أثارت الأحداث الحالية حفيظة عدد من الإعلاميين والحقوقيين، خاصة بعد السيناريوهات التي بدت واضحة، من حملات تكميم الأفواه، والتشويش على الإعلام والصحافة، الأحداث إبتدت منذ التضييق علي الإعلامية "دينا عبد الرحمن" ووقف بث برنامجها على قناة دريم، ثم قرار وقف بث المحاكمات والذي بدأ بوقف بث المحاكمة التاريخية للرئيس المخلوع، ثم وقف بث محاكمة المتهمين بموقعة الجمل. وبعد قرار منع إصدار تراخيص للفضائيات، قامت أجهزة الأمن المصرية بمداهمة مكتب قناة الجزيرة مباشر مصر، ومصادرة جهاز البث، كل هذ الأحداث المختلفة أدت إلى غضب بين الوسط الإعلامي والحقوقي ،والذين إعتبروها تكرار لسياسات النظام البائد، وغياب للشفافية. قالت الإعلامية "جميلة إسماعيل" : "أن أسامة هيكل وزير الإعلام أعاد سياسيات النظام البائد، والتي تصورنا أنها رحلت برحيل صفوت الشريف وأنس الفقي، مبررا أن الحجج والأسباب التي يتبعها للإغلاق القنوات ومنع منح التراخيص للقنوات الجديدة، تؤدي إلى إعلام غير منفلت "حسب وجهة نظره"، وهو ما رأيناه في الوجبة الإعلامية "غير المنفلتة" التي رأيناها الجمعة الماضية، والتي قامت فيها كل الوسائل الحكومية بتجاهل مظاهرات التحرير، والمسيرات التي أتت إلى الميدان من جميع شوراع القاهرة، واكتفت بنقل عيد الفلاح الرسمي من إستاد القاهرة". وأضافت جميلة أن هيكل إستطاع أن يعيد الإعلام الحكومي مرة أخرى، إلى كونه مغناطيسا ينجذب إلى السلطة، والصوت السلطوي أيا كان صاحبه أو رمزه. وقال المحامي والناشط الحقوقي "نجاد البرعي" : "أن المجلس العسكري الآن فى حوار بمفرده ونحن نواجهه، لكن بدون فائدة، نحن فى وضع لابد من التحالف لمواجهته والتصدي له وألا سنكون جميعا داخل السجون، مؤكدا أن أسوء مخاوفنا قد تحققت، وهي التعرض لأزمات تذكرنا بأزمات عصر مبارك، عصر تكميم الأفواه، مضيفا أن الحل الوحيد هو إجراء الإنتخابات فى أسرع وقت". أما "محمد فائق" - رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان – قال : "أن وقف بث محاكمة مبارك وجلسة موقعة الجمل وأخيرا إغلاق مكتب الجزيرة، من الممكن أن يكون له تداعيات ولابد من وقفة جادة"، واصفا الموقف بالخطير للغاية، مشيرا إلى أن فكرة إلغاء القنوات سيترتب عليه تهرب القنوات من طلب البث وبالتالي يتم الإغلاق على أنفسنا بدل من الانفتاح وتداول المعلومات بشكل أسهل. وأشار فائق إلى أن المجلس القومي لحقوق الإنسان سيجتمع لدارسة هذا الأمر والوقوف على أسبابه الحقيقية. واعتبرت الإعلامية "بثينة كامل"- والمرشحة المحتملة للرئاسة - أن ما يحدث ما هو إلا مؤامرة أكبر من الإعلام، موضحة أن المؤامرة ليست من العسكر فقط، وإنما بالاتفاق مع مجموعة من الإعلاميين والمثقفين، مشيرة إلى الهجوم الذي تم علي منظمات المجتمع المدني، موضحة أن المخطط الرئيسي هو إستمرار حكم العسكر، مثلما حدث بعد ثورة يوليو، مدللة على ذلك بحملة تكميم الأفواه، والقبض على الثوار، ثم غلق القنوات. قال "سعيد عبدالحافظ" - مدير ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الانسان - : "أننا توقعنا قيود على حرية الإعلام والرأى والصحافة منذ قرار الحكومة بإعادة منصب وزير الإعلام،وبعد المطالب الجماهيرية التي طالبت بإلغاءه"، واصف وقف تصاريح بث قنوات جديدة إلى جانب الحملة الإعلامية ضد منظمات المجتمع المدني، ووقف بث قناة الجزيره، وإقتحام مكتبها، ما هو إلا عودة للسياسات السابقة، مؤكدا على أن هناك موقف معادي من قبل الحكومة الحالية لحرية الإعلام والصحافة الذي يعلم الجميع أنها تلعب دورا مهما فى مرحلة الإنتقال الديمقراطي. وأضاف "عبد الحافظ" أنه من الضروري أن تقوم الجماعة الصحفية والإعلامية وأن تمارس حقها فى تداول المعلومات وحرية الحصول عليها ونقلها دون قيود، بجانب أن يقوم المجتمع المدني بدوره في الدفاع عن الإعلام وبأن يسمح له بأداء رسالته وتوعية المواطنين بأهمية دور الإعلام فى مختلف مشكلات المجتمع والسعي لحلها من خلال وسائل الإعلام المختلفة. من جانبها أدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان - في بيان لها - قيام أجهزة الأمن المصرية بمداهمة مكتب قناة الجزيرة مباشر مصر، ومصادرة جهاز البث واعتقال مهندس فني يعمل بالقناة دون وجود إذن من النيابة، بزعم إن القناة تعمل بدون ترخيص. وأضافت الشبكة أن تلك الأحداث ما هي إلا استمرار السلطات التي تدير شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية في إتخاذ تدابير تعد إلتفافا علي مكتسبات الثورة، وتقيد الحريات العامة، خاصة الحق في حرية التعبير. وأكد البيان أن كل هذه الإجراءات والتدابير المليئة بالتخبط التي تصدرها السلطات المؤقتة كل يوم لاسيما وإنها تتم بنفس الأساليب التي كان يستخدمها نظام مبارك البائد، والتي باتت تثير الشك في المنحى الديمقراطي الذي كنا نأمل فيه.