كان معاه 20900 جنيه.. "اهل مصر" تنشر اعترافات أحد سماسرة الأصوات بقنا    رئيس جامعة حلوان: منتدى اتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية منصة لتبادل الخبرات    سعر السمك اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    اسعار الذهب اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025    سؤال في النواب بشأن آليات مواجهة مافيا الأسمدة ودعم صغار المزارعين    أسعار الدولار اليوم في البنوك اليوم الثلاثاء 7ديسمبر 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025    وفد "مصنعي الآلات الألمانية" يبحث مع "الملابس الجاهزة" تطورات معرض Texprocess 2026    هاتفيا .. وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيرانى تطورات الملف النووى الإيرانى    المبعوث الأمريكي يعلن رسميًا: لا تدخل بري في أوكرانيا.. وروسيا تُدمّر 77 مُسيّرة    الجيشان الصينى والروسى يجريان ثالث تدريب مشترك لاعتراض الصواريخ    مصرع 25 شخصا في حريق اندلع بملهى ليلي بولاية جوا الهندية    محمد صلاح يقود جبهة الإطاحة بسلوت في ليفربول    حصيلة أهداف كأس العرب 2025 بعد الجولة الثانية    إخلاء سبيل عاطل متهم بالاعتداء على كلب بالضرب المبرح فى السلام    الأرصاد الجوية : انخفاض بالحرارة اليوم وأمطار وشبورة والعظمى بالقاهرة 20 والصغرى 12    نظر محاكمة 9 متهمين بقضية خلية داعش عين شمس اليوم    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق ب6 أكتوبر    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    د.حماد عبدالله يكتب: وما نيلُ المطالب بالتمنى !!    آداب عين شمس تنظم دورات تدريبية للشباب الجامعي المقبل على الزواج    طقس اليوم الأحد أوروبي بامتياز.. نزول حاد في درجات الحرارة    اليمن.. الانتقالي الجنوبي يعلن اعتصاما مفتوحا في حضرموت للمطالبة بالانفصال    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 7 ديسمبر    الجزائر.. 9 قتلى و10 جرحى في حادث مرور مروع بولاية بني عباس    حبس المتهمين بسرقة مشغولات فضية من مخزن في القاهرة    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    ضائقة مالية تجبر مخرج "العراب والقيامة الآن" على بيع ثاني ساعاته النادرة ب 10 ملايين دولار    ارتفاع عدد قتلى انفجار بولاية ميتشواكان غربي المكسيك إلى 3 أشخاص    أقرأ تختتم دوراتها الأولى بتتويج نسرين أبولويفة بلقب «قارئ العام»    رانيا علواني: ما حدث في واقعة الطفل يوسف تقصير.. والسيفتي أولى من أي شيء    تحذيرهام: «علاج الأنيميا قبل الحمل ضرورة لحماية طفلك»    رحمة حسن تكشف عن خطأ طبي يهددها بعاهة دائمة ويبعدها عن الأضواء (صورة)    جامعة كفر الشيخ تنظم مسابقتي «المراسل التلفزيوني» و«الأفلام القصيرة» لاكتشاف المواهب| صور    زيادة المعاشات ودمغة المحاماة.. ننشر النتائج الرسمية للجمعية العمومية لنقابة المحامين    «الصحة» توضح: لماذا يزداد جفاف العين بالشتاء؟.. ونصائح بسيطة لحماية عينيك    وزير الاتصالات: رواتب العمل الحر في التكنولوجيا قد تصل ل100 ألف دولار.. والمستقبل لمن يطوّر مهاراته    محسن صالح: توقيت فرح أحمد حمدى غلط.. والزواج يحتاج ابتعاد 6 أشهر عن الملاعب    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء مركز إصلاح وتأهيل عن الطعام لتعرضهم للانتهاكاتً    الإمام الأكبر يوجِّه بترميم 100 أسطوانة نادرة «لم تُذع من قبل»للشيخ محمد رفعت    أصل الحكاية| ملامح من زمنٍ بعيد.. رأس فتاة تكشف جمال النحت الخشبي بالدولة الوسطى    أصل الحكاية| «أمنحتب الثالث» ووالدته يعودان إلى الحياة عبر سحر التكنولوجيا    المشدد 3 سنوات لشاب لإتجاره في الحشيش وحيازة سلاح أبيض بالخصوص    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    