بعد القبض على قاتل مهندس الكيمياء النووية.. مصطفى بكري: وزير الداخلية يعمل في صمت    وزير الأوقاف: بنك المعرفة المصري أداة لتمكين الأئمة ودعم البحث العلمي الدعوي    وزير الإسكان يتابع أخر مستجدات مشروعات التي تنفذها المقاولون العرب في "حياة كريمة"    محافظ القاهرة يدعو المستثمرين ب شق الثعبان لسرعة استكمال اجراءات التقنين    بروتوكول بين الهيئة المصرية البترول ومصر الخير عضو التحالف الوطني لدعم القرى بمطروح    بأوامر الرقابة المالية.. حسام هنداوي ملزم بترك رئاسة شركة الأولى بسبب أحكام قضائية    مساعد وزير الإسكان يبحث مع الجانب الألماني أوجه التعاون المشترك    الاحتلال يصعد قصفه لشرق وجنوب قطاع غزة وسط أزمة إنسانية متفاقمة    المجلس الوطني الفلسطيني: قوات الجيش الإسرائيلي لا تزال موجودة على 54% من مساحة قطاع غزة    وزير الخارجية الأمريكي يكشف نفاد خيارات العقوبات على روسيا.. ماذا قال؟    قضية زيزو.. تطورات مدافع الزمالك.. بيراميدز أفضل نادٍ.. وصلاح يوزع قميصه| نشرة الرياضة ½ اليوم    إصابة 8 أشخاص إثر إنقلاب ميكروباص بالبحيرة    ننشر رابط التسجيل الالكتروني للتقدم ل امتحانات «أبناؤنا في الخارج» 2026    السجن المشدد 10 سنوات لبائع خضروات بتهمة قتل مسنة بقنا    حسين فهمى يشيد بجهود «الإنتاج الإعلامي» في ترميم كنوز السينما المصرية    «مش بتحب الخنقة والكبت».. 3 أبراج الأكثر احتمالًا للانفصال المبكر    جلسة حوارية حول النموذج التحويلي للرعاية الصحية الأولية في مصر    بسبب فشل الأجهزة التنفيذية فى كسح تجمعات المياه…الأمطار تغرق شوارع بورسعيد وتعطل مصالح المواطنين    إعلان موعد خروج الفنان محمد صبحي من المستشفى    شاهدها الآن ⚽ ⛹️ (0-0) بث مباشر الآن مباراة العراق ضد الإمارات في ملحق آسيا لكأس العالم 2026    إخماد حريق شب في عقار بالفيوم    اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع غرب كردفان.. فيديو    مسيرة إسرائيلية تقصف سيارة وقت ذروة خروج طلاب المدارس في جنوب لبنان    رئيس مجلس الشيوخ: صدور قانون الإجراءات الجنائية خطوة تشريعية تاريخية    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: أكثر من 700 مادة إعلامية نُشرت حول افتتاح المتحف المصري الكبير في 215 وسيلة إعلامية دولية كبرى    مدير تعليم الشرابية يشيد بمبادرة "بقِيمِنا تحلو أيّامُنا"    الصحة: مصر حققت تقدما ملحوظا في تقوية نظم الترصد للأوبئة    الدقيقة الأخيرة قبل الانتحار    بروتوكول الممر الموحش    سر رفض إدارة الكرة بالزمالك لتشكيل اللجنة الفنية    محمد عبد العزيز: ربما مستحقش تكريمي في مهرجان القاهرة السينمائي بالهرم الذهبي    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    القسام تستأنف البحث عن جثث جنود الاحتلال    نيويورك تايمز: أوكرانيا تواجه خيارا صعبا فى بوكروفسك    محافظ الغربية: كل شكوى تصلنا نتعامل معها فورا.. ومتفاعلون مع مطالب المواطنين    4 ديسمبر.. بدء تلقي طلبات الترشح لانتخابات نقابة الأطباء البيطريين وفرعية قنا لعام 2026    «الكوسة ب10».. أسعار الخضار اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 في أسواق المنيا    