التقرير يتناول 7 حالات قامت مصر باحتجازهم وتعذيبهم في أماكن سرية لصالح أمريكا.. ويطالب بمعاقبة أي مسئول يمتنع عن الإدلاء بمعلومات حول المعتقلين السريين طائرات c i a تحمل المعتقلين الذين تم تعذيبهم كشف خطاب أرسلته منظمة هيومن رايتس ووتش للممثلين الدائمين للدول الأعضاء بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان يوم 16 من فبراير، أي قبل يوم واحد من جلسة المراجعة الدورية الشاملة لملف مصر أمام مجلس حقوق الإنسان، عن قيام مجموعة البلدان الأفريقية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بإرسال خطاب لرئيس المجلس تطالبه فيه بعدم مناقشة تقرير حول «الممارسات العالمية فيما يتعلق بالاعتقال والاحتجاز في أماكن سرية في سياق مكافحة الإرهاب» أو إقراره كوثيقة صادرة عن المجلس. وهو التقرير الذي أعده كل من: المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو العقاب، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري والاعتقالات السرية، والذي يرصد في أحد فصوله السجون السرية في مصر وكيف تعاونت مصر مع الاستخبارات الأمريكية في اعتقال وتعذيب واستجواب بعض الأشخاص الذين اعتقلتهم الولاياتالمتحدة في إطار سياسات مكافحة الإرهاب التي انتهجتها عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وأكدت الووتش في الخطاب، الذي حصلت «الدستور» علي نسخة منه، أن ما جاء بالتقرير يثير العديد من المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي تتم في سرية وخفية وتؤدي إلي عواقب شديدة علي الضحايا، الأمر الذي يجعل مناقشة التقرير علنا أمرا شديد الأهمية للحيلولة دون تكرار استخدام مثل هذه المراكز. ويأتي هذا الخطاب بعد الدور اللافت الذي قامت به البلدان العربية والإسلامية لدعم ملف مصر أثناء جلسة المراجعة الدورية الشاملة والتي عقدت يوم الأربعاء الماضي ليؤكد الدور النشط والمتنامي الذي تلعبه البلدان العربية والإسلامية في تحجيم دور الآليات الدولية بما يخدم مصالح مشتركة مع بلدان أخري مثل مصر، والتي ترد الجميل بالتغاضي عن الانتهاكات التي ترتكبها حكومات هذه البلدان. أما الدراسة محل النزاع فقد جاءت في 221 صفحة، قدمت خلالها وصفا للإطار القانوني الدولي الذي تمارس فيه الاعتقالات السرية، بالإضافة إلي لمحة تاريخية عن استخدام الاعتقال والاحتجاز السري حول العالم والذي استخدم بكثرة منذ القرن الماضي، واستهدف بالأساس النشطاء السياسيين والمعارضين. وتركز الدراسة علي استخدام الاعتقال السري في سياق الحرب العالمية علي الإرهاب التي أعلنتها الولاياتالمتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. بهدف إثبات أن ممارسة الاحتجاز السري أمرا جديدا علي العالم، بل إن الدراسة أكدت أن بلدانًا مثل مصر والمغرب والجزائر واليمن حدثت بها حالات اعتقال سري واختفاء قسري كثيرة منذ خمسينيات القرن الماضي، كما تلقي الدراسة الضوء علي عدد من الحالات التي تعرضت للاحتجاز في أماكن سرية في ومن عدد من مناطق جغرافية مختلفة، إلا أن معدي الدراسة قالوا إنه «نظرا للطابع العالمي للدراسة فقد تكون غير شاملة وإنما تهدف