«الاعتصام حق لكل مواطن ما دام يمارس هذا الحق بشكل سلمى وينتظر تحقيق مطالب مشروعة»، بهذا الشكل فإن اعتصام أنصار المرشح المستبعد حازم صلاح أبو إسماعيل مشروع سياسيا، لكن المطالب التى يرفعها أنصار أبو إسماعيل تحتاج إلى توضيح وتحليل، فقد رفع المعتصمون في الميدان عشرة مطالب قالوا إن اعتصامهم سيتواصل ما دامت لم تتحقق. معظم المطالب التى رفعها أنصار أبو إسماعيل، مع الاعتراف بحقهم في الاعتصام، تحتاج إلى تعديل للإعلان الدستوري الصادر في مارس من العام الماضي، إذ إن هناك ثلاثة مطالب على الأقل لا يمكن تحققها دون تعديل الإعلان الدستوري، وهى أولا «استبعاد القضاة المشرفين على لجنة الانتخابات الرئاسية»، وهى اللجنة التى تنظم عملها بالكامل المادة 28 من الإعلان الدستوري، وهى نفس المادة التى تحدد رئاسة اللجنة وعضويتها بما يعنى أن تحقيق هذا المطلب معناه تعديل نص المادة، ولا يجوز بالطبع عزل هؤلاء القضاة مع بقاء هذه المادة كما هى.
المطلب الثاني الذى يرفعه أنصار أبو إسماعيل بشكل مباشر هو إلغاء المادة 28 من الإعلان الدستورى، وهو أمر غريب أن يكون مطلبهم «عزل القضاة» و«إلغاء المادة» بما يعنى أن هؤلاء لم يطلعوا على نص المادة أصلا، فقد كان يكفي المطالبة بإلغائها، لكن يبدو أن مطلب إلغاء المادة المقصود منه رفض تحصين قراراتها من الطعن القضائي، وهو مطلب مشروع رغم صعوبة تحقيقه فى هذا التوقيت.
أنصار أبو إسماعيل المعتصمون فى ميدان التحرير يطالبون أيضا بتشكيل حكومة جديدة بديلة لحكومة الجنزورى، وهو أمر على الرغم من مشروعيته يبدو أنه استمرار لحالة الجدل الطويلة التى حدثت خلال الفترة الماضية، لكنه أحد المطالب التى تحتاج أيضا إلى تعديل فى الإعلان الدستورى، فنص المادة 56 من الإعلان الدستورى تمنح المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحق في تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه وإعفائهم من مناصبهم وتعيين الوزراء ونوابهم وإعفائهم من مناصبهم أيضا.
هناك عدد من المطالب التى رفعها أنصار أبو إسماعيل المعتصمون في ميدان التحرير تصب فى خانة المطالب السياسية العامة، وهى مطالب ليست جديدة وسبق أن رفعتها القوى السياسية فى أكثر من مليونية وفى كثير من المؤتمرات والبيانات وهى مطالب تبدو مشروعة ومنطقية وتصب فى خانة استكمال أهداف الثورة المصرية على رأس هذه المطالب الإفراج عن معتقلى أحداث شارع محمد محمود الذين أحيلوا إلى المحاكمة وعددهم 379 معتقلا باعتبارهم من شباب الثورة، فضلا عن إلغاء محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وهو أمر وصل إلى مجلس الشعب، وأصبحت هناك خطوات جدية للتوصل إلى حل نهائى لهذه القضية التى كانت تعبر عن النظام القديم المستبد.
باختصار فإن أنصار أبو إسماعيل رفعوا كل مطالبهم بعيدا عن مطلب عودة الشيخ حازم للانتخابات الرئاسية، وهو أمر فى ما يبدو مقصودا لتبدو مطالبهم عامة وموضوعية بعيدا عن أزمة الشيخ مع لجنة الانتخابات، لكن هذه المطالب تحمل فى طياتها فى نفس الوقت ما يتيح للشيخ العودة مرة أخرى إلى انتخابات الرئاسة، وهو الأمر الذى يظهر فى مطالبتهم بإلغاء المادة 28 من الإعلان الدستورى، وعزل القضاء المشرفين على لجنة الانتخابات الرئاسية.