ليفاندوفسكي على رادار ميلان وفنربخشة بعد رحلته مع برشلونة    إجراء 1161 عملية جراحية متنوعة خلال شهر أكتوبر بالمنيا    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    في قلب الشارع.. قتل مهندس كيمياء نووية مصري ب13 رصاصة في الإسكندرية    الغنام: إنشاء المخيم ال17 لإيواء الأسر الفلسطينية ضمن الجهود المصرية لدعم غزة    باريس سان جيرمان يحدد 130 مليون يورو لرحيل فيتينيا    رئيس جامعة قناة السويس يكرّم الفائزين بجائزة الأداء المتميز عن أكتوبر 2025    الدوسري خلال «خطبة الاستسقاء»: ما حُبس القطر من السماء إلا بسبب تقصير الناس في فعل الطاعات والعبادات    متحدث الأوقاف: مبادرة صحح مفاهيمك دعوة لإحياء المودة والرحمة داخل الأسرة والمجتمع    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    ندب قضاة ومنفعة عامة.. قرارات جديدة لرئيس الوزراء    الوزير: مصر مستعدة للتعاون مع الهند بمجالات الموانئ والنقل البحري والمناطق اللوجستية    ضبط 5 أشخاص أثناء التنقيب عن الآثار داخل عقار بالمطرية    إيطاليا تواجه مولدوفا في اختبار سهل بتصفيات كأس العالم 2026    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    المصرية للاتصالات: تحسن التدفقات النقدية الحرة يعكس قوة الأداء المالى    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيوزويك: سوزان مبارك ملكة مصر الماكرة بعد سنة على الثورة لازالت تعيش حياة منعمة!
نشر في الدستور الأصلي يوم 02 - 01 - 2012

نشرت مجلة "نيوزويك" الاميركية تحقيقاً مطولاً عن السيدة سوزان مبارك قرينة الرئيس المصري السابق حسني مبارك وما يثور حولها من شكوك تتعلق بذمتها المالية ومسؤوليتها عن جزء على الاقل من الفساد في المؤسسات والهيئات التي كانت تترأسها.
ويقول التحقيق ان سيدة مصر الاولى سابقا كانت تتحكم بمصر من وراء الستار وتحقق الربح من بؤسها، وانها ما زالت – بعد سنة على الثورة – تعيش عيشاً منعماً.
وهنا نص التحقيق الذي كتبته سوزي هانسن:
"في أحد الأيام الأولى من الثورة المصرية، تحدثت سوزان، زوجة الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى صديقتها فارخوندا حسن بالهاتف. كانت المباني تحترق في القاهرة. وتقول السيدة حسن إن السيدة الأولى كانت "هادئة جدا". ولم تعتقد سوزان أن هناك أزمة مقبلة. ولم تدرك عمق المشكلة. ومن المؤكد أنها لم تتوقع أن حكم آل مبارك على وشك أن يسقط.
وقضاء الوقت مع مؤيدة لسوزان مبارك كان الهدف منه هو الحصول على لمحة دقيقة حول ما كانت عليه سيدة مصر الأولى قبل الربيع العربي: متسلطة، ومضللة وبعيدة عن الواقع. وقد فاجأت الثورة، وفقا لاصدقائها، سوزان البالغة 70 عاما.
وفي سنوات سوزان الأخيرة، كانت تنظر إلى شوارع القاهرة التي تتناثر فيها القمامة من منظار مذهب. بالنسبة إليها: كانت الجدران مصقولة والزهور مزروعة والأعشاب نامية، ويتم رشوة المصريين حتى يبتسموا. وإذا كنت جزءا من البطانة الحاكمة، فالقاهرة نظيفة والمصريون سعداء.
وتقول حسن: "لماذا يتحول الناس بهذه السرعة من التأييد إلى الانتقاد الشديد، هذا امر غريب للغاية". وترأس حسن واحدة من أكبر المنظمات الخيرية التي أنشأتها سوزان "المجلس القومي للمرأة".
