بدأ يوم امس كواحد من أغرب الايام فى حياة هذا الجيل . الجيل الذى خرج مع د / محمد البرادعى عندما وطأت قدماه اول مرة ملعب التغيير فى مصر .. اختلطت مشاعر الجميع .. صدمة .. حزن .. صمت .. امل .. تفاؤل .. جاء بيان البرادعى صادم للجميع .. محبيه وكارهيه .. انسحب مُفجر الثورة عند هذا الجيل والثورة لم تكتمل بعد . ستُكتب مئات المقالات عن هذا البيان .. ما بين مؤيد ومعارض .. فهذا قدر د/البرادعى دائما .. يرمى احجاراً ثقيلة طوال الوقت فى نهر الوطن .. ويترك الجميع ليحللوا ويستخلصوا العِبر .. وكأحد ابناء هذا الجيل الثائر اجد نفسى مدفوعا للكتابة عن د.البرادعى وبيانه . صُدمت للوهلة الاولى وانا اقرأ هذا البيان .. رغم علمى بفحواه قبل نزوله بأكثر من ثلاث ساعات ، فالخبر وصلنى هاتفيا من صديق عَلم مباشرة من د.البرادعى بما سيأتى فى البيان .. لم نتوصل لنتيجة فى الهاتف .. هل هذا قرار صحيح ام خاطىء..!؟ نحن دائما ما نثق فى قرارات الدكتور .. ولكن هذا القرار لم يكن متعلقاً به وحده .. ولكن بنا جميعا .. على الاقل افراد حملته الانتخابية .. ممن عملوا معه لمدة تقترب من العامين .. اخد كلا منا يشرح للاخر مميزات وعيوب القرار .. وبعد وقت قليل قرأت البيان على الانترنت .. وكأننى اعرف لاول مرة ما جاء به . وبعد ساعات قررت ان اكتب ما يدور بخلدى بشأن هذا البيان .. مبدئياً .. ارى ان الخطوة فى مجملها صحيحة وجيدة وان كنت اتمنى ان تتأخر بضعة ايام .. قد يتصور احد بعد هذا الرأى اننى سعيد بالخطوة .. اطلاقا .. انا فى غاية الحزن .. فمن يقترب من "البوب" .. يدرك تماما انه امام شخصية فريدة من نوعها رغم بساطتها الشديدة ووضوحها الناصع .. يجب ان تتولى مقاليد الحكم فى وطن قامت فيه ثورة على الجهل والفساد .. ولكن لما كان سبب الثورة هو نفسه سبب قرار د.محمد .. فكان لابد ان يخرج البيان متحدثا فيه "الدكتور" عن حملات التشويه والجهل والتجنى على شخصه مما خلف بيئة سيئة لخوض هذا السباق .. بل وللعمل فى برواز السياسة المصرى .. ارتحت للقرار بعد ساعات من التفكير فيه .. وجدت فيه انقاذاً للرجل من مستنقع اتهامات لايد له فيها بسبب الجهل .. واتهامات اخرى نتيجة الاستقطاب الدينى .. لا يتصور عاقل ان ينجو منها بل والفوز بمقعد الرئاسة .. وايضا وجدت فى القرار فرصه ليعود "الرجل" بين افراد حملته ليعملوا على تنمية المجتمع المصرى عن طريق حملات تنوير وخطط اقتصادية يساعد بها الشباب والوطن .. بدأها منذ ايام قليلة باعلانه برنامج اقتصادى قصير الاجل .. لم يبخل به الرجل على الوطن رغم ان المقربين منه يعلمون انه يفكر فى قرار الانسحاب منذ فترة بدأت عندما اعلن عن نيته لقبول منصب رئيس الوزراء .. لينقذ ما يمكن انقاذه .. وليعود بالثورة الى مسارها الصحيح . وانتابنى ارتياح كبير ايضا ان هذا القرار من شأنه ان يفعل الاتى .. ان يوحد صفوف الثوار والنشطاء حول رجل واحد .. وفى الغالب سيكون د. عبدالمنعم ابو الفتوح .. لما ينعم به من توافق ورؤية طموحة وتوراث كبير من العمل العام .. وقد يوجه بيان الانسحاب هذا بوصلة الثورة الى المسار الصحيح مرة اخرى بعد ان انحرفت عن الطريق الصحيح اكتر مما سارت عليه .. فالرجل سيعود ثائرا وسط الثوار .. متحررا من قيود الرسميات والبروتوكولات .. فهو الان لاعب اساسى معنا ضد العسكر .. وقرار انسحاب "الدكتور" قد يمنعنا من خسارة الرجل الى الابد فى حالة خسارته مقعد الرئاسة .. لان اى رئيس غالباً لن يتعامل مع الخاسرين امامه فى السباق الانتخابى .. اما الان فيستطيع البرادعى ان يعود لممارسه عمله كعالم فى القانون الدولى بالاضافة الى فرصته فى ان يكون مستشاراً او نائبا او حتى كرئيس وزراء فى العهد الجديد .. خاصه بعد هذا القرار الذى خَلَف طعم الحسرة فى نفوس كثيرين على غير وفاق مع "الدكتور" .. لدرجه جعلت المرشح المحترم "حازم صلاح " يصرح بصدمته من خبر انسحاب البرادعى من السباق . ما يحزن هى حالة الشماته عند البعض بعد سماعه خبر الانسحاب .. ليرسخوا وبشدة حالة الجهل التى تجتاح عقول كثير من ابناء هذا الوطن وعدم رغبتهم فى معرفة الحقيقة وتمسكهم بتصديق افتراءات لطالما نفاها من روجها .. مما يؤكد صواب رؤية "الدكتور" فى قراره هذا . وفى نهاية كلامى اوجه رسالة للدكتور اعلم انها ستصله .. كنا دائما على العهد معك .. علمتنا ان التغيير يرتبط بالشباب ولم ولن يرتبط بشخص ايا كان .. وسنظل على العهد .. حتى بعد قرارك .. سنكمل مسيرة الثورة والتغيير بدونك كرئيس .. ولكن معك كثائر .. انتهى عصر التمجيد والركوع لاى فرد مهما كان شأنه .. هذا ما علمتناه اياه .. كنت قد كتبت على اول صورة جمعتنى معك .. انه لشرف عظيم ان احميك .. والان اكتب لك انه لشرف اعظم لك ان تكون ثائرا معنا .. وسط صفوفنا .. لتهتف قبل أن نهتف .. يسقط يسقط حكم العكسر .. لنتفرغ بعدها لنصنع دولتنا العصرية الخالية من الجهل .