رئيسا كنتم سترون الثورة التى تكرهونها أسرع بكثير مما لو جاء غيره
مؤيدو شفيق من محبى الثورة:أعرف ما أحسستم به و ما دوافعكم لاختياره...هى حريتكم و رأيكم و حقكم فى تقرير مصير وطنكم الذى تعيشون فيه....لا أقبل و لا أتصور أن يزايد أحد على وطنيتكم أو يعيركم باختياركم لأنكم اخترتم ما ترونه الأصلح لوطنكم...اجتهدنا جميعا فأصاب من أصاب و أخطأ من أخطأ,من الطبيعى أن نختلف فى وجهات النظر ولكن ذلك لا يعنى أن نفقد إحترامنا أو ثقتنا فى بعضنا البعض
المقاطعون و المبطلون:كنتم دوما عنوانا للضمير و رمزا للمحافظة على المبدأ وسط ضباب الباطل و الأكاذيب,دمتم لمصر يا ضمير ثورتها
الجميع:هذا الوطن ملكنا جميعا...نحبه و نعشقه و نفديه بالأغلى والأعز,هذا الوطن يتسع لنا جميعا,يمكننا دائما أن نختلف داخله دون تخوين أو تخويف,اختلافنا ثراء له ونعمة أسبغها الله عليه،كلنا نرسم ملامحه و نصنع مستقبله،أحترمكم جميعا و أحبكم جميعا حتى لو رأى كل منا ما لا يراه الآخر لأننا يمكننا أن نعيش سويا رغم اختلافاتنا