وربما السبب هو أن النخبة بأكملها منفصلة عن الواقع. وكثيرا ما تربط الصحافة الغربية سوزان بالتناقض إلى حد ما، وكأن مؤهلاتها النسائية ودورها في مجال النشاطات غير الربحية والخيرية تغطي على دورها في النشاطات العائلية الدكتاتورية. وفي ملف نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" ورد وصفها على أنها "صاحبة توجه ومنطلقة الكلام".
لكن سوزان لم تكن الزوجة سهلة الانقياد وراء عملاق شرير. وقد امتد نفوذها السياسي مع تضاؤل دور زوجها وتقلصه. وقالت ناشطة نسائية: "لم تكن متحالفة مع النظام. كانت النظام نفسه". كان حسني مبارك خلال معظم فترة حكمه قائدا باهت الشخصية- شبحا لفرعون. وخلال سنواته الخمس الأخيرة في الرئاسة، الخاصة بالعطلات في شرم الشيخ، واعتكف في فيللته الخاصة بالعطلات، منعزلا بشكل متزايد وضعيف السمع معتمدا على زوجته وابنيه. وأوصلت السيدة الأولى أو الحرمة كما يسمونها البلاد إلى الحافة.
وقال مسؤول اميركي سابق: "مع تقدم مبارك في السن كان نفوذها وسيطرتها يتعاظمان بالفعل- ولكن ليس بطريقة جيدة. أجرت الولايات المتحدة عدة نقاشات مع مبارك لتشجيعه على الانتقال لشكل ديموقراطي في الحكم. وكان واضحا أن الشخص الأكثر معارضة لهذا الانتقال ليس مبارك نفسه، وإنما سوزان".
والآن ومع امتداد العنف في انحاء مصر واستمرار الجيش في القمع الوحشي للمواطنين، فهناك شكوك في إمكانية تحقق التغيير الفعلي في دولة قادها مبارك بقبضة حديدية.
وبوجود زوج سوزان قيد المحاكمة التي قد يفقد نتيجة لها حياته، فإن سيدة مصر الاولى السابقة اختفت تقريبا. ويقال إنها عانت من نوبة صدمة في ايار (مايو) الماضي، عقب احتجازها واستجوابها حول الثروة التي اكتسبتها. وأطلق سراحها بسرعة بعد تنازلها عن 3,4 مليون دولار وعن فيللا بالقاهرة- رغم أن البعض يقدر ثروة العائلة بمليارات الدولارات. وهي على اتصال مع أصدقاء قلائل، ولم ترد على اتصالات حاولت مجلة "نيوزويك" إجراءها معها.
ويورد المصريون تفسيرات متعددة لعقلية مبارك التي هيمنت على البلاد لثلاثة عقود: وسلطته المطلقة المفسدة، فآل مبارك اعتقدوا أن مصر ستتداعى دونهم، ولم يعرف الزوجان المدى الذي وصلت إليه الأمور من السوء. وجولة سريعة بسيارة اجرة في أحياء القاهرة الفقيرة وابنية التحتية المدمرة تشير إلى أن مصر لم يكن يحكمها احد لسنوات طويلة. فما نوع المرأة التي لم تلاحظ أنها محتقرة من جانب 80 مليونا من البشر؟
وتقول حسن: "لم نفكر أبدا أن الأمور ستتغير بهذا الشكل، كما تعلم".
ولدت سوزان ثابت في اسرة من الطبقة الوسطى في مدينة المنيا على نهر النيل لأب مصري كان طبيبا وأم ويلزية، كانت ممرضة.
وانتقلت العائلة لاحقا إلى حي هليوبوليس الراقي، وكانت سوزان ضمن فريق السباحة في نادي الحي. وذكرت مجلة من العام 1956 أن سوزان الشابة كانت تحب قصص التحري والباليه، وتنمنى أن تصبح "مضيفة طيران" عندما تكبر.
