مؤمن المصري في مرافعته أمام محكمة الجنايات خلال نظر قضية قتل المتظاهرين، لخص عضو لجنة الحريات بنقابة المحامين المحامي محمد الدماطي جميع مطالب ثوار 25 يناير عندما اتهم النظام السابق بأنه تحول إلى عصابة تقتل خصومها متى وأين وجدوا. وأنقل بعض ما جاء في المرافعة تعميماً للفائدة. فقد اتهم الدماطي النظام السابق بالوقوف وراء العديد من الحوادث التي شهدتها مصر على مدار ال30 عاماً الماضية، مؤكدا أن تكلفة هذه الجرائم بلغت 50 مليار جنيه تكبدتها الخزانة العامة للدولة للتشبث بالحكم. وقدم سردا لبعض الحالات التي اتهم النظام السابق بالوقوف وراءها منها ما جرى للعالم النووي سعيد بدير، والمفكر الكبير جمال حمدان، واختفاء منصور الكيخيا وزير الخارجية الليبي الأسبق، ومقتل علاء محيى الدين الناطق الإعلامي باسم الجماعة الإسلامية، والمجند سليمان خاطر، والمحامى عبد الحارث مدني، وأكرم الزهيري، وأيمن إسماعيل الشاهد الرئيس في قضية أيمن نور الذي قيل وقتها أنه شنق نفسه على طريقة سليمان خاطر. كما اتهم النظام بالضلوع في مقتل الفريق أحمد بدوى ومعه قيادات عسكرية كبيرة، كما اتهمه في حادثة طائرة مصر للطيران التي كانت قادمة من نيويورك وعلى متنها العديد من القيادات العسكرية، ومقتل الشاب خالد سعيد، وسيد بلال الذي مازالت التحقيقات تجرى في قضيته، فضلا عن اتهامه بحرق القطارات وحرق مركز بنى سويف الثقافي، والتسبب في مقتل 1033 مصريا في حادثة العبارة التي قيل إن صاحبها خرج بمساعدة النظام. واتهم الدماطي النظام بالوقوف وراء اختفاء الصحفي رضا هلال، مشيرا إلى أن النظام في معظم هذه الحالات كان يعمد إلى إسناد هذه الأعمال إلى مجهول. واعتبر أن الرئيس السابق حسني مبارك هو المتهم الرئيسي في هذه الجرائم، إلى جانب جرائم نهب المال العام والحصول على ثروات هذا الوطن وتجريف مقدراته، مما تسبب في تردى مستوى معيشة معظم أفراد الشعب المصري ووصول نحو 80 % من أفراد الشعب تحت خط الفقر. واتهم أيضا النظام السابق بتبديد ما يقرب من تريليون جنيه في تصفية القطاع العام، مشيرا إلى أن الكثير من الخبراء قدروا قيمة الشركات التي تم بيعها بنحو 500 مليار جنيه بيعت فقط ب 50 مليارا، أي بأقل من قيمتها بنحو 450 مليار جنيه، مشيرا إلى أن ذلك تم بأوامر مباشرة من مبارك نفسه. ودعا الدماطي إلى ضرورة أن تكون هناك آليات استثنائية لمحاكمة هؤلاء المتهمين. وأضاف أنه على الرغم من أن الشعب يثق في قاضيه الطبيعي ويعتبر أنه درعه الواقي، إلا أن أغلب أفراد الشعب غير راض على أن يحاكم هؤلاء بهذه الطريقة. (وهذا ما ذكرناه في مقالنا المعنون "كل الثورات استخدمت المقصلة"). وأوضح أن النيابة العامة أكدت أن أجهزة الدولة المعنية قصرت في تقديم الدليل، مؤكدا أن هناك تعمدا في إخفاء هذه الأدلة. وخاطب الدماطي هيئة المحكمة بالإشارة إلى أنها ليست في حاجة إلى دليل أو شبهة، وأن القاضي الجنائي يستطيع بخبرته أن يكشف التهمة ويثبتها. وأصر على ضرورة اعتبار هؤلاء المتهمين فاعلين أصليين وليسوا شركاء فقط في هذه القضية. واتهم الرئيس السابق بعدم الالتزام القانوني والأدبي بالقسم الذي أقسمه برعاية مصالح الشعب، واصفا الادعاء بأن مبارك لم يقم بعملية قتل المتظاهرين بأنه "ادعاء سخيف"، ومؤكدا أن هذا العلم يقينيا لدى كافة المتهمين. وأشار الدماطي إلى أن 90 % من شهود هذه الدعوى (ما يقرب من 1600 شاهد) قالوا إنهم شاهدوا قوات الشرطة مسلحة بالبنادق الآلية والخرطوش وهى تغدر بهم، وأن هناك أدلة مباشرة على الجرائم المرتكبة من جانب هؤلاء. واستند إلى شهادة الشاهد الأول حسين سعيد موسى الذي أفاد بأنه سمع بتجهيز القوات في التحرير بأسلحة آلية وخرطوش. وطالب في نهاية مرافعاته بأن يصدر حكما عادلا بحق المتهمين، وردد مقولة الحجاج بن يوسف الثقفي "إني أرى رءوساً قد أينعت وحان وقت قطافها". وبعد؛؛ فهل هناك، بعد هذه المرافعة، شك ولو واحد بالمائة بأن هؤلاء المجرمين يستحقون الإعدام؟! مع العلم أن الأرقام التي ذكرها الدماطي في مرافعته ليست كل الحقيقة، فالحقيقة أكبر بكثير مما قيل ويقال عن المخالفات المالية والإدارية التي عصفت بالاقتصاد المصري طول حكم مبارك. وقد تعمدت أن أعيد معظم ما قاله المحامي الدماطي في مرافعته حتى أذكر المصريين، الذين ينتظرون القصاص بفارغ الصبر، بأن القصاص العادل آت لاشك فيه. فما قامت به عصابة مبارك من تخريب وإفساد في مصر لا يعدله تخريب في تاريخ الدول والشعوب وبالتالي فإن الإعدام لن يكون كثيراً على هؤلاء الذين قتلوا وسرقوا ونهبوا بلا رحمة. إن هؤلاء الناس لم يرحمونا، فلماذا نرحمهم اليوم؟!