معتمر أمين كلما سمعت كلمة العصيان المدنى والأضراب العام، جأ الى مخيلتي بعض مشاهد توحى لأى ناظر ومتفحص لشؤون البلاد، ان القائمين على الحكم هم بالتأكيد دون المستورى من حيث الكفاءة و والآدارة وحسن التدبير. وللأسف الشديد، ترى هؤلاء الماسكون بالسلطة الآن من العسكر ومن والاهم، يطلقون اشنع التهم واحط الأوصاف ضد كل من يحاول ان ينتقد آدائهم السيئ. وكأن مصير الناس فى مصر مربوط بمصير حفنة من القادة الفشلة، التى لا تعرف كيف تدير بلد بحجم مصر ناهيك عن ادارة حتى صراع بسيط للأرادة امام حفنة من الشباب فى التحرير او بعض شوارع التحرير. الأمر، الذى يضع علامة استفهام كبرى امام هذه النوع من الأدارة، كيف جأت الى مناصبها؟ ومن آتى بها؟ وكيف استمرت كل هذه السنوات؟ وماذا سيحدث لنا امام اى تحدى اقليمي حقيقي لمصر ومصالحها؟ الشاهد ان العصيان المدنى والأضراب العام، معناه فيما آرى، ان الناس ضجة من طريقة ادارة البلاد، وان الأنفلات الأمنى لم يعد من المستطاع السكوت عليه. هذا الأنفلات الذى لا نعرف اذا كان مقصودا لتركيع الناس حتى يكفروا بالثورة ام هو بسبب ضعف كفاءات الأمن وقدرات القائمين عليه ام هو بسبب السياسات الخاطئة التى تهيج المجتمع وتجعله يثور ثم تقابله بالحل الأمنى العقيم، فتأتى النتيجة بخسارة الأمن وقواته لكل معركة يدخلونها! هذا بالضبط المناخ المثالى للخارجين على القانون ليجدوا فيه جنتهم، فهم يعملون كما يحلوا لهم بدون خوف من اى يد تستطيع ان تطالهم او تنال منهم، خاصة ان بعض خدماتهم هي محل طلب من قوى متعددة متربصة بالثورة. الحل الأمنى لا يمكن ان يأتى بنتيجة ايه السادة ولو كان به اي رجأ لكان آتى بالفعل بأى نتيجة طيلة العام الأول للثورة. لكن الحقيقة، الحل الأمنى لن يأتى بنتيجة، لأن المشاكل لا يوجد لها علاقة بالأمن! المشاكل التى يواجهها المجتمع المصرى تخص الكرامة الأنسانية، والعدالة الأجتماية، والحريات العامة! ولأن من يطلق على نفسه "اسياد البلد" لا يستطيعوا ان يفهموا اسباب ثورة الشعب فهم يتعاملون مع اى تحرك شعبي على انه بلطجة ويجب التصدى له بكل وسائل القوة الممكنة! فات هؤلاء "الأسياد" ان الشعب كسر حاجز الخوف وان المشاكل الموجودة مشاكل حقيقية وان آخر ما اضيف اليها هو القيادة الفاشلة التى تمسك بدفة الحكم فى مصر "منعندياتها" من ساعة سقوط المخلوع وعصابته! صناعة الخوف هى الحرفة الوحيدة التى يتقنها هؤلاء الأسياد.. فهم لا يعرفوا الا تلك الصناعة، التى تبث روح الفرقة والتجمد، والأنكفاء على الذات. صناعة الخوف هذه، هي المسؤولة عن استمرار مبارك ل30 سنة فى الحكم والآن جأ من بعده من يظن انهم ومؤسساتهم قادرون على الأستمرار بنفس المنهج وعن طريق صفقات مشبوهه مع قوى لا يهمها الا الوصول للحكم. الشعور بالأمل والرجاء يصيب هؤلاء "الأسياد" وحلفائهم بالزعر لأن صناعة الأمل وصناعة الحياة هى بالتأكيد صناعة وافدة عليهم ولا يعرفوا اركانها وهم بالتأكيد يخشون انتصار الأمل والحلم لأنه ببساطة يضعهم خارج السياق تماما. كيف تقول القيادة لشعبها ان الأضراب سيضر بمصالح الناس فى حين ان جزء من الأضراب سببه ان القيادة لا تريد ان ترفع الحد الأدنى للأجور وتماطل وتسوف فى تاريخ الأستحقاق! بمجرد ان بدأت الدعوات للعصيان المدنى، انفتح مرة واحدة النظام واركانه الى تبنى امور كانت محل طلب ملح من الناس! فجأة تم اعلان ان 10 مارس هو تاريخ فتح باب الترشح للرئاسة "بدون اى تفاصيل اخرى الا الألتزام بالجدول الزمنى لتسليم السلطة وكأن احد احترم هذا الجدول من قبل". ثم تم الأعلان برفع الحد الأدنى للمعاشات بآثر رجعى من مرتب يناير(لاحظ ان مرتبات امناء الشرطة والضباط وكذلك الجيش ارتفعت بعد الثورة مباشرة "وبعدين نقول مفيش فلوس فى البلد)! الم يخرج الجنزورى من اسابيع ويقول ان الدولة "هتشحت قريب"؟ فكيف له ان يرفع المعاشات هكذا و بأثر رجعى؟ ام انه كان يقدر ان يرفع المعاشات ولكنه لم يشاء ان يفعل ذلك وآثر ان يزيد من الحمل على الناس ثم عند بوادر العصيان المدنى "قالك هنرفع الحد الأدنى" (!!) لقد آن اوان رحيل دولة العجايز وبهذا المصطلح اقصد العاجز عن الآدارة، وفتح الباب لجيل طموح ويملك الحلم و الآرادة ويعرف كيف تدار شؤون الوطن لكي ينعم كل من فيه وليس حفنه ممن فيه! قلنا مرارا وتكرارا نحن ننادى الآن ببدل بطالة لكل عاطل 300ج، وببدل تضخم لكل اسرة 150ج، وبحد ادنى للأجور 1200ج وبحد ادنى للمعاشات 450ج وهذه فاتورة تتكلف حوالى 120 مليار جنيه سنويا! اعرف ان المبلغ كبير ولكنى اعرف ان عدم دفعه سيكلفنا اموالا اكثر من هذا بكثير على كافة الأصعدة الأمنية والأقتصادية والأجتماعية وسلامة المجتمع! ثم انى اعرف ايضا كيف ندبر هذه الأموال بناء على دراسات واقعية فعلية ومجربة وليست مجرد تجارب! افتحوا الباب قبل ان يكسر...