ولم تكن المراهقة التي ظهرت صورتها في المجلة تعلم أنها على وشك أن ستقابل مصيرها الحقيقي. فقد كانت من جيل تتزوج بناته في سن مبكرة، ونادرا ما يكون زواج حب. وعندما كانت في السابعة عشرة، ربطت مصيرها بعربة ضابط في الجيش في الثلاثين من عمره يدعى حسني مبارك، وسرعان ما أصبح لهما ولدان علاء وجمال. والمرأة الرشيقة دون تكلف ذات الشعر الأسود والبنية العظمية الجيدة ستتحول إلى سيدة أولى من النوع الكلاسيكي.
وادعت انها تكره هذا اللقب، قائلة إنه "لقب غربي"، لكن نظام مبارك كان قبل كل شيء انعكاسا غربيا. ونظرة إلى الصور التي التقطت لسوزان عبر عقود تجلب للذهن نانسي ريغان ولورا بوش :فالشهر مقصوص بشكل خارق مثل شجيرة ضئيلة تحيط بوجه جامد، مع تنانير واسعة وقد مستقيم ومطواع، ومشية صلبة خالية من الإثارة.
وبعد ان أصبح زوجها نائبا لرئيس الجمهورية وذهب ابناها إلى الجامعة سجلت سوزان الطموحة والفضولية في الجامعة أيضا. وكان تخصصها في علم السياسة بالجامعة الأميركية في القاهرة، وحصلت في النهاية على ماجستير في علم الاجتماع، وكتبت أطروحة عنوانها "بحث في العمل الاجتماعي في مصر الحضرية :دراسة حالة تطوير لمدرسة في حي بولاق".
أظهرت سوزان حماسة في الكلية، لكن الطاعة للدولة جاءت أولا. احد أساتذتها كان سعد الدين ابراهيم، وهو متخصص في علم الاجتماع. حاليا هو ناشط مؤيد لليمقراطية. ويتذكر ابراهيم وهو جالس في إحدى ساحات الجامعة الظليلة المرة الأولى التي عرف فيها أن زوجة نائب الرئيس كانت طالبة في صفه (سجلت تحت اسمها قبل الزواج). وكان يحاضر حول الانفجار السكاني في مصر، لكنه قال إن السبب في ذلك هو الزواج المبكر. وقال ابراهيم: "انتقدت القيادة لأنها كانت تنصح المصريين العاديين بتأخير الزواج"، مع أن الرئيس حينذاك أنور السادات زوّج ابنته وعمرها 16 عاما".
ورفعت طالبة في منتصف العمر يدها وقالت: "هذه مسألة شخصية تخص الرئيس، ويجب أن لا نناقشها هنا". وتجادل الاستاذ والطالبة قليلا. وأصرت المرأة قائلة: "أعتقد أنك لن تجلب سيادته للمشاركة في النقاش". ورد ابراهيم: "ليس (سيادته) ولكن السيد السادات". وطلبت سوزان مبارك الإذن للخروج من الصف. ولكن ما ادهش ابراهيم أنها عادت في العام التالي، ودرست إحدى مواده، وقدمته بالفعل لزوجها، الذي طلب مرارا مشورته.
في حوالي تلك الفترة التقت نوال السعداوي، احدى ابرز النساء النشيطات في مصر، بسوزان عندما تلقت السعداوي دعوة من ابرهيم لالقاء محاضرة. "كانت سوزان بين الحضور، ولم يعجبها ما قلت من ان على المرأة ان تثور ضد سلطة الرجال عليهن. وقفت وقالت ان على المرأة ان تطيع زوجها والقيم العائلية. وتحدثت عن القيم العائلية بالضبط مثل جورج دبليو بوش".
وقد استمرت سوزان مبارك متمسكة بوجهات نظرها بقوة بعد ان اصبح زوجها رئيسا في العام 1981. وخلال السنوات العشر الاولى من اطلاق وصف السيدة الاولى عليها، بقيت شخصا متواضعا، كما يقول الاصدقاء، تركز على التعليم والاطفال. وتبوأت اعلى المناصب في منظمات غير حكومية: الجمعية المصرية للطفل والتنمية، متحف التاريخ الطبيعي للاطفال، جمعية الهلال الاحمر المصرية، وغيرها. اما البرنامج الذي لم يسع منتقديها الا التصفيق له، فهو القراءة للجميع، الذي نشر الاف الكتب الشعبية الرخيصة للفقراء (وقد ظهرت صورة سوزان على كل مجموعة من هذه الكتب).
