في ضوء مؤتمر"المتغيرات الإقليمية الراهنة ومستقبل العالم العربي" لمشروع منبر الحرية المنعقد في فندق فلامينكو بالقاهرة تحدثت د.آمال قرامي أستاذة التعليم العالي بكلية الآداب والإنسانيات جامعة منوبة بالجمهورية التونسية " للدستور الأصلي" مساء أمس عن كيفية كتابة التاريخ في البلدان العربية التي قامت بها الثورات سواء في مصر وتونس وعن دور النساء في كتابة التاريخ المعاصر. حيث قالت آمال قرامي أن الشرط الأول لكتابة التاريخ هو وجود مسافة زمنية بين تاريخ وقوع حدوثه وبين الكتابة عنه لتمكن الانتهاء من الأحداث واكتمالها والقدرة على تحليلها والتثبت من الشهادات والمقارنة بين الوثائق والتدقيق التاريخي لها، إلى جانب اختيار المنهج المناسب لتسجيل تلك الأحداث مثل منهج التاريخ الاجتماعي ومنهج تاريخ المهمشين ومنهج تاريخ العوام، مشيرة إلى أنه عند تسجيل الأحداث الخاصة بثورة مصر وتونس يجب تسجيل شهادات الشعب وردود أفعاله ومعرفة تأملاته حيث كان دائما التاريخ يكتب عن الملوك والسلاطين وتصوير حياتهم والحالة التي كانوا يعيشون بها دون تسليط الضوء على اهتمامات الشارع العربي ورؤيته، إضافة إلى الاعتماد على منهج التاريخ الشفوي الذي يعتمد على الشهادات من مختلف الشرائح، فلابد من الاستماع إلى البائعات في الشوارع والناس في الشوارع الخلفية ليصفوا تأثير الحالة الثورية على الشوارع الضيقة وكيف نمت إلى مسامعهم وأعينهم. وأشارت أنه يجب دمج المرأة في كتابة التاريخ لأن من يقوم بكتابته هم الرجال، فيبقى التاريخ ذكوري يركز على منظور يحقق مصلحة الرجال، رغم أن هناك أخبار معبرة عن النساء. وعلقت الباحثة عن كم الإصدارات الكتابية المتحدثة عن الثورة المصرية والتونسية في المرحلة الحالية، قائلة أن هناك كتب تتضمن مقالات تحليلة تتحدث عن تدهور الأحداث قبل الثورة فأضافوا عليها مقالات جديدة عن الثورة فهي كتب جاهزة من قبل، وهناك من أصدر كتب مستغلة طبيعة الحدث لكنها تصبح كتب تجارية لأنها ستحمل في محتواها الكثير من التناقضات، وهناك كتب تتضمن أوراق يومية للثورة وكتب للمدونيين، وهناك كتب أخذت البعد الزمني لقراءة التاريخ والأحداث. واستوضحت الباحثة أنه عند تأريخ الثورة المصرية والتونسية يجب ألا تعتمد على تسجيل الأحداث من وجهة نظر الكاتب ووفق مصالحه، فهو يجب أن نشرك شباب الثورة في كتابة تاريخ الثورة المصرية والتونسية لأنهم هم من صنعوها وشاركوا بها وستصبح كتب بها العديد من الرؤى الاجتماعية القادرة على الفهم والتحليل، نوهت الباحثة أن أهم ما يميز الثورتين، أنهم خلعوا الرؤساء في وقت به قدر كبير من الحريات وضمان لحرية الرأي والتعبير والنشر وسيسمح لعدد كبير ممن كانوا مقربين من النظام السابق أن يدلوا بشهادتهم وأخبارهم عن معايشاتهم للنظام، مشيرة أن ممن شهدوا ضد مبارك من الشخصيات السياسية والتي قربت منه لفترات أنهم ليسوا بالخونة لكنهم خرجوا من مرحلة الصمت إلى مرحلة الكلام فيجب ألا نكون مثاليين في الحكم على الأمور. واستنكرت في ذات الوقت مايقوم به الإعلام المصري والتونسي من التحدث عن حياة مبارك وكيف كان يأكل ويلبس ويتحدث إلى خادمي القصر لأن هذه تعتبر شهادات ليست في محلها فهي تهدف للإثارة الغير مفيدة في السياق التاريخي سوا تحميل الناس ضد مبارك وسرعة الحكم عليه والإصرار على سرعة محاكمته، وقالت أنه يجب الآن على الإعلام التحدث عن قضايا المهمشين الذين تجاهلهم النظام لسنوات ولابد من تعريف المجتمع بهم وسماع صوتهم وآرائهم فهم أناس مثل باقي البشر لكن النظام تجاهل حقوقهم فتحولوا إلى أقلية مهمشة، محذرة من الاستمرار في تجاهلهم لأنهم من الممكن أن يكونوا خطرا على الثورات مهددين استقرار البلد، فلا يمكن استبعاد أن أحداث الشغب أمام السفارة قاموا بها بعض من تجاهلهم النظام السابق وهمش حقوقهم ، وأشارت أنه يجب على الحكومات القادمة في مرحلة ما بعد الانتقال ان تدمج ملف المهمشين ضمن أولوية ملفات الوزارات وحتى لاتلعب بهم الأحزاب في كسب الانتخابات وشراء أصواتهم وبالتالي لم تنجح الثورات التي قامت في البلدان العربية، لأن بذلك ستكون الأحزاب تتعامل معهم على أساس أنهم أرقام تريد شراء أصواتهم وبالتالي لم تنجح الثورة في الحفاظ على كرامة المواطن وعدم التعامل معهم على أنهم رقم .