هذه الأحداث ليس لها علاقة من قريب او بعيد بما يحدث فى مصر اطلاقا. كل الحكاية ان بطل احداث هذه الحكاية اسمه مصراوى! دخل مصراوى لينام بعد يوم حافل من التعب والآرهاق وبمجرد ان القى جسده على السرير دخل فى نوم عميق! ثم رأى وهو نائم وكأنه يسمع اثنان يتحدثان فى مكالمة هاتفية. لم يرى اى منهما ولكنه كان يسمعهما جيدا.. آخذته المفاجأة وهو يسمع الحوار لأنه اكتشف ان الشخص الأول هو رجل من بنى اسرائيل والشخص الثاني هو رجل من الصحابة. رجل بنى اسرائيل كان احدى رجلان حاولا دفع بنى اسرائيل للدخول مع سيدنا موسي عليه السلام الى الأرض المقدسة والثانى احد الصحابة الذين استبسلوا فى حروب الردة ومعركة القادسية ! استمع مصراوى للحوار وسمع تبادل التحيات بين الرجل والصحابى ثم تشعب الحديث بينهما فسمع مصراوى رجل بنى اسرائيل يقول.. الرجل: تخيل يا آخا الأيمان، كان البحر امامنا وفرعون من خلفنا ثم اوشكت قلوبنا ان تنخلع حتى لم نعد ندري اين نذهب. فقلنا لنبي الله موسى الكليم.. لقد هلكنا! فقال عليه السلام، كلا ان معي ربي سيهدينى. ثم التفت لأنظر الى الغبار المرتفع عبر الصحراء والقادم ناحيتنا وخشيت ان فرعون قد ادركنا فعاودت النظر الى ناحية البحر، فأذا بطريقا مفتوحا فى البحر. ظننت ان عينيى اصابهم السحر! لكننا هرولنا جميعا خوفا من بطش فرعون الى داخل الممر ثم لما وصلنا الى الشاطئ الآخر نظرنا خلفنا فأذا بفرعون خلفنا فى الممر. ظننا انه لاحقا بنا ولكن فجأة انطبق البحر عليهم وابتلعهم جميعا وكأنهم لا شيئ. تخيل بعد كل هذا، مررنا على قوما عاكفون على اصنام يعبدونها، فقال قومى لنبي الله موسي اجعل لنا الها كما لهم الهه! استغفر الله! الصحابى : نعم يا آخ الأيمان، لقد حدثنا القراءن كثيرا عن هذا الموقف ومواقف اخرى لبنى اسرائيل. الرجل: تخيل ان قومى بعد ان نجحوا فى الفكاك من فرعون، وانفتح امامهم الأفق ووعدهم الله بالآرض المقدسه التفتوا لكليم الله وقالوا نريد ان نأكل فول وعدس وبصل وغيرها من الخضروات؟ لقد ذاقوا الذل واعتادوا على حياة العبودية حتى انهم لم يطلبوا اكل اللحوم مثلا! لقد شق عليهم ترك مكان العبودية والتحول الى ارض الله المقدسة! كان مصروى لايصدق ما يسمعه ويريد ان يدخل فى الحوار ولكن شيئا ما كان يمنعه. فأستمع الى باقى الحوار.. الرجل: كان بيننا رجل يقال له السامرى. لم يكن من بنى اسرائيل. كان صاحب صنعة وعبر معنا الى سيناء، ثم التقط بحدثه ان بنى اسرائيل لم تشترى الطرح الذى جاء به كليم الله موسي وانهم بفضلون الأصنام التى يرونها كما هو الحال عند المصريين. فأنتظر السامرى حتى ذهب سيدنا موسي للقاء ربه، ثم اخذ يصنع وينحت عجل لبنى اسرائيل ويقول لهم ان هذا الهكم واله موسى! لم اكن اتخيل لو للحظة واحدة ان احد ممن عبر البحر سيتبع هذا السامرى! لقد كان امر هذا السامرى عجيب! كيف استطاع ان ينحرف ببنى اسرائيل جميعا هكذا وهو رجل واحد؟ حتى مع وجود نبي الله هارون الذى آثر ان يحافظ على وحدة بنى اسرائيل والا سيقسمهم الى قسمين متناجزين! الصحابي: لم ينحرف هو ببنى اسرائيل وانما كانت فطرة بنى اسرائيل قد شوهت حتى قاربت على الفساد وكانوا مستعدون للردة لأن الأيمان لم يتمكن من قلوبهم. الحقيقة يا آخا الأيمان ان بنى اسرائيل حتى بعد ذلك بحين كانوا مازالوا يجلون العجل! الرجل: نعم نعم! اعرف ماذا تقصد، انت تقصد انهم لما أمرهم الله بذبح بقرة، لم ينفذوا الأمر وآخذوا فى المماطلة وكانوا قوم جدل. لقد تمكن فرعون من فطرتهم حتى اصبح علاجهم شبه مستحيل. آه يا آخ الأيمان لو كنت معنا يوم ان قالوا لكليم الله موسي اذهب انت وربك فقاتلا اننا ها هنا قاعدون!! لقد كدت ان استشيط انا واخا لى فى الأيمان. فقلنا لهم ادخلوا الباب على عدوكم من الجبارين فأنكم بأذن الله منصورين.. ولكنهم رفضوا رفضا شديدا وكانت اعينهم تدور من الخوف! الصحابى: من اجل ذلك، كتب الله عليهم التيه اربعين سنة حتى يهلك جيل فاسد الفطرة ويخرج جيل اخر سليم الفطرة وحر ولا يخاف الا الله! الرجل: نعم! للأسف هذا ما كان... لم ادرك ماذا حدث بعد ذلك، لكنى اسئلك، كيف نجحتم فى ان تكونوا خير امة اخرجت للناس؟ هل هو فرق الرسل؟ الصحابى: لقد علمنا رسول الله ان لا نفاضله على احد.. اظن ان الفرق هنا بيننا وبينكم، اننا قوم من البادية، لم نعرف ملك ولم نذق ذل بل ان الآفق مفتوح امامنا وهذا هو حال اهل الصحراء. وسبجان الله ان كان تيه بنى اسرائيل فى الصحراء حتى شب جيل يشبهنا ففتح الله عليهم الآرض المقدسة. كاد مصروى ان يفقد صوابه، فهو يريد ان يتحدث ويسأل ولكنه فوجأ انه مقيد وان على فمه كمامة لا تجعله قادر على الحركة. كان يريد ان يسأل الرجلان هل هناك دوره فى حياة الأمم؟ ولماذا تحدث القراءن عن بنى اسرائيل فى كل جزء من القراءن وقصة سيدنا موسي كذلك؟ لم يستطع مصراوى المكتف اليدين ان يفعل شيئا، ففاضت عيناه بالدموع وهو يرى الرؤيا.. ثم استمع الى ما تبقى منها ... الصحابى : تعرف يا اخا الأيمان! هذه الأيام تتداول بين الناس، فتارة يكون الشعب ذليل ثم يشب حتى يقوى وقد ينتقل الى مصاف الشعوب الجبارة وتكون هذا آخر عهدهم لأن الله عدل ولا يقبل بالظلم، فيسلط على الشعب الجبار من يقسمم ظهره ويستخلف قوم آخرون. وقد رأيتم كيف اهلك الله فرعون وجنوده! واوستبدلهم بقوم آخرين.. الرجل: ولكنا كنا مستضعفين فى الآرض. الصحابى: نعم لقد كنتم كذلك حتى وصل قومك الى اعلى شأنهم وقت نبي الله داود ونبى الله سليمان عليهما السلام الرجل مقاطع : من هؤلاء؟ الصحابى: هم انبياء الله الذين اتوا الى بنى اسرائيل بعد كليم الرحمن... الرجل: وماذا حدث بعدها؟ الصحابى: علا شأن بنى اسرائيل حتى سادوا الأمم من حولهم واصبحوا نموذج للدولة الموحدة التى يحتذى بها باقى الشعوب ان أرادوا الهدايه. ثم انحرف بنوا اسرائيل شيئا فشيئا حتى بعث الله عليهم من كسر شوكتهم واسقاهم سؤء العذاب. الرجل : من هذا؟ الصحابى: رجل اسمه نبوخذنصر الرجل: ثم ماذا؟ الصحابى: ابتسم الصحابى وقال، هون عليك، انما هيا ساعة ثم تعرف كل شيئ! لكنى اقول لك، ظنى ان الشعوب التى تبدأ بالذل لا يسعها الا ان تهلك جيل حتى تأتى بجيل آخر غير ذليل يستطيع ان يحمل الأمانة. وتلك رحلة سافرها اهل الله واهل الأيمان من عبودية النظام الى احرار الصحراء والأفق المفتوح. لا اعرف كم من الوقت يأخذ هذا التحول. لكنك لو نظرت فى تاريخ الأمم، ستجد هذا النمط موجود بداخل كل امة فى اى لحظة من لحظات التاريخ. الرجل: هل وضحت اكثر انهمرت دموع مصراوى وهو يسمتمع للحوار فقد كان يريد ان يعرف الأجابة على اسئلة اكثر ولكن بدى وكأن صوت من بعيد يناديه وهو يستمع الى الحوار.. آخر ما ادركه مما قاله الرجلان ان الصحابى : لقد تطور بنو اسرائيل من ذل فرعون الى تيه الصحراء ثم لم الشمل والدخول الى الآرض المقدسة حتى علوا وعلا شأنهم واصبحوا نموذج لدولة التوحيد ثم انحرفوا فأزاغ الله قلوبهم وبعث عليهم من يسومهم سوء العذاب واعادهم الى العبودية مجددا. ثم لأن الله رحيم، فقد فك اسرهم مرة اخرى من كسرى وعادوا الى ديارهم مجددا ولكنهم لم يعلوا لهم شان مرة واحدة ولكنهم اصبحوا اكثر تشبث بالنصوص حتى قتول الروح فبعث الله اليهم المسيح عيسى ابن مريم قاطع الرجل الصحابى وقال : احمد؟ الصحابى: كلا وانما هو رجل من بني اسرائيل بعث ليهديهم فكذبوه حتى اذن الله ان يبعث عليهم من يسومهم سوء العذاب مرة اخرى ويأسرهم مرة اخرى. لكن رسولنا محمد خاتم النبيين وكتاب الله العزيز قالا لنا انه سيكون لبنى اسرائيل عودة مرة آخرى! الرجل: ثم ماذا؟ الصحابى: ثم يعلوا بنى اسرائيل كما لو لم يعلوا من قبل حتى اذا امر الله بهم، سقطوا ولا تقوم لهم قائمة مرة اخرى. لكن اعلم اخ الآيمان.. ان هذا ليس شان بنى اسرائيل وانما هذا شان الأمم. ومن الأمم من اهلك ولم يعطى هذه الفرصة كعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم ومنهم من نجى. استفاق مصرى على نداء زوجته وهى تصحيه من النوم وتقول له! لماذا تبكى؟