وفي التسعينات، انتقلت اولوياتها الى مواقع اخرى. اذ عملت عن كثب مع وزير الثقافة لبناء مكتبات ومتاحف. وبدأت تركز على المرأة، الا ان النشيطات النسويات قلن ان عملها كان الى حد كبير يخدم الذات وغير بناء. وقالت لي آمال عبد الهادي، من مؤسسة المرأة الجديدة "انها ليست من المدافعين عن حوق الانسان. ولا هي من النشيطات النسويات. وكانت تقوم بهذه الاعمال كجزء من تكوين مجدها الشخصي". فالنظام حظر الجمعيات النسوية غير الحكومية.
ومع دخول مبارك العقد الثالث في السلطة، اتسع اطار عمل سوزان لبناء المجد من المرحلة المحلية الى العالمية (وقالت احدى النساء ساخرة "كلنا يريد اكثر من مصر"). وهكذا فانها تحولت الى الاهتمام الاعظم فقد أسست سوزان مبارك حركة السلام العالمية النسائية في العام 2003، وبادرت باعلان حملة انهاء الاتجار بالبشر الان. (وقال كثير من المصريين ان هذه التجارة ليست احدى المشاكل الاكثر الحاحا في مصر).
ومع ذلك فان سيرتها الذاتية تنضح بما لا يعد من التفاخر باعمالها الانسانية العالمية. وفي حقيقة الامر، فان فاروق حسني، وزير الثقافة السابق واحد الاصدقاء المقربين، فكر للحظة عندما سئل عن اكثر ما تهتم به سوزان، وقال "الفوز بجائزة عالمية". وهمس الكثير من المصريين بانها كانت تحلم بالحصول على جائزة نوبل.
وكانت عائلة مبارك متماسكة دوما. وقال علي الدسوقي، الذي كانت والدته صديقة عمر السيدة الاولى، ان سوزان وحسني كانا "يتعاملان مع بعضهما بطريقة جيدة "، الا ان ذكاء الرئيس، وكان من الدرجة الثالثة، وعدم مهاراته القيادية غالبا ما كانت تجعل الدسوقي يتساءل "كيف يمكن لهما ان يتزوجا؟"، ولكن يبدو ان العائلة كانت فوق كل اعتبار آخر.
وفي بداية القرن الجديد، تحولت الرئاسة متباعدة الى مؤسسة مختلفة تماما. ومع كبر سن حسني مبارك وضعفه، فان ابنه جمال ومجموعة من الاصدقاء رجال الاعمال بدأوا في استيعاب السيطرة على البلاد. وما كان نظاما عسكريا يرأسه عسكري قوي الشكيمة، تحول الى حكم الاقلية العائلية. وقال طارق عثمان، مؤلف كتاب "مصر على حافة الهاوية": "ليست مشكلة لمصر ان يكون على رأسها رجل قوي، خاصة عندما يكون من صفوف الجيش. ولكن ما كان شيئا جديدا للغاية فيها فهو حكم العائلة".
بدأت عملية الارتقاء بدايةً فجة. ففي العام 2000 ظهر ابرهيم، استاذ سوزان مبارك، في برنامج تلفزيوني وتحدث عن وفاة الرئيس السوري حافظ الاسد، موحيا بان ابنه بشار سيخلفه في اكثر الاحتمالات. وقال احد الحضور ان مثل هذا الامر يمكن ان يحدث في مصر، وقد وافقه ابرهيم على ذلك. وفي اليوم التالي نشرت مجلة عربية اقوال ابرهيم كجزء من القصة الرئيسية. وقال ابرهيم: "وصلت اعداد من تلك المجلة الى السوق المصرية يوم الجمعة. وفي منتصف النهار كانت كل النسخ قد صودرت. وعند منتصف الليل القي القبض علي".