إلي إبراز وتوضيح أمثلة تكشف الانتشار الواسع لممارسة الاحتجاز السري وما يتبعه من الإفلات من العقاب». ويوضح الباحثون أنه نظرا لسرية ممارسة الاحتجاز السري فقد اعتمدوا علي طرق مختلفة لجمع المعلومات مثل المصادر الوطنية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلي مصادر الأممالمتحدة. وتركزت المصادر الأساسية للمعلومات علي إجابات الدول علي الاستبيان الذي أعده الباحثون وأرسلوه لجميع الدول الأعضاء بالمجلس، وأجابت عنه 44 دولة، بالإضافة إلي المقابلات التي أجريت مع المعتقلين الحاليين أو السابقين، كما أجري عدد من المقابلات مع الأشخاص الذين كانوا محتجزين في معتقلات سرية، وأفراد أسرهم، ومحاميهم، وأجريت مقابلات وجها لوجه في ألمانيا والمملكة المتحدة وأيرلندا الشمالية، وأجريت مقابلات أخري عن طريق الهاتف. واتضح أن ما لا يقل عن سبعة رجال قامت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بإرسالهم إلي مصر بين سبتمبر 2001 وفبراير 2003، وآخر تم إرساله عبر سوريا بعد أن ألقت القبض عليه السلطات الكندية. أما الأشخاص الذين أرسلتهم الولاياتالمتحدة لمصر فهم: عبد الحكيم خفرجي، مصري، والذي ادعي أنه ضبط في البوسنة والهرسك في 24 سبتمبر 2001، وسلم إلي مصر بعد عدة أسابيع، بعد احتجازه من قبل القوات الأمريكية في قاعدة عسكرية أمريكية في توزلا. ممدوح حبيب، استرالي الجنسية، اعتقل في باكستان في نوفمبر 2001، وبعد ثلاثة أسابيع من اعتقاله تم إرساله إلي مصر، حيث مكث بها مدة ستة أشهر ثم نقل إلي جوانتانامو في يونيو 2002، وأفرج عنه في يناير 2005، وأكد حبيب أنه تعرض للتعذيب طوال فترة اعتقاله في مصر. محمد سعد إقبال مدني، مصري الجنسية، ألقت السلطات الإندونيسية القبض عليه في جاكرتا في 9 من يناير 2002، ثم نقل جوا إلي مصر أولا ثم إلي قاعدة باجرام الجوية، حيث احتجز لمدة أحد عشر شهرا ثم نقل بعدها إلي جوانتانامو في 23 مارس 2003، وأطلق سراحه في أغسطس 2008. وقال مدني إنه تعرض لسوء معاملة وتعذيب أثناء احتجازه في القاهرة، بما في ذلك التعذيب بالصدمات الكهربائية علي الرأس والركبتين، كما تعرض أكثر من مرة للتعليق والضرب. وعلاوة علي ذلك، أفاد بأنه حرم من العلاج الطبي. كما أكدت حكومة السويد في ردها علي الرسالة التي بعث بها الخبراء أثناء إعداد هذه الدراسة، أنها رفضت طلب اللجوء في السويد للمواطنين المصريين: محمد الزيري، وأحمد عجيزة، وتم طردهما ثم رحلا إلي مصر بمساعدة ال «سي آي إيه» - يذكر أن مصر وقعت اتفاقية تفاهم مع السويد تضمنت ضمانات بعدم تعرضهم للتعذيب وضمانات بمحاكمتهم بشكل عادل إلا أنه نتيجة لسمعة مصر في مجال التعذيب وإحالة عجيزة للقضاء العسكري صدرت قرارات من لجنة حقوق الإنسان ولجنة مناهضة التعذيب بالأممالمتحدة اعتبرت ما قامت به الحكومة السويدية انتهاكًا لالتزاماتها - وقد أفرج عن الزيري في 12 أكتوبر 2003 دون توجيه أي تهم له أو محاكمته، إلا أنه وضع تحت مراقبة الشرطة، وتعرض عجيزة لمحاكمة عسكرية وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش بغير العادلة. قال ابن الشيخ الليبي، ليبيا، إنه اختطف من قبل