هشام نصر: هذا موقفنا بشأن الأرض البديلة.. وأوشكنا على تأسيس شركة الكرة    آخر مباراة ل ألبا وبوسكيتس أمام مولر.. إنتر ميامي بطل الدوري الأمريكي لأول مرة في تاريخه    اللجنة القضائية المشرفة على الجمعية العمومية لنقابة المحامين تعلن الموافقة على زيادة المعاشات ورفض الميزانية    نشرة الرياضة ½ الليل| رد صلاح.. رسالة شيكابالا.. مصير مصر.. مستحقات بنتايج.. وتعطل بيراميدز    عمرو أديب بعد تعادل المنتخب مع الإمارات: "هنفضل عايشين في حسبة برمة"    نقيب المسعفين: السيارة وصلت السباح يوسف خلال 4 دقائق للمستشفى    محمد متولي: موقف الزمالك سليم في أزمة بنتايج وليس من حقه فسخ العقد    الحق قدم| مرتبات تبدأ من 13 ألف جنيه.. التخصصات المطلوبة ل 1000 وظيفة بالضبعة النووية    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ يتفقد مستشفى دسوق العام    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. حسين عبد البصير يكتب: عيد الحب فى بلتيمور
نشر في الدستور الأصلي يوم 12 - 09 - 2011

فى الصباح الباكر، كعادته دائما، ترك كريم فهمى البحيرى شقته الفخمة فى ضاحية توسون الخاصة بالأثرياء، شمال مدينة بلتيمور، والتى يسكن فيها منذ أن جاء للدراسة فى قسم العلوم السياسية بجامعة جونز هوبكنز، متجها إلى مقر الجامعة الرئيسى المعروف ب"الهووم وود". كان الثلج يملأ الشوارع فى ذلك اليوم، وكان بالمصادفة يوم عيد الحب: الرابع عشر من فبراير. كان اللون الأبيض يسيطر على المشهد تماما ويبعث فى النفس السرور ويثير المشاعر ويلهب الأحاسيس. أحس كريم أن مدينة بلتيمور سوف تكون فى غاية السعادة فى ذلك اليوم، وأنها سوف تحتفل بنغمات وأغنيات وأشعار الحب الرومانسية والحسية على إيقاع ودفقات الثلوج المتساقطة على أرضيات الشوارع وأسطح البيوت وحدائقها الأمامية والخلفية وعلى الحدائق العامة والأرصفة والأشجار، خصوصا أن الثلج لا يتوقف عن الهطول على مدينة بلتيمور الصغيرة. وأيقن أن ذلك سوف يجعل أهل مدينة بلتيمور وضواحيها يحتفلون بالحب فى ذلك اليوم بمنتهى السعادة بسبب انهمار الثلج المتواصل الذى يشجع تسقاطه على الدخول إلى دنيا الحب والولوج إلى عالم المتعة اللانهائى؛ وأيضا لأن أهل بلتيمور يحبون الثلج كثيرا ويبتهجون لسقوطه ويشتاقون إلى وجوده ويحنون لمنظره وهو يملأ شوارع مدينتهم الجميلة من العام للعام. لقد كان الثلج كثيفا للغاية فى الشوارع ووصل إلى حوالى خمس أو ست بوصات.
عرف كريم أنه ليس هناك دراسة بالجامعة إلى الآن، فتعجب، ثم أكد لنفسه أن ذلك اليوم يعتبر يوما تاريخيا، وليس تاريخيا كوصف كل زيارة يقوم بها الرئيس المصرى حسنى مبارك إلى أية مدينة أو دولة كبيرة أو صغيرة فى أية منطقة من العالم؛ تاريخى لماذا؟ لأن ذلك اليوم ربما يعد من المرات القليلة فى تاريخ جامعة جونز هوبكنزالتى تعلن فيها الجامعة عن تأخير الدراسة إلى حوالى العاشرة والنصف صباحا؛ فكل شىء فى هوبكنز يسير بانضباط كالساعة. لم يكلف كريم أن يسأل نفسه وهو فى طريقه إلى الجامعة إن كانت سوف تنتظم الدراسة فى الجامعة فى ذلك أم لا؛ لأنه يعلم أن الدراسة منتظمة فى هوبكنز باستمرار ولا تغلق الجامعة أبوابها، كما يقال عادة فى مصر على الجامعات وغيرها من مؤسسات الدولة العتيقة، إن كانت لها أبواب، مع العلم أن جامعة هوبكنز ليس لها أسوار أو حتى أبواب مغلقة ولا حتى حرس جامعى مثل الموجود فى مصر، أم الدنيا، الذى يمنع دبة النملة من الدخول أو الخروج، بل إن حرس هوبكنز غير مسلح على الإطلاق ودوره يقتصر فقط على تأمين المنشآت والأساتذة والعاملين والطلبة، عند الضرورة، وعلى الرغم من أن أغلب حرس هوبكنز جاء من رجال البوليس السابقين، فإنهم يتعاملون مع الجميع بطريقة ودية وفى منتهى التعاون والمساعدة والحب والرقى والاحترام.
