نظرا لأن رئيس التحرير في إجازة من الكتابة في الطبعة الورقية، فهو يخص موقع "الدستور" بمجموعة مقالات من كتبه المختلفة.. ننشر منها اليوم مقال "موعد على العشاء" دعت الدكتورة المرموقة منى مكرم عبيد للعشاء وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق مادلين أولبرايت في شقتها التي تبدو متحفًا مدهشًا من الصور التاريخية لزعماء مصر الكبار وللتحف والتماثيل واللوحات وروح الباشاوات التي تحلق في شقتها التي تطل علي نادي الجزيرة (فتحوا بابًا مخصوصًا في النادي كي ينزل مكرم باشا عبيد من شقته علي النادي مباشرة). رفض أيمن نور تلبية دعوة سكرتير عام حزبه السيدة مني مكرم علي العشاء، طالما مادلين أولبرايت موجودة، واتنرفزت جدًا دكتورة مني منه، إزاي أدعو كل سياسيي مصر ورئيس حزبي لا يأتي. كانت دكتورة مني صديقة شخصية لمادلين أولبرايت ووزيرة سابقة ومعارضة للرئيس بوش، فضلاً عن كونها ترأس معهدًا لا يملك شيئًا في صناعة القرار الأمريكي وقد دعتها مادلين علي العشاء في واشنطن وهي ترد الدعوة في القاهرة وقد جاء لعشاء دكتورة مني مسئولون حكوميون وحزب وطني ووفديون وشخصيات عامة، بينما رفض أيمن نور أن يذهب لتخوفه من سخافات الشائعات التي تقول إنه التقي مسئولة أمريكية (رغم أنها سابقة!) ولأن أيمن نور لا يعرف اللغة الإنجليزية فيقعد معها يبقي منظرهما إيه؟، لا هي تعرف العربية ولا هو الإنجليزية التي يجيدها كل المدعوين في عشاء دكتورة مني، لكن الأخيرة ألحت عليه تليفونيا وهي تملك طريقة باشاواتي في الغضب والعتب تدفعك للاستجابة فورًا لرغبتها، وذهب نور للعشاء بعد ساعتين من بدايته، وفي الشقة التي تنقسم لأكثر من قاعة كانت مادلين في غرفة المكتب الداخلية مع عدد من الضيوف فدخل أيمن نور وصافحها وقال لها: ما نعرفه جميعًا من الإنجليزية (نيس تو ميت يو) فابتسمت له، ودكتورة مني مكرم تقدمه لها باعتباره زعيم حزبها الشاب، وأطرق نور خجلاً والتفت فوجد أسامة الباز فقام جريا وقعد جنبه وهات يا رغي في كلام فارغ، وهي نوعية الكلام الذي يدور دائما بين أي معارض وبين رمز للسلطة، لم يتم أي حوار بين نور ومادلين غير جملة (نيس تو ميت يو) ومع ذلك تم التشهير بنور وبوطنيته لحضوره عشاء حضره أسامة الباز وغيره من رجال النظام، وتم سجن أيمن نور وحدث ما نعرفه جميعًا وكانت مني مكرم حزينة علي سجن نور، وقالت لي بصدق حقيقي: إزاي يسجنوه بالطريقة دي، زمان لما سجنوا مكرم باشا (والدها) قعدوه في جناح في مستشفي الأنجلو، وكمان سابوه ياخد الكلب بتاعه معاه في السجن (الجناح) حتي إنه جاله اكتئاب، مين يا دكتورة مني اللي جاله اكتئاب، ترد: الكلب، ومات بعد ما خرج من السجن ومكرم باشا كتب عنه قصيدة، عن مين يا دكتورة، ترد: عن الكلب!