"قالت سوزان لاصدقاء مشتركين ان زوجها جاء اليها ومعه المجلة وقال: انظري، في المرة القادمة سيدخل غرفة النوم وينام في سريرنا. وعليك ان تختاري بين صديقك وابنك".
أمضى ابرهيم ثلاث سنوات تحت التعذيب في السجن. وبدا ان الام والابن كانت لديهما خطط تتعلق بالمستقبل ايضا. ولكن الثورة المصرية ولدت من رحم الاف الاعمال الظالمة، كمما ان التهديد بالخلافة ساعد على اطلاق الشعلة الاخيرة. وهناك قناعة على نطاق واسع بان سوزان كانت في القلب من هذه الخطط، ويمكن ان تخضع للمناقشة مسألة ما اذا كان حسني دوما يدعم الفكرة. لكنه على وجه التأكيد لم يكن كذلك في احدى المناسبات.
وقال فاروق حسني: "لم اسمع منه قط انه كان يريد ذلك. صحبت الرئيس في الطائرة قبل اربع او خمس سنوات وقد قال لست احمق الى حد ان ادفع ابني بيدي الى الهلاك".
ومن المحتمل ان افراد عائلة مبارك – الذي حصروا انفسهم في القصور، رافضين السماح لصحف المعارضة بالدخول الى منازلهم – لم يدركوا التحول في مصر. فقد بدأت مصر تصحو، وتستفسر ليس فقط عن الانظمة العسكرية وانما عن النخبة الجديدة الفاسدة. وقد تكاثر السكان. وانتشر استخدام الانترنيت. وبدأ الشبان في التعرف بنظرة مختلفة على علاقتهم بحكامهم.
لكن سوزان واصلت في حث العائلة على البقاء في السلطة. وقد صورها بعض المعارف عل انها شكسبيرية الطبع – متحايلة، متلاعبة ومندفعة في حماسها، تؤنب زوجها حتى لا يكون ضعيفا. وقال الكثيرون ان الرئيس كان مريضا لدرجة انه لا يستطيع الحكم، يمضي مزيدا من الاوقات بعيدا عن العاصمة. وفي العام 2009 توفي الحفيد محمد في ظروف مرض غامضة. فكانت الكارثة سببا في تمزق العائلة، واكثرهم حسني. ومع ذلك فان سوزان كان ترى ان على العائلة ان تواصل المسيرة، وحماية مصر من الاخوان المسلمين والابقاء على شبكة المصالح المالية لعائلة مبارك. وعلى مستوى اقل، ربما ان سوزان لمن تتصور عالما لا يحكم فيه احد رجال عائلة مبارك: فالبديل كان شيئا لا يمكن مجرد التفكير فيه، انه نهاية العالم شخصيا.
ويرى علي الدسوقي ان خيالات سوزان نمت مع النظام. فوالدة الدسوقي كانت صديقة سوزان منذ ان كانتا في المدرسة، وقد عرف الدسوقي افراد عائلة مبارك جيدا. وهو في الخامسة والاربعين من العمر ويعمل في التخفيف من حدة الفقر، ولكنه يضع حدا فاصلا بين مشاعره نحو المرأة وبين مشاعره نحو نظامها. وقد وجد انها كانسانة "جادة، مثفة وعملية الى حد ما". وقال: "اعتقد صادقا انه كانت لديها نوايا طيبة. فقد كانت تريد الارتقاء بنظام التعليم ومحاربة الفقر". واكد انها لم تكن سعيدة "انها حياة رهيبة – هذا ما اعتادت على قوله".
اما بالنسبة الى النظام، فقد اعرب عن استيائه منه وقال: "الحقيقة انني الوم تراثا ونظاما لتنصيب اشخاص من دون إعداد في مناصب عليا. والوم الناس، لانهم اناس عاديون جدا وجدوا انفسهم في موقع الآمر الناهي. وليس هناك الا وسائل محددة يمكن استخدامها لمقاومة ذلك، وقد اصبحوا بعد ثلاثين عاما منعزلين، ما يدفع المرء الى ان يصاب بالجنون. هل يتذكر احد متى كانت اخر مرة قاد فيها سيارة؟ وآخر مرة شاهد فيها النقود؟ ولكن عندما تسمح للمقربين منك ان يتحولوا الى انذال – فان ذلك ينعكس عليك".