فى تمام العاشرة والنصف صباحا، أعلنت الجامعة أنه لا دراسة بالجامعة طوال ذلك اليوم. أحس كريم أنه أخذ مقلبا كبيرا؛ فأين يذهب وماذا يفعل فى هذا الوقت المبكر من اليوم؟! شعر بالملل، فذلك اليوم من أعياد الحب التى مرت به، خصوصا فى الولايات الأمريكية، يبدأ مبكرا، على عكس العادة، وتلك المرة لم يشتر هدية لحبيبته بعد. أخذ يتسكع فى الشوارع المحيطة بالجامعة لا يعرف ماذا يفعل. كان متواعدا مع حبيبته جليلة الغنام، التى تدرس العلوم السياسية والعلاقات الدولية فى مرحلة الليسانس فى هوبكنز، ابنة رجال الأعمال المصرى الأمريكى المعروف ممدوح الغنام، والتى يدلعها كريم، عندما يكون راضيا عنها، ب"جلجلة"، على قضاء عيد الحب معا بعد انتهاء الدراسة بالجامعة فى ذلك اليوم، غير أن القدر غير خططه فى ذلك اليوم، فلم يغضب بل اعتقد أن القدر ربما يكون قد ادخر له مكافأة فى ذلك اليوم وهو أن يقضى اليوم بطوله مع حبيبة القلب، جلجلة، فى شقتها المجاورة للجامعة فى شارع سان بول.
أدهشه منزل الثلج الذى كان كثيفا جدا ورأى السيارات تسير ببطء، وشاهد بنتا تجرى مع كلبها الأليف فى نزهة فوق الثلج المتساقط كنتف القطن البيضاء. ولمح رجلا يتزلج على الجليد فى مساحة صغيرة، غطاها الثلج كلية، من حديقة عامة للأطفال، بالقرب من تقاطع شارع نورث تشارلز مع شارع 29. وأخذ يتابع عجلات السيارات المتلهفة للقاء العشاق والعشيقات التى تدوس فى طريقها الثلج، فأحالت لون الثلج الأبيض إلى لون غامق يميل إلى الاسمرار نوعا ما. وبينما كريم سائر لا يعرف ماذا يفعل، سار أمامه فتى صينى طويل، فترك كريم له الرصيف الممتلىء بالثلج إلى نهر الشارع الضيق الخالى من الثلج بفعل عجلات السيارات المتتالية التى رمت بالثلج بعيدا عن أرضية الشارع فوق الرصيف الجانبى الملاصق للجانب الغربى من شارع نورث تشارلز بالقرب من الحديقة العامة.
قرر كريم أن يتجول بالجامعة بعض الوقت؛ لأنه يعلم أن جلجلة لا تصحو مبكرا، خصوصا أنها قد تكون عرفت بتأخر الدراسة أو بإلغائها فى ذلك اليوم، وهى لا تأتى عادة إلى الجامعة كثيرا وتذهب إلى زيارة أمها الأمريكية المقيمة فى مدينة نيويورك وقضاء العطلات معها، خصوصا عطلة نهاية الأسبوع. شاهد عمال الجامعة منهمكين فى تنظيف ممرات المشاة داخل الجامعة. كانت هناك سيارات ذات جرافات تزيح الثلج جانبا وترش الملح من ماكينات معلقة خلف تلك السيارات. وكان هناك أيضا عدد من العمال الأمريكان ذوى الأصول الأفريقية يزيح الثلج الكثيف فى الممرات بماكينات صغيرة تسحب الثلج إلى أعلى وتلقى به على الجانب. ويسير خلفهم عدد آخر من نفس العمال يدفع بما بقى من الثلج خارج الممرات، بينما بقيت قطع ثلجية مثل الزجاج الشفاف على أرضية الممرات قد تشكل خطورة للمشاة.
ذهب إلى مبنى الذى يوجد به قسم العلوم السياسية ليرى إن كانت قد وصلت إليه أية رسائل من شخص أو جهة ما. وجد القسم مغلقا. أدخل مفتاحه فى الباب. راجع صندوقه البريدى فلم يجد شيئا. سار ببطء وهو خارج من المبنى. قابل بعض الطلبة.
تذكر كريم سؤالا قد سألته له إحدى الطالبات الأمريكيات فى إحدى الفصول الدراسية التى كان يعمل معيدا بها:
-هل تحتفلون بعيد الحب فى البلاد العربية؟
فأجابها:
-بعض الدول العربية تحتفل به، والبعض لا يحتفل به. وهو غالبا احتفال رومانسى، وليس جنسيا كما هو هنا فى أمريكا. ففى مصر، على سبيل المثال، يخرج العشاق والعاشقات ويتنزهون على شاطىء النيل فى جلسة عاطفية جميلة.
فردت الطالبة على الفور راغبة ومرحبة وفى إشارة ذات مغزى:
-إننا نريد الحب المصرى هنا فى أمريكا.
خرج كريم من الجامعة قاصدا المحلات التجارية فى شارع سان بول كى يشترى هدية ما لحيبيته جلجلة. وبالفعل اشترى لها شيئا مناسبا يعلم أنها تحبه كثيرا وقرر أن يكون أول من يصافح وجهها الجميل فى ذلك اليوم، فتوجه على الفور إلى شقتها ووقف أمام باب شقتها بينما يده تضغط على الجرس. كان قلبه يدق بشدة من كثرة شوقه لرؤية حيبيته التى لم يره منذ يوم واحد وعده وكأنه عام بطوله. دون شك سوف تكون مفاجأة سعيدة لها. انفتح الباب وأطل منه وجه جلجلة الجميل مرحبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.