المسئولين الباكستانيين في أواخر عام 2001، ثم نقل إلي مصر حيث تعرض للتعذيب، كما احتجز في مواقع سرية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان، وأعيد إلي ليبيا في عام 2006، وقد توفي في مايو 2009. حسن مصطفي أسامة نصر (المعروف أيضا باسم أبو عمر) وهو مصري اختطف من مدينة ميلانو في 17 فبراير 2003 وسلم إلي مصر، حيث احتجز لمدة أربع سنوات (بما في ذلك 14 شهرا في الاعتقال السري) تعرض خلالها لأنواع مختلفة من التعذيب منها الصعق الكهربائي لأماكن حساسة من جسده. أحمد أبو المعاطي، كندي من أصل مصري، اختطف من مطار دمشق لدي وصوله من تورونتو في 11 يناير 2001، واحتجز في سوريا حتي 25 يناير 2002، ثم نقل إلي أحد مراكز الاحتجاز المصرية التي تنوعت بين أماكن سرية وعلنية حتي مارس 2004 عندما أطلق سراحه. وأكد أبو المعاطي أنه تعرض للتعذيب والاعتداء البدني خلال الفترة الأولي من اعتقاله في مصر كما هددوه باغتصاب شقيقته، كما احتجز لمدة 25 يوما في زنزانة الحبس الانفرادي وظل طوال هذه الفترة مكبل اليدين ويداه خلف ظهره. وتوصي الدراسة بمحاكمة وإدانة كل من شجع أو وافق علي الاعتقالات السرية، كما يجب تعويض ضحايا الاحتجاز السري وإنصافهم قضائيا وفقا للمعايير الدولية التي تؤكد ضرورة جبر الضرر فوريا بحيث يتناسب مع ما تعرض له المعتقل أو المحتجز من انتهاكات لحقوقه، كما أكدت أن واجب الحكومات أن تقوم بحماية مواطنيها في الخارج وتوفير الحماية القنصلية لضمان أن تمتثل الدول الأجنبية لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك قانون حقوق الإنسان الدولي. وضرورة العمل علي توفير ضمانات العدالة والمعاملة الإنسانية الأساسية للأشخاص المحرومين من حريتهم، ويقصد هنا المعتقلون أو المحتجزون بشكل عام. مؤكدة ضرورة ألا توضع أي قيود علي هذه الحقوق بذريعة مكافحة الإرهاب أو تطبيق قانون الطوارئ. واعتبرت الدراسة بوجة خاص مثول المحتجزين والمعتقلين أمام القاضي الطبيعي أمرا لا نقاش فيه. مشددة علي ضرورة وقف أي إجراءات استثنائية ضد المحتجزين لما تلعبه الهيئات القضائية من دور حاسم في حماية الأفراد ضد الاعتقال السري. كما طالبت الدراسة بضرورة تعديل القوانين المحلية بحيث تتضمن عقوبات علي المسئولين الذين يرفضون الكشف عن المعلومات حول المعتقلين السريين وأماكن الاعتقال السري، وحثت علي أهمية الإبلاغ الفوري لأهالي المعتقلين عن أماكن احتجازهم ووضعهم القانوني وحالتهم الصحية، كما توصي الدراسة بإنشاء آلية مراقبة لمراقبة مدي التزام الدوائر الاستخباراتية بالمعايير الدولية. كما شددت علي ضرورة إتاحة الفرصة للوصول للمعلومات التي تستخدمها هذه الأجهزة بما في ذلك المعلومات الحساسة، علي أن تقدم الأجهزة الاستخباراتية تقارير عامة حول أنشطتها. وأضافت التوصيات مبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي يعني عدم إعادة أو ترحيل الأفراد إلي بلدانهم الأصلية دون موافقتهم، للبلدان التي يحتمل أن يتعرضوا فيها للتعذيب أو دون الحصول علي ضمانات لحماية حقوقهم وفي حال القيام بأي عملية نقل يجب أن تتم تحت إشراف قضائي وتماشيا مع المعايير الدولية.