لا مناظرة بعد تلك التى شاهدناها أول من أمس، ولا أتصور أن أى لقاء مع مرشح من ال13 المنتشرين الآن فضائيا، من الممكن أن يقدم المزيد، رُفعت الكاميرات وجفّت الفضائيات. كان المصريون جميعا فى انتظار تلك اللحظة، وكأنها مباراة نهائى كأس العالم، أفردت لها المقاهى والساحات الشعبية كل المساحات.. عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح وجهًا لوجه.. يبدو عمرو متمرسا، ثعلبا عجوزا لا يكتفى ولا مرة بالدفاع، ولكن الهجوم المكثف باستخدام كل الوسائل كلما وجّه إليه أبو الفتوح طلقة وقف خلف ساتر وتجاهل الأمر وصوب مدفعيته مباشرة إلى أبو الفتوح.. بينما أبو الفتوح ليست لديه دراية عمرو فى المبارزة ولا قدرته على توصيل المعلومة المكثفة.. لا يمكن بالطبع أن نعرف إلى من انحاز الناس؟ ومن صدقوا فى نهاية المعركة؟ ولكن لدينا ملامح للشخصيات رسمتها تلك المناظرة أستطيع أن أقول لك إن عمرو لا يتحمل أى انتقاد بصدر رحب يشعرنى بأنه يعيش من الآن باعتباره الرئيس المنتظر، بينما أبو الفتوح لا يتجاوز خياله مقعد المرشح المحتمل.. عمرو على رأسه بطحة لا يستطيع أن يداريها، وهى أنه قبل نحو ثلاثة أشهر فقط من تنحى مبارك كان يقدم له كل فروض الطاعة والولاء فى الفضائيات وأصر على ترشحه لولاية سادسة وحججه الواهية بأنه كان يفاضل بين مُرّ وأمرّ منه، ليست إلا مثل حجة البليد!
عمرو موسى تستطيع أن ترى بين ثنايا حواره أنه أكد لمناصريه من المباركيين القدامى أنه معهم ومنهم وإليهم، كما أنه سوف يلبى كل ما تريده القوات المسلحة، أى أنه فى المناظرة اكتسب الفريقين معا وضمن أيضا قطاعا من الشارع الذى يفكر فى نهاية الأمر بأن يعود إلى منزله فى أمان ويدخل جيبه على الأقل ما كان يحصل عليه قبل ثورة يناير. هؤلاء يعرف عمرو كيف تصل إليهم الرسالة ولا تعنيه أن تزداد آثار البطحة على رأسه.
عمرو موسى كان لديه فريق عمل حرص على أن يدرس مواطن الضعف فى الخصم ويعرف بالضبط كيف ومتى ينقضّ عليه وبأى كيفية؟ ولهذا يمسك فى القسم الأخير من اللقاء بكتاب لأبو الفتوح ويصوب ضرباته إليه باقتطاع أجزاء منه، يتناول فيها أبو الفتوح الكفاح المسلح لجماعة الإخوان كوسيلة لفرض الأمر الواقع، ويحدد عمرو التوقيت نهاية البرنامج حتى تؤدى الضربة الأخيرة إلى بطحة مستديمة على رأس خصمه.
أبو الفتوح دائما يضع أمامه سلاح أن موسى محسوب على زمن مبارك، وعمرو يقول إنها فقط 10 أعوام وزيرا للخارجية لم يتنازل فيها، ولا أدرى لماذا لم ينتقل أبو الفتوح إلى السنوات العشر التى كان يوجد فيها فى الجامعة العربية بترشيح من مبارك؟ كان موسى صدى لما يريده مبارك، لأنه هو الذى عينه فى الجامعة ويملك التجديد له. فريق العمل مع أبو الفتوح لا يعرف كيف يفاجئ الخصم بضربة غير متوقعة؟!
عمرو نقطة ضعفه التى لم يتمكن أبو الفتوح من اللعب عليها هى عصبيته الزائدة فى تقبل الآراء، ولكن أبو الفتوح غير مدرب على الحوار وإلقاء الحجة فى التوقيت المناسب ولا بإسلوب النفاذ إلى عرين الخصم.
أبو الفتوح حظى بمبايعة السلفيين، ومن المنتظر أن يتوجه إليه الإخوان، إلا إذا تمكن موسى من الوصول إلى توافق معهم، وهم من الممكن كجماعة فى لحظة أن يتوجهوا إلى من يمنحهم أى مكاسب، سوف يبايعونه ويقبضون الثمن.
كانت ضربة إعلامية شاركت فيها محطتا «دريم» و«أون تى فى» وجريدتا «الشروق» و«المصرى اليوم».. الانتخابات فى الإعادة سوف تصل بنا إلى موسى وأبو الفتوح. الباقى سوف يشاركون فى التسخين من أجل أن يترقب الناس الفصل الأخير.
كان هناك جزء زائد سبق المناظرة وامتد لأكثر من ساعة شارك فيه عمرو خفاجى وريم ماجد وحافظ الميرازى وعمرو الشوبكى، لم يكن له أى مبرر سوى زيادة الفترة الزمنية، حتى لو كان شرحا لفكرة البرنامج، كان من الممكن أن يتولى كل من منى الشاذلى ويسرى فودة حل هذه المشكلة دون إضاعة كل هذا الوقت لتمتد المناظرة إلى ما بعد الثانية فجرا!!
وصلنا إلى الذروة، وازددت اقتناعا بأنه لا عمرو ولا أبو الفتوح ولا أحد.. مصر لا تزال تنتظر!!