منّ الله تعالى على أمة العرب خلال النصف قرن الماضية بعدد من الزعماء من فصائل نادرة بعضها للأسف الشديد اندثر فعلا وصاراسترجاعه أمرا مستحيلا وبعضهم يعانى هذه الأيام خطر الانقراض والتلاشى وكم كنت أتمنى أن تستطيع الأمة العربية حفظ تراثها من هذه الأنواع النادرة من الرؤساء بحفظهم جميعا فى محميات طبيعية تشرف عليها هيئة خاصة ،وعلينا أن نتخيل كم كنا سنجنى من وراء تنظيم الوفود السياحية من كل بقاع الأرض لمشاهدة هذه الأنواع العجيبة من مخلوقات الله ،لكن للأسف فقد هلك عدد كبيرمنهم قبل استنساخهم أو تحنيطهم ، وكان أول من هلك من هذه السلالة طاووس العراق صدام حسين الذى دوخ الأمريكان ولاعب الوكالة الذرية وسحل الأكراد وغزا الكويت وأباح لجنوده أموالها ونساءها ، وترفع عن كل نصيحة قدمها له الآخرون ونفش ريشه الملون على العالم مهددا بأنه سينقل الحرب من العراق إلى جميع أنحاء العالم إذا تعرضت بغداد للغزو،ولم يهمد ولم يهدأ له بال إلا بعد أن سلم عاصمة الحضارة العربية بشكل عبقرى فذ إلى يد الأمريكان والصهاينة يفعلوا بها ما يريدون فقط مقابل بضعة صواريخ سكود أطلقها على إسرائيل صنعت بالكاد عددا من الحفر لعب فيها أطفال إسرائيل التى كسبت من جراء هذه ال سكود أكثر ما خسرت ،وكانت نهايته مخزية عندما أخرجوه من الجحر الذى أختبأ فيه كالفأر طويلا بلحيته وشعره الأشعث ثم قدموه ليشنق صبيحة عيد الأضحى ليعتبر أول زعيم عربى يتحول إلى خروف ،فرحل مشنوقا بعد أن أغرق العراق فى أعماق الضياع أما دب الثلوج الذى حكم مصر فيعد واحدا من أثلج وأبرد حكامها وأتخنهم جلدا فى التاريخ وقد حول البلاد إلى فريزركبير تلائم برودته طبيعته الخاصة بعد أن جمد كل ما فيها من أشكال الحياة وكان لا يتحرك من مكانه حتى لو قامت الدنيا من حوله ولم تقعد.. حتى جاب للمصريين نقطة وأصابهم بالشلل الرباعى ،وبعد 30 سنة وعندما خرج عليه الملايين جاء إلى شعبه يتنحنح ويترجى أن يتركوه ستة أشهر كى يصلح ما أفسده فى ثلاثة عقود فى حين استولى البغبغان المجنون فى الجماهيرية الليبية على الحكم بعد انقلاب عسكرى فحكم أربعة عقود متصلة فعل فيها ما لا يخطر على بال الخنازير فأحاط نفسه بحراسات خاصة من النساء من كل جنس ولون ،وتخيل أنه ملك ملوك القارة وهلفط كثيرا بكلام غير مفهوم عن دولة إسراطين وعن ليبيا التى تقود العالم وأنفق المليارات من أموال بلاده على التعويضات والصفقات المشبوهة وترك ليبيا مرتعا لأبنائه يعيثون فيها فسادا حتى صارأضحوكة أهل زمانه ،وبلياتشو الحكام العرب وملك ملوك الخزعبلات وقد سلك سلوك أخيه صدام وهدد وتوعد وقاتل شعبه زنجة زنجة وشبر شبر حتى لاقى مصير صدام فأخرجوة من كوة ماسورة مجارى أختبأ فيها من الجرذان فى الصحراء ..وقد تمدد هو وابنه المعتصم جثتين على البلاط بعد أن أشبعه الثوار إهانة وضرب بالأحذية والشلاليت ..أما قط اليمن فقد أثبت فعلا أنه بسبعة أرواح وقد تحول إلى عفريت بعد أن أكلت النار من جلده وشبعت ورغم ذلك مازال يراوغ ويلف ويدور حتى أرهق جميع المفاوضين وقرف الوسطاء من الشرق والغرب ويبدو أن لديه النية للمضى فى هذا الاتجاه حتى يقوم بواجبه كاملا فى إحراق اليمن وتركها لتمزقها الحرب الأهلية بين القبائل أما بشار حفيد عائلات الزراف الذى نسب بالخطأ إلى جنس الأسود فيعد بحق مفاجأة الربيع العربى بعد أن تحول إلى أخطبوط تطال يده كل مدينة أوقرية تندلع فيها الاحتجاجات أو تظهر عليها علامات الثورة ليقضى عليها الطبيب الوديع الذى لم يكن أبدا مرشحا فى حياة والده لأى دور سياسى ثم دفعته الأقدار إلى سدة الحكم مرة واحدة، هكذا تحول وجه بشار من بيبى فيس إلى وجه أمنا الغولة وصار يجرى وراء شعبه فى الشوارع والحارات والأزقة ويقتله قتلا فى الساحات والميادين مقتفى أثر القذافى ومكررا سيرة سيدى صدام حسين حتى أنه أعلن عن قدرته على إحراق المنطقة بأكملها وتعريضها إلى زلزال عسكرى بالتعاون مع حزب الله وإيران وإشعال حقول النفط الخليجية وضرب البوارج الأمريكية ونقل مئات الصواريخ إلى الجولان لضرب إسرائيل ،وقد قال بهذا الكلام ذاته من قبل صدام ثم أخرجوه من جحرطوله متر ×متر فإلى أين يقود بشار وطنه وشعبه ولماذا مادام هو قادر إلى هذا الحد على قلب موازين المنطقة وتدميرها وإشاعة الفوضى فيها وإصابتها بزلزال سورى مدمر لم نرأية كرامة من كرامات سيدى بشار بن حافظ الأسد على عدوه الذى جثم فوق صدر الجولان منذ أمد بعيد ؟! أم أن هؤلاء الزعماء الذين يعيشون طوال حياتهم ككتاكيت يتذكرون فجأة فى أيامهم الأخيرة أنهم أسود أولاد أسود فيستأسدون أول ما يستأسدون على شعوبهم التى تحملت هوانهم وضعفهم وذلهم وخنوعهم لسنوات طويلة ثم لما قاموا قومتهم من أجل رشفة من عزة أو كرامة كان مصيرهم التقتيل والذبح والتمثيل بجثثهم . "مصر ليست تونس "قالها النظام فى مصر ثم سقط ، " ليبيا ليست مصر " قالها العقيد المجنون ثم هلك ، فهل فهم بشار أو عبد الله صالح شيئا ؟! أشك ..إنهم يسيرون على الطريق نحونهايتهم جميعا بل لن يتوقف الأمر عند سوريا أو اليمن بعد ماجرى فى تونس ومصر وليبيا ولسوف تندلع الثورات فى أقطار أخرى تنتظرشعوبها دورها فى التفتح ومنها الجزائرمثلا التى أتوقع لها الكثير فضلا عن دول أخرى فى الخليج لكن الأهم من ذلك فى نظرى أن نسارع إلى اتخاذ الاجراءات اللازمة للحفاظ على ما تبقى من تلك السلالات النادرة من الرجال المهابيل الذين حكموا العرب ..وأن نجمع كل ما يمكننا عمن هلك منهم لنصنع بها حكايات يتسلى بها أطفالنا فى المستقبل.