الثورات العربية ليست مجرد إعلان عن سقوط نظم سياسية تتمثل في نظام مبارك أو بن علي أو القذافي بقدر ما هي علامة على أن خطاب النهضة العربية قد بلغ ذروته وأعلن إفلاسه وأن الوضع العربي كان مهيئاً لإستقبال حدث كبير ينتشله من هذا السقوط ويكون بمثابة إعلان له. إن الدولة العربية الحديثة كانت "دولة قوة" وليست "دولة عدل"، والربيع العربي الحاصل حاليًا هو إحتجاج على "دولة القوة"، وسعى لتجاوزها إلى تحقيق "دولة العدل". هذه هي الفكرة الأساسية التي يدور حولها الكتاب الجديد «ثورات العرب.. خطاب التأسيس» أحدث إصدرات دار العين للنشر والتوزيع، للأستاذ الدكتور علي مبروك أستاذ الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام بجامعة القاهرة. يوضح المؤلف في إستهلال كتابه أن الكتاب سيتعامل مع الحدث الثوري ليس باعتباره مجرد سقوط لنظام، ولكن إعلان لفشل خطاب نهضة ساد خلال القرنين الماضيين، وإذا كنا بازاء حدث ثوري كبير فنحن بصدد الانتقال من هذا الخطاب إلى خطاب آخر هو "خطاب التأسيس". يتصدى الكتاب بشكل أساسي، عبر فصوله الخمسة ومشهد الختام، لمحاولة بلورة هذا الخطاب التأسيسي الجديد لكل المفاهيم الإشكالية مثل الدين والدولة والموروث بحيث تتحول معه الثورات العربية إلى حدث تأسيسي موازٍ لعلاقة جديدة بين المجتمع والدولة، وعلاقات جديدة مع التراث والحداثة، وسيكون الخطاب الجديد بمثابة إعادة تأسيس جديد لكل تلك المفاهيم الإشكالية. واعتبر مبروك أن الحوار المصرى الراهن حول الدولة المدنية لم يجاوز بعد منطقة الشعار، وأن كل ما يقال فى سبيل تحقيقه ينصب في غالبيته على الجانب الإجرائى والسياسى والأيديولوجي، وكأن هذه الإجراءات معزولة عن الشروط الثقافية والعقلية التي تحققها. الدكتور علي مبروك، مؤلف الكتاب، أستاذ الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام، بكلية الآداب جامعة القاهرة، له مشروع فكري ممتد منذ صدور كتابه «النبوة من علم العقائد إلى فلسفة التاريخ» 1993، ودراسته التأسيسية عن «الإمامة والسياسة والخطاب التاريخي للعقائد» 2002، مروراً ب«لعبة الحداثة بين الجنرال والباشا» 2006، و«الخطاب السياسي الأشعري نحو رؤية مغايرة»، و«ما وراء تأسيس االأصول مساهمة في نزع أقنعة التقديس» 2007، وليس إنتهاء بأحدث كتبه «ثورات العرب خطاب التأسيس».