وقد وجد المحققون حسابات مثيرةً للشكوك في عدد من مصالح سوزان غير الربحية والثقافية- واتهمها صحافي بالتحكم في حساب قيمته 145 مليون دولار مرتبط بمكتبة الاسكندرية – ولكن الدسوقي يقلل من اهمية الفكرة. وهو يقول: "هذه مجرد ادارة سيئة وتوجيه سيء لمنظمات غير حكومية وكل شيء آخر. تحدَث الي عن الغاز. حدثني عن شركات أمن الدولة. حدثني عن المنتجات الاستراتيجية، والمنتجات الحاصلة على اعانة. تلك هي (المجالات) التي توجد فيها الاموال، ويوجد فيها الفساد".
الامر الغريب هو ان سوزان هي الوحيدة من اسرة مبارك غير الموجودة في السجن او الخاضعة لمحاكمة. ومنذ فترتها الوجيزة في الاحتجاز في الربيع الماضي، واصلت هيئة الكسب غير المشروع ملاحقتها. وقد جمد السويسريون حسابات مصرفية قيمتها 340 مليون دولار لافراد عائلة مبارك، وتتوقع السلطات المصرية اكتشاف مزيد من الاموال المخبأة. (قال محاميهم فريد الديب لمجلة "فورين بوليسي" ان هذه الاموال اكتسبت خارج مصر، من خلال اعمال للابنين في الخارج). وتتفاوت تقديرات ثروة افراد عائلة مبارك ما بين 2 مليار دولار و 70 ملياراً.
ومن الممكن ان الحساسية الثقافية تجاه سوزان باعتبارها امراةً اكبر سناً قد تبقيها خارج السجن في الوقت الحاضر، ولكن المزاعم عن جرائمها وتواطئها كثيرة. وتتعلق احدى الاشاعات بوزير الآثار والسياحة السابق زاهي حواس. ويدعي كثيرون انه سرق من كنوز الآثار ليغمر سوزان بالهدايا (وهو ما ينفيه حواس بشدة).
وتعيش سوزان مبارك اليوم في فيللا خارج القاهرة وتقضي ايامها في زيارة زوجها بينما هو ينتظر محاكمته. واما جمال وعلاء فموجودان في السجن – في نفس الزنزانة التي كان فيها في وقت من الاوقات سعد الدين ابراهيم، كما يقول. وتسدد الدولة المصرية تكاليف علاج حسني مبارك، وفقاً لمحاميه، وتعيش سوزان على مرتب تقاعد زوجها البالغ ما يعادل 500و15 دولار اميركي شهرياً. ويبلغ معدل الدخل الشهري لموظف مصري نحو 100 دولار شهرياً.
وقد بدأت مصر التي تتركها سوزان وراءها تنتقل الى مرحلة ما بعد مبارك مع اجراء انتخابات في الخريف الماضي. ولكن تركة مبارك ما زال من الممكن رؤيتها كل يوم – فهناك الاحباط والغضب المستمران منذ عقود يفيضان الى الشوارع، وهناك الجنود يضربون النساء ويعتدون عليهن جنسياً، وهناك صعود الاسلاميين، وعدم الشعور باليقين، والفقر والمعاناة. وقد ادت سوزان مبارك دورها باقرارها جحيم المصريين، وربما اطالة امده.
ومع ذلك، فان اغرب شيء عند الوصول الى القاهرة ومحاولة تكوين فكرة عن سوزان مبارك هو ان المصريين لا يعرفون اي شيء خاص عنها. افراد اسرة مبارك لم يكونوا شخصيات مميزة. لم يتصفوا باي شيء خاص وليس هناك ما يمكن تذكره عنهم سوى النزر اليسير. وقال لي رجل مصري: "حقيقة الامر هي انهم كانوا اناساً عاديين". واضاف، مع ذلك، انه لو رآها ماشيةً في الشارع ف"سأصفعها